حتى لا نئد القطاع الصناعي

يتجاوز أثر زيادة تعرفة الكهرباء رفع قيمة فاتورة الاستهلاك المنزلي إلى تأثير أكبر يطال الاقتصاد الوطني ومعدلات نموه، وانعكاس ذلك على حجم مشكلتي الفقر والبطالة.

اضافة اعلان

وتهدد زيادات أسعار الكهرباء بمعدلات تتراوح بين 20 و 38 بالمائة خلال الأشهر الماضية القدرة التنافسية لقطاعات الصناعة والسياحة وتضعفها، لا سيما وأن قرار رفع أسعار الكهرباء تزامن مع رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي يضعف أصلا هذه القطاعات.

وساهم رفع الدعم عن المشتقات النفطية بداية 2008 في رفع التكلفة وتراكم الخسائر في قطاعات الصناعة والسياحة وتبع ذلك رفع سعر الغاز البترولي، تلا ذلك رفع تعرفة الكهرباء على شريحة استهلاك القطاع الصناعي بمعدل 50 بالمائة على الصناعات الكبيرة و17 بالمائة على المتوسطة والصغيرة.

صحيح أن زيادة أسعار الكهرباء تضر بصغار المستهلكين لكن أثرها الكبير يكون مضاعفا على قطاعات اقتصادية مهمة مثل الصناعة، والسياحة وتقلل تنافسيتها نتيجة ارتفاع التكلفة عليها.

لا شك أن الحكومة تسرعت في رفع أسعار الكهرباء لاسيما وأن إنتاج 85 بالمائة من توليد الكهرباء في الأردن يتم من خلال محطات التوليد العاملة بالغاز الطبيعي المستورد من مصر بموجب اتفاقية سابقة، بينما يتم توليد 20 بالمائة بالاعتماد على المشتقات النفطية التي تصل كلفتها إلى ما يعادل أربعة أضعاف كلفة استخدام الغاز.

لزيادة الكلف على هذا القطاع الحيوي أثار جسيمة على الاقتصاد المحلي إذ إن ارتفاع أسعار الكهرباء سيؤدي بشكل أو بآخر إلى زيادة نسب الفقر والبطالة، عندما تلجأ هذه القطاعات لتقليل عدد العاملين لديها لتخفيض التكلفة، ما ينعكس سلبيا على معدلات نموه.

والقطاع الصناعي الذي يوفر نحو 250 ألف وظيفة مباشرة ومثلها وظائف غير مباشرة له يعتمد على الاستثمار الخاص في نهاية المطاف واستمراره يعتمد على تحقيق الأرباح. والعديد من المصانع المحلية المتوسطة والكبيرة يعتمد على التصدير لضمان بقائها واستمراريتها.

 

لكن لزيادة الحمل على هذا القطاع نتائج قد لا تبدو مفاجئة للمسؤولين ومنها على سبيل المثال هروب المصانع إلى الخارج ما سيدمر قطاعا مهما ويقعد الكثيرين عن العمل, ويضعف دوران عجلة الاقتصاد بخاصة أن نشاط قطاعات مختلفة منها النقل، التجارة، التخليص، الصيانة، والخدمات يرتبط بالصناعة.

القرارات الحكومية ترهق هذا القطاع وعلى الحكومة الإعلان بصراحة نيتها رفع يدها عن هذا القطاع ليتسنى للمستثمرين فيه وضع خطط مدروسة لنقل استثماراتهم للخارج.

قرار رفع تعرفة الكهرباء الذي دخل حيز التنفيذ منذ أشهر، ويستثني شريحة المشتركين المنزليين الذين لا يزيد استهلاكهم على 160 كيلو واطا ساعة شهرياً، بدعم يبلغ حوالي 70 مليون دينار سنوياً يبدو ضعيف الأثر كون الخبراء يقللون من أثر هذا الاستثناء.

فتشكيك الخبراء يعتمد على أن نسب الاستهلاك التي أعلنتها الحكومة لم تكن واقعية واعتمدت على دراسة قديمة جدا، ولم تراع تطورات الحياة العصرية، بخاصة أن معدل الاستهلاك لأسرة عادية يتجاوز الـ 200 كيلو واط، على الأقل.

المبررات الحكومية لزيادة تعرفة الكهرباء اعتمدت على ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، والآن انخفضت مستويات الأسعار عن مثيلتها في مرحلة ما قبل التحرير ما يستدعي إعادة النظر في أسعار التعرفة الكهربائية حتى لا ينزلق أفراد تحت خط الفقر وتهرب مصانع إلى دول أخرى.

[email protected]