سكان غزة بين فكي العدوان الإسرائيلي وخطر "كورونا"

سيدة فلسطينية تجلس وطفلها على أنقاض منزلهما المهدم جراء ضربات الاحتلال الإسرائيلي الجوية فجر أمس -(أ ف ب)
سيدة فلسطينية تجلس وطفلها على أنقاض منزلهما المهدم جراء ضربات الاحتلال الإسرائيلي الجوية فجر أمس -(أ ف ب)

غزة - الأراضي الفلسطينية - في أحد مراكز الإيواء في وسط قطاع غزة، تقول أم جهاد غباين، وهي واحدة من نحو أربعين ألف فلسطيني فروا من منازلهم جراء القصف الإسرائيلي المكثف، إنها لم تتمكن وأولادها من الاستحمام منذ يوم الجمعة الماضي، وسط مخاوف من تفشي فيروس كورونا في القطاع الذي يشهد منذ أكثر من أسبوع تصعيدا داميا مع العدوان الإسرائيلي.اضافة اعلان
وتضيف أم جهاد (34 عاما) المحاطة بأطفالها الستة، "لم أستحم أنا وأولادي منذ وصلنا هنا الجمعة… المياه تقطع لساعات طويلة والنظافة معدومة".
ولجأ 43 ألف شخص إلى 53 مدرسة فتحتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كمراكز إيواء في قطاع غزة، وفق ما أكد المتحدث باسم المنظمة الأممية في القطاع عدنان أبو حسنة.
في باحة مدرسة ذكور غزة الجديدة حيث تجلس أم جهاد، نصبت حبال الغسيل علقت عليها قطع ملابس مبللة.
وتقول أم جهاد "هربنا من القصف ولم نأخذ شيئا. أخشى العدوى بكورونا، لكنها ستكون أسهل من الصواريخ الإسرائيلية".
ويقاطعها ابنها فؤاد (8 أعوام) الذي تغطي الأتربة قدميه الحافيتين، قائلا "الصواريخ تقتلنا، فيروس كورونا يسبب سعلة وسخونة فقط".
في الجانب الآخر من باحة المدرسة، كانت أم منصور القرم (65 عاما) تبكي بعد تلقيها اتصالا من أحد جيرانها الذي أخبرها أن نصف منزلها تدمر بسبب القصف الإسرائيلي.
وتقول السيدة التي لجأت مع نحو ثلاثين شخصا من عائلتها الى المدرسة هربا من القصف المكثف شرق مدينة غزة "الوضع لا يحتمل، كورونا وحرب معا، لا أحتمل نفسي".
وتشرح القرم أنها باتت تشعر بألم في الكلى لأنها تضطر لتقليل مرات ذهابها إلى الحمام.
وتقول السيدة الستينية إنها ذهبت قبل يومين إلى منزل معارف لها "فقط لأستحم".
خارج إحدى الغرف، يقول سالم العطار (38 عاما) الذي لجأ الى المدرسة مع مائة من أقاربه بعد تدمير منزله بالقصف الاسرائيلي في منطقة العطاطرة في شمال قطاع غزة، "لو أجرت الطواقم الطبية فحص كورونا للموجودين في المدرسة ستجد أن 80 % منهم مصاب".
ويتابع العطار، وهو أب لستة بترت ساقه اليسرى وفقد عينه جراء قصف صاروخي إسرائيلي في العام 2011، "الوضع مأسوي. لو لم يقصف بيتي كنت فضلت الموت فيه أنا وأولادي بصاروخ، على أن نموت هنا بفيروس".
ويحذّر أبو حسنة بدوره من "أن يسبب الازدحام في تحوّل هذه المراكز الى بؤرة لتفشي فيروس كورونا"، مشيرا الى أن أونروا "تقدم مواد التعقيم والإرشادات الصحية والمياه للحول دون وقوع ذلك".
وتحدثت وزارة الصحة في قطاع غزة عن عرقلة الجانب الإسرائيلي دخول ممثلي الصليب الأحمر إلى القطاع.
وطال القصف الإسرائيلي الاثنين الماضي عيادة ومكاتب الهلال الأحمر القطري ومباني وزارة الصحّة في قطاع غزّة والمختبر المركزي المخصص لإجراء فحوص كورونا، وألحقت بها أضراراً وتم الإبلاغ عن وقوع إصابات.
وتوقف عمل المختبر المركزي إثر القصف، على ما أكد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة.
وأوضح القدرة اعتماد الوزارة خطة طوارئ منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة.
وشدد على أن "استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع يهدد بتقويض جهود مواجهة وباء كورونا".
وحذر المتحدث باسم وزارة الصحة "من التأثير المباشر لانقطاع التيار الكهربائي على مختلف الأقسام الحيوية"، إذ إن المولدات الكهربائية تستنزف كميات كبيرة من الوقود.
واضطر التصعيد بين الجانبين الإسرائيلي الفلسطيني وزارة الصحة إلى تقليص عدد أسرة العناية المركزة في مستشفى الشفاء لصالح أقسام الجراحة، ونقل خدمات كورونا من المستشفى الأندونيسي في شمال قطاع غزة إلى المستشفى التركي الأوروبي، لتخصيصه لاستقبال الجرحى بالقصف الاسرائيلي.
وأحصى قطاع غزة الذي يقطنه حوالي مليوني شخص، منذ اكتشاف أول إصابة بفيروس كورونا وحتى الإثنين الماضي نحو 106 آلاف حالة بينها 986 وفاة.
وحصل قطاع غزة على أكثر من 110 آلاف جرعة من لقاح كورونا من مصادر متعددة وهي كمية تكفي لتطعيم 55,200 شخص. ووفق إحصاء لوزارة الصحة تم تطعيم أكثر من 38 ألف شخص لغاية أمس.
وقتل 219 فلسطينيا في حلقة العنف المتواصلة بين الدولة العبرية والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة منذ العاشر من أيّار (مايو). وبين القتلى طبيبان وأكثر من ستين طفلاً، إضافة إلى أكثر من 1400 جريح، على ما أكّدت وزارة الصحّة الفلسطينيّة.
وبدأ التصعيد مع صدامات جرت في القدس على خلفية التهديد بطرد عائلات من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية من منازلها لصالح مستوطنين يهود، ما دفع الفصائل المسلّحة، وبينها حماس والجهاد الإسلامي، إلى إطلاق آلاف الصواريخ باتّجاه دولة الاحتلال. - (اف ب)