من معاناة شخصية.. مبادرة ترفع الوعي بأعراض متلازمة ما بعد كورونا للأطفال

Untitled-1
Untitled-1

منى أبوحمور

عمان- ما تزال العديد من العائلات وحتى من المختصين لا يدركون حتى الآن طبيعة الأعراض التي قد تبقى مصاحبة لفيروس كورونا حتى بعد مرحلة الشفاء والتعافي من المرض.اضافة اعلان
ومع فيروس غير مرئي يفاجأ العالم بتطور سلالاته وأعراضه غير المنتهية، وغياب معلومات واضحة وثابتة، خصوصا مع ظهور أشكال جديدة بمراحل متقاربة؛ غابت الصورة الواضحة وتسيدت "الضبابية" مع عدم الفهم الكامل لما يحصل بالجسد من مضاعفات تبقى لوقت طويل.
ومن معاناة شخصية، قامت الأم آن راجي حداد بإطلاق مبادرة مجتمعية تنشر من خلالها الوعي بمتلازمة التهاب متعدد الأعضاء (mis-c)، بمساعدة البروفيسور وليد أبوحمور رئيس قسم الأطفال الأمراض المعدية في مستشفى الجليلة في دبي.
جاءت فكرة إطلاق هذه المبادرة بعد تدهور حالة ابنها جاد 5 سنوات الصحية بعد تعافيه من فيروس كورونا، وذلك بسبب عدم تشخيصه بصورة صحيحة بعد شفائه من فيروس كورونا.
بدأت حالة جاد الصحية بالتراجع بعد مرور أربعة أسابيع على إصابته بفيروس كورونا، فارتفعت درجة حرارته بالليل ما بين 39 لـ 40، كان في البداية يعتقدون أنه مجرد فيروس عادي لم يستجب لخافض الحرارة.
رحلة حداد مع ابنها جاد لم تكن سهلة وكانت مليئة بالألم والوجع والدروس في الوقت ذاته فهي مكتوفة الأيدي وهي ترى حالة ابنها تتراجع يوما بعد يوم من دون أي تشخيص دقيق للحالة إلى أن طلبت إجراء صورة لرئتي ابنها لعل وعسى تصل إلى سبب يوضح وضعه الصحي.
وبعد أن أجرى ابنها صورة أشعة لصدره؛ تبين أنه يعاني من الـ "نيمونيا"، عندها بدأت رحلة العلاج، خصوصا وأن الالتهاب بدأ بالازدياد وأصبح يعاني من تسارع في ضربات القلب والأكسجين بدأ الانخفاض حينها دخل غرفة العناية الحثيثة.
تفاصيل كثيرة ولحظات صعبة مرت بها حداد لم تكن سهلة أبدا شاركها فيها زوجها وعائلتها حتى تماثل طفلها للشفاء، لافتة إلى أن مساعدة البروفيسور وليد أبوحمور كان لها دور كبير في رحلة شفاء جاد الذي لم يبخل عليها بأي استشارة أو خدمة تطوعية.
الألم الكبير الذي عاشته أسرة جاد خلال رحلة مرضه والخلل الكبير الذي لاحظه أبوحمور في تشخيص المرض ما بعد كورونا، وجهل الكثير من الناس بتلك الأعراض؛ دفعهم لإطلاق مبادرة لرفع وعي الناس ومشاركتهم تجربة جاد لعل هناك من يعاني من الألم ولا يعرف العلاج والتشخيص الصحيح.
بدأ جاد بالتحسن بعد فترة من العلاج، والتنفس من دون الحاجة لأجهزة مساندة، حينها شاركت حداد وهي ناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي منشورًا مع أصدقائها تروي من خلاله ما حصل، وضرورة الوعي بحالة تسنى mis-c تصيب الاطفال mis-a عند الكبار.
وكتبت "انتبهوا لأبنائكم عند ارتفاع درجة حرارتهم.. تابعوا الاكسجين بالبيت"، موضحة أن ابنها جاد عانى ايضا لاحقا من الاسهال والخمول والتعب العام خلال فقط بـ 48 ساعة، فحالته نادرة ولم يتم ربطها بفيروس كورونا"، لذلك وجدت من الضرورة أن توعي الأهل بناء على تجربة شخصية.
نادين نزار كانت إحدى المستفيدات من هذه المبادرة، وأكدت أنها كانت سببا في توعيتها ومساعدتها في متابعة حالة ابنها بعد إصابته بنفس الأعراض، كما مكنتها من التواصل مع البرفيسور وليد أبوحمور الذي تطوع بمتابعة حالة ابنها والإشراف عليها وتدارك وضعه الصحي قبل أن يتطور للأسوء.
في حين كانت تجربة عبدالله مع المبادرة مختلفة، حيث بدأت الأعراض تظهر على طفله الذي لم يتجاوز الأربعة أشهر بعد إصابته بفيروس كورونا، حيث تفاقمت الأعراض واحتاج لجهاز التنفس الاصطناعي وكانت حالته تزداد سوءا إلى أن سمع عن المبادرة. تواصل عبدالله مع حداد وشاركها صور الرئة الخاصة بطفله الصغير والتي لم تتأخر أبدا عن التواصل معه وتشبيكه مع البرفيسور أبوحمور للاطلاع على وضع طفله الصحي وإجراء التدخل الطبي المناسب.
دانا القاسم هي الأخرى عاشت تجربة قاسية مع طفلتها بعد إصابتها بفيروس كورونا بسبب ارتفاع درجات الحرارة من دون ان يتمكن الأطباء من تشخيص السبب الرئيسي لارتفاع الحرارة.
كانت تسوء حالة ابنة القاسم يوما بعد يوم بسبب ارتفاع نسبة الالتهاب برئتي ابنتها إلى أن تواصلت مع البروفيسور أبوحمور وقامت بنقل ابنتها ليتابع حالتها ويشرف عليها.
وتعتبر قاسم الخطوة التي تقوم بها حداد بالمبادرة لرفع وعي الأهالي بأعراض ما بعد كورونا في غاية الأهمية لأن هنالك فئة لم تدرك بعد خطورة هذا المرض، متوجهة بنصيحة لكل أم للانتباه لطفلها في حال أصيب بمتلازمة التهاب الأعضاء التي يرافقها ارتفاع درجة الحرارة.
استطاعت حداد من خلال مبادرتها مساعدة ثمانية أطفال وتقديم خدمات طبية لهم بعد إصابتهم بمتلازمة التهاب الأعضاء، شاكرة البروفيسور وليد ابو حمور الذي وقف الى جانب جاد وغيره من الأطفال الذين مروا بفترة صعبة. وقدمت نصيحة لجميع مرضى كورونا بضرورة إجراء صورة للرئة بعد التعافي من المرض.