الانتقال من مكان عمل لآخر.. بين الحنين والطموح

ينصح سريوي الموظف المقبل على عمل جديد بأن يحرص دوماً على أن يكون الانطباع الأول هو الحسن - (أرشيفية)
ينصح سريوي الموظف المقبل على عمل جديد بأن يحرص دوماً على أن يكون الانطباع الأول هو الحسن - (أرشيفية)

منى أبو صبح

عمان- "أصدقائي الأعزاء.. أود أن أعلمكم بأني سأنتقل لعمل جديد الأسبوع المقبل.. أتمنى من كل قلبي أن يستمر التواصل بيننا كأصدقاء جمعهم حب العمل والوفاء"، رسالة نصية عبر "واتساب" أرسلتها الموظفة رنيم في إحدى الشركات لزميلاتها وزملائها في مكان العمل وخارجه.اضافة اعلان
تقول رنيم: "بعد مرور 8 سنوات من العمل في المكان ذاته، لا بد أن يشعر الإنسان بالحزن والكآبة الشديدين عند اضطراره لتقديم استقالته، خصوصا أن هناك أياما جميلة قضاها برفقة زملاء عرفهم وعرفوه جيدا.. لكنه بلا شك يسعى إلى التواصل معهم حتى وإن ترك العمل".
وتذكر رنيم أسباب تركها العمل والانتقال لآخر، قائلة: "للأسف الشعور بعدم الأمان الوظيفي، عدم التقدير، الترفيعات البطيئة، الراتب قليل مقابل الجهد.. جميعها أسباب أسهمت في بحثي عن عمل آخر والانتقال إليه، أما شعور الانتقال للعمل الجديد فيبقى التوتر سيد الموقف".
يلجأ العديد من الموظفين لتقديم استقالاتهم من عملهم بعد قضائهم مدة زمنية ليست بالقصيرة، وفي الوقت ذاته ينتقلون لشركة أو مؤسسة أخرى، وتتعدد أسبابهم في ذلك منها، عدم التقدم في العمل، عدم الحصول على زيادات أو علاوات، غياب التوجيه والتدريب، عدم التقدير والاحترام، التوتر وعدم الاستقرار الوظيفي، عدم المشاركة في صنع القرار وغيرها.
وبالتالي، فإن العمل الجديد يعد محطة جديدة في حياتهم قد تحمل مزايا أفضل تلائم تطلعاتهم وطموحهم، ومع ذلك يبقى الحنين للمكان الذي قضى به الموظف سنوات عدة مع زملائه وأصدقائه.
وكذلك حال الموظف عادل البكري الذي أقبل على تقديم استقالته، بعد بحث متواصل عن عمل آخر دام أكثر من عام ونصف، في حين أنه ما يزال على رأس عمله.
يؤكد البكري بقوله: "أعمل في إحدى الشركات المختصة بشبكات الحاسوب، وأحب عملي جدا، وأسعى دائما للتطوير، والشركة الجديدة التي انتقلت لها مجال عملها أوسع، ويزيد المعرفة والخبرة، وامتيازاتها أفضل، وعليه أنا متحمس للعمل بها".
المكان دائما له أثر نفسي على الشخص، كما يشير اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، فهو يكون قد اعتاد عليه، كون صداقات، وخصوصا عندما يكون له مدة طويلة من الزمن في ذلك العمل، هذا يشكل حالة من العلاقة بين المكان والإنسان، وبالتالي بحكم المكان يصبح له علاقات وصداقات، وأمان وكثير من الأشياء.
لكن الإنسان المتطور الذي يبحث عن الذات والتطور، كما يقول، يقوم باستغلال الفرصة عندما تتاح له، وبالتالي الانتقال إلى مكان آخر لغايات تطوير الذات بشكل أكثر إيجابية، ولتلبية طموحه وأحلامه، تستطيع هذه الأحلام أن تتغلب على هذا الحنين.
ويضيف "ومع هذا يبقى هناك حنين داخلي للمكان والأصدقاء، لكن انعكاسات الانتقال أو هذا التغير إيجابية على النفس البشرية، فالمرء يشعر من خلاله بالتفوق والتطور، وهذا لا يفقد المكان بداخله والناس الموجودين فيه، بحيث إنه مع الزمن يلتزم مع المكان الآخر ويصبح المكان الآمن له".
دائما الانتقال من مرحلة لأخرى فيه صعوبة بادئ الأمر، وفق مطارنة، لكنها تتحول إلى إيجابية والشعور بالسعادة والرضا عن النفس بتطويرها وجني ثمار التعب والجهد والمعرفة.
ويؤكد أن الإنسان الناجح هو الذي يتولد لديه الطموح دائما، ويطور من ذاته إلى الأفضل، فالانتقال من مكان عمل لآخر لا يفقد الحنين للقديم، منوها "عندما يولد الإنسان في قرية وينتقل إلى المدينة لا يفقد الحنين لها ولأشخاصها وذكرياتها، يصبح سعيدا في المكان الجديد كونه حقق طموحه وذاته".
الاستشاري الأسري والتربوي د. أحمد سريوي، يقول: "نحن نقرر يومياً عشرات القرارات، ولا نشعر بها؛ حيث تعد قرارات مبرمجة أي روتينية، مثل: ماذا نأكل؟ ماذا نشرب؟ ماذا نلبس؟، ولكن هناك قرارات غير مبرمجة، وتحتاج الى تفكير وتأنّ ودراسة ومشورة قبل اتخاذ الرأي فيها ومثل ذلك، الانتقال من وظيفة الى أخرى بعد مدة زمنية طويلة قد تزيد على 10 سنوات".
ويبين "في هذه الحالة يكون القرار صعبا وإن كانت الامتيازات كثيرة، وذلك لأن الإنسان بطبيعته الفطرية يسعى للاستقرار والأمان، وهو ما وجده في وظيفة دامت معه سنوات، ومسألة تغييرها والخوض في غمار وظيفة جديدة ليس بالأمر الهين".
وبالتالي يجب على الإنسان دوماً، وفق سريوي، قبل أن يتخذ قرارا مصيريا، أن يدرس المزايا والعيوب ويطرح البدائل للحلول ومن ثم يقيّم هذه البدائل ليختار أفضل بديل منها، ومن ثم يبدأ في عملية تنفيذه ومتابعته والخطوات السابقة هي خطوات اتخاذ القرار عموماً في القرارات المهمة في حياتنا.
ويبين أنه يجب أن يعلم الشخص الذي انتقل إلى وظيفة جديدة، أنه يتحتم عليه بناء علاقات طيبة مع زملائه الجدد، وذلك لا يتأتى إلا بحسن الخلق والدماثة في التعامل وحب التعاون مع الآخرين.
وعليه، ينصح سريوي، الموظف المقبل على عمل جديد، بأن يحرص دوماً على أن يكون الانطباع الأول الذي يأخذ عنه هو الانطباع الحسن، فكثير من الناس لديهم الانطباع الأول هو الأخير، وإن كانت هذه قاعدة خاطئة، ولكنها موجودة بالفعل.
ويضيف "على الموظف أن يحرص على مظهره وأناقته، فهي ترفع من ثقته بنفسه، كما يحرص على أن تكون جلسته ومشيته معتدلة، ألا تكون بطيئة ومتثاقلة، فكل ذلك يؤثر على الثقة بالنفس".