"تراث البدو القضائي- نظريا وعمليا" كتاب جديد للقاضي أبو حسان

غلاف الكتاب-(من المصدر)
غلاف الكتاب-(من المصدر)

عزيزة علي

عمان- من منشورات المفرق مدينة الثقافة الأردنية للعام 2017، صدر عن وزارة الثقافة كتاب "تراث البدو القضائي- نظريا وعمليا"، للقاضي في محكمتي التمييز والعدل العليا سابقا، الدكتور المحامي محمد أبو حسان.اضافة اعلان
يقول أبو حسان "إن هذه هي الطبعة الخامسة من كتاب "تراث البدو القضائي"؛ حيث نفدت الطبعات السابقة التي صدرت في الأعوام 1974-1987-2005-2009"، مبينا أنه حاول تبسيط اللغة لتتمكن الأجيال الجديدة من قراءته وفهمه ولتدرك أهمية الجهود التي بذلها الجدود في صياغة هذه الأعراف وإرساء تلك التقاليد وتطويرها لتساير التغيرات التي حدثت في المجتمع.
وأشار أبو حسان، في مقدمة الطبعة الجديدة للكتاب، إلى إضافات نوعية تعمق فهم التراث العريق وتنير الطريق أمام الدارسين لمعرفة الكيفية التي أدار بها هذا التراث عجلة الحياة في أعماق البادية وأطرافها، في وقت لم يكن للدولة أي وجود حقيقي بين العشائر البدوية، وفي زمن غابت فيه سلطة الدولة ومؤسساتها؛ حيث نهضت بهذه المهمة أعراف البدو وتقاليدهم والتي تمتد جذورها في أعماق التاريخ، وحافظت هذه الأعراف على إيجاد التوازن بين تحقيق العدالة والفرد وتصرفاته وسلوكه من ناحية مع قيم المجتمع وأخلاقياته من ناحية أخرى. الكتاب عبارة عن بحث في القضاء بين البدو، بحسب أبو حسان، وفي الوقت نفسه هو سجل شامل لطريقتهم في الحياة التي شارفت على الزوال، فالكتاب جمع بين منهجي الدراسات القانونية والانثروبولوجية؛ حيث إن القضاء كما ورد في هذا الكتاب، يغطي ميادين الحياة الأساسية المختلفة والمتداخلة التي لا يمكن عزلها عن بعضها بعضا في المجتمع البدوي، وهو يعد مدونة موثقة لحضارة البدو وقاموسا أبجديا لمفردات تلك الحضارة على اعتبار أن التوثيق هو ذاكرة الأمة وسجلها الخالد.
د. هاني العمد كتب مقدمة الطبعة الأولى للكتاب؛ حيث قال "إن علماء الاجتماع أجمعوا على أن العادات الاجتماعية والفولكلور والانثروبولوجيا، هي الدعائم الأولى التي يقوم عليها السلوك الجماعي المتكرر في كل بيئة اجتماعية. وهذا يعني أن تنشأ في كل جماعة من الجماعات طائفة من الأعمال والأفعال والممارسات والإجراءات والطرق التي يمارسها الأفراد لتنظيم أحوالهم وتعبر عن أفكارهم وما يجول في مشاعرهم".
كما أن هذه العادات والتقاليد والأعراف، بحسب العمد، تلعب دورا في ضبط وتحديد منطق الترابط والتعامل بين الأفراد، لا يقل شأنا عن دور القوانين الوضعية، موضحا "إذا اعتبرنا القوانين سلطة المجتمع المكتوبة والموضوعة، فإننا نعتبر العادات والتقاليد سلطته غير المكتوبة ودستوره المحفوظ في الصدور". ويبين العمد أن "تراث البدو القضائي نظريا وعمليا"، تخصص في عادات وتقاليد القضاء البدوي الأردني، ويغطي بالمنهج الوظيفي، الذي تفتقر إليه دراساتنا الاجتماعية والانثروبولوجية، الميادين القضائية البدوية وتفرعاتها الواسعة، في الوقت الذي يرى فيه أبو حسان، ضرورة إخضاع هذا المنهج في بعض الحالات إلى منهج فولكلور سوسيولوجي.
ويوضح العمد، أن المؤلف أخذ المنهج المقارن عندما تكونت لديه القناعة بأن البدو لا يعترفون بوجود حدود سياسية بينهم وبين إخوانهم، وعلى هذا الأساس، فقد أثبتت لنا نظائر للقوانين التي درسها في مضارب البدو غير الأردنيين، الأمر الذي يدعو إلى أن البحث يدخل في عداد الأبحاث عنيت بالدراسة المقارنة للتراث القضائي البدوي.
إذن الكتاب مزدوج الإمتاع الذي يأتي من اضطراد البحث على منهج واحد دقيق، وفيه الإمتاع الفولكلوري الذي يأتي من تنوع مادة التراث الشعبي واتساقها مع ما يعرض له الكتاب، وفق العمد، الذي يبين أن المؤلف أطلعنا على الأهمية الكبرى للعادات القضائية وكيف أنها تتداخل في سائر مناحي الحياة الاجتماعية البدوية، مؤكدا أنها مجموعة من قوانين غير مكتوبة لا تقل شأنا في حياة المجتمع عن القوانين المكتوبة في دستور عام معترف به.