الطوال يحول منزله في مادبا إلى مكتبة لمحبي القراءة

أحمد الشوابكة

مادبا- لعشقه للقراءة والمطالعة، حول رائد الطوال منزله إلى مبادرة "مكتبة الرائد"، تهدف إلى جعل قراءة الكتب واقعا ملموسا خارج الفضاءات المألوفة كالمكتبات العادية، وتشجع الجيل الجديد على اقتناء الكتب والتباحث في القضايا الراهنة. اضافة اعلان
والطوال الذي درس علم "اللاهوت"، أصر أن ينشئ مكتبة في منزله الذي يقبع على طريق ماعين السياحي، والذي شيده والده العام "1982"، ليكون منزلا للعائلة، لكنه؛ استدرك أهمية الفكر والثقافة، ما دعاه الأمر بحسبه إلى الاستدلال على هذا المشروع الثقافي النهضوي الذي سيعيد فيه عشقه إلى الثقافة والإبداع، كونه رساما تشكيليا؛ إضافة إلى أنه يعشق المطالعة والقراءة.
وبدأت فكرة إنشاء المكتبة منذ أكثر من ثمانية أعوام، بحسبه، حيث تحتوي المكتبة على أكثر من 15 ألف كتاب في شتى حقول المعرفة والأدب، وتم الحصول عليها من عدة مصادر، وبعضها تبرعات من مؤسسات رسمية وثقافية، وبعضها الآخر من أفراد.
استخدم الطوال خامات بسيطة لتنفيذ مكتبته، فمن صناديق الخضار والفواكه الخشبية صنع رفوفا متعددة، ونظمها بشكل جيد، وهي متاحة الآن للزوار من كافة شرائح المجتمع للجلوس والقراءة واستعارة الكتب، ضمن ضوابط معينة.
ويدرك الطوال أهمية تحقيق حلمه الذي يراوده منذ الصغر في إنشاء مكتبة على الطراز القديم بمختلف مكوناتها، ليجتمع فيها كافة شرائح المجتمع الباحثين عن العلم والمعرفة، ما دعاه الأمر للإسراع في إنجاز مشروعه الثقافي والإبداعي، حيث سمحت مكتبته لمستخدميها شراء مختلف أنواع الكتب بأسعار تشجيعية.
ويضيف الطوال، أن هذا المشروع الثقافي، نقطة إرتكاز لكل المثقفين في مدينة مادبا التي يخرج من رحمها العديد من المفكرين والمثقفين والمبدعين على مستوى العالم، ولاستمرارية هذه الحالة، مبينا، "كان يتوجب علي أن أكرس هذه المفاهيم الحية إلى أرض الواقع، أن أقدم شيئا أعشقه لهذا العالم الإبداعي، وبدون مقابل، حتى نؤسس سوياً فكرة إعادة بريق المطالعة والقراءة في ظل وجود العولمة الصاخبة التي غيرت مفاهيم كثيرة".
ويقول، "يمكن للباحثين وهواة القراءة والبحث العلمي أن يستفيدوا منها في تنمية ثقافتهم ومعرفتهم دون أن يتكبدوا عناء البحث عن الكتب أو شرائها، خاصة أن الكتاب هذه الأيام لم يعد رخيص الثمن".
ويصر الطوال على إعادة ألق قراءة الكتب وتذليل عقبات اقتنائها ومطالعتها، وفق ما ذكر أن المشروع بدأ يستقطب العديد من المهتمين بالحركة الثقافية والإبداعية في محافظة مادبا وخارجها من الباحثين عن الكتب الفريدة والنوعية".
ويتابع، إضافة إلى الكتب المترجمة من إحدى عشرة لغة عالمية، وهذه كتب نادرة تعود طباعتها إلى أكثر من نصف قرن، ما ساهم باستقطاب الأجانب السياح المقيمين في مدينة مادبا للمجيء إلى المكتبة والاطلاع على كتب للمطالعة وشرائها، والجلوس ساعات طوال، للاستمتاع بجمالية المكان، واحتساء مشروباتهم الساخنة من القهوة والشاي والأعشاب الطبيعية.
ويضيف، "لأنني أعيش في مدينة مادبا، وأعرف كل شيء يقوم على أرضها، كنت دائما أطمح إلى تأسيس مكتبة في هذه المحافظة التي أحب؛ إذ يتواجد فيها مكان واحد لقراءة الكتب أو توفيرها، كما لا يوجد لدى الكثير من السكان ثقافة القراءة، فأحببت أن تكون انطلاقة مشروعي من مدينة مادبا، حتى أستطيع تغيير الناس وثقافتهم من خلال القراءة".
ويؤكد أن تمويل هذه المكتبة بجهد شخصي، خصوصاً وأنه يملك البناء، ويقول، وهذا ساعد في تحقيق حلمي؛ إذ أخذت أفكر بطريقة ما لتمويل هذا المشروع كي يخرج إلى النور وأرى مادبا تلك المدينة التي تقرأ.
ويعتبر المشروع ناجحا لأنه يعزز الثقة بين المستخدمين الذين يقيمون درجة انضباطهم في الاستمتاع بالقراءة وشراء الكتب والجلوس في المكان، بحسب الباحث حنا القنصل، إذ أن هذا المكان ملائم جداً للقراءة ويعطي حافزا لفهم ما يحتويه الكتاب، ويجب دعم هذا المشروع، إضافة إلى تصنيف محتواها من بناء وكتب وجلوس، مؤكدا أن المكان مبهر ومتوهج، ولزوما أن يدعم ليستمر في تقديم الخدمة الفضلى للمثقفين والباحثين عن العلم.
وتفاجأ المحامي اسلام أبو حيدر لما شاهده للوهلة الأولى من محتويات المكتبة من كتب بعدة لغات ومقتنيات تراثية تعود إلى مئات السنين، إذ جلس وهو ينظر إلى محتوى المكتبة وجوانبها بدهشة واستغراب، قائلا بسعادة "هذا المكان رائع، وجميل، ويستحق الزيارة مرة أخرى.
ويؤكد الفنان الجرافيتي خالد الطوالبة، انه لا يقتصر المشروع لأن يجعل القراءة واقعا ملموسا في الحياة اليومية ولكن على شراء الكتب بأسعار رمزية لتحفيزهم على القراءة.