أربعة أنواع من المترشحين

تشتد الحملة الانتخابية كلما اقتربنا من موعد الاقتراع. المترشحون والكتل يجهدون للتواصل مع الناس إلكترونيا ووجاهيا، رغم عدم وجود مقرات انتخابية كما عهدنا بالسابق بسبب الظروف التي أملتها الحالة الوبائية بالبلد. اتصالات وزيارات وتواصل إلكتروني هي الأساليب الأساسية التي يوظفها المترشحون لمحاولة إقناع الناخبين. بعض الكتل والمترشحين يقومون بذلك ضمن فريق إلكتروني مساند لهم من داخل حملاتهم، وآخرون استعانوا ببيوت خبرة وشركات لتدشين وجودهم وتواصلهم الإلكتروني مع قواعدهم الانتخابية. المشهد برمته يشير إلى إدراك لأهمية الانتخابات، وفائدة وجود نائب تحت القبة يمثل الناس يستطيعون طرق بابه عند الحاجة، أو ربما يساعدهم بشكل أو بآخر على تحقيق مكتسبات خدمية.اضافة اعلان
نظرة فاحصة على كافة أطياف المترشحين، نجد أننا أمام أربعة أصناف رئيسة: مترشحون قلة ضمن تيارات سياسية أيديولوجية يمينية إسلامية أو يسارية قومية أو ليبرالية تترشح إما في دائرة بعينها أو في عدد من الدوائر، مترشحون وسطيون شكلوا كتلا بناء على حضورهم الاجتماعي أو خبراتهم الفردية، مترشحون أفرزتهم قواعدهم العشائرية والعائلية والمناطقية، ونوع أخير من المترشحين يخوض الانتخابات لكسب الشهرة وتعليق الصور والحصول على بعض المكانة الاجتماعية والسياسية. هذه الأصناف تشكل بمجموعها الخيارات المتاحة أمام جمهور الناخبين، وهي للأسف في الغالب تفتقد للبرامج التي يمكن أن تشكل خيارات واضحة للمقارنة والاختيار على أساس التباين في السياسات والمواقف. حتى الكتل أو القوائم السياسية المؤدلجة تفتقر لتلك البرامج والسياسات، وتكتفي بالاعتماد على أيديولوجية فكرية دون أن تترجم ذلك وتسقطه على الواقع الأردني على شكل خيارات ومواقف وسياسات. لذلك، نجد أن التقييم للمترشح أو الكتل على أساس شخصي وفردي، وربما بعض الميول الأيديولوجية، هي ما يحدد قرار الناخب يوم الاقتراع وليس التباين بالسياسات.
هذا هو واقعنا الانتخابي والسياسي الأردني مع كل الأسف، وقد أخفقت أحزابنا وتياراتنا في إنتاج برامج عملية واقعية تحاكي الواقع الأردني، وهي في الغالب تطرح شعارات عامة فضفاضة تتسم بالشعبوية غير الواقعية ولا العملية، تحاول من خلالها محاكاة عواطف الناس وحصد أصواتهم. العتب الكبير على التيارات السياسية الكبيرة والمؤدلجة التي مهمتها إنتاج برامج عملية. لم تكتف هذه التيارات بعدم إنتاج برنامج انتخابي عملي حقيقي فحسب، بل أمعنت في اعتماد اللغة العامة الشعبوية في حملاتها الانتخابية، فتغذي السوداوية لدى جمهور الناخبين وتعدهم بما تعلم هي ذاتها أنها لن تستطيع تحقيقه. نظرة على شعارات وأسس ترشح الكتل والقوائم السياسية تجعلنا أمام واقع إخفاقها بطرح الحلول أو البدائل، والاكتفاء بالاعتماد على الميول الأيديولوجية يمينية كانت أم يسارية، وتوظيف السجل الشخصي للمترشحين لنيل أصوات الناخبين. أحزابنا وتياراتنا ملزمة وطنيا أن تقترح السياسات وتشتبك معها بالنقاش والتفنيد، فهذا ما يطور نقاشاتنا العامة وحملاتنا الانتخابية بما يجب أن تكون عليه كسائر الحملات الانتخابية في الديمقراطيات الناجزة.