"الماء الأسود" يسلب البصر من عائلة في المشارع ويحيل حياتها إلى جحيم (فيديو)

Video thumbnail for youtube video lzl5xvxxgwk
Video thumbnail for youtube video lzl5xvxxgwk

علا عبداللطيف

الغور الشمالي - تحت سقف منزل متهالك في لواء الاغوار الشمالية ببلدة المشارع - حي خشان، تعيش أسرة الأربعيني فادي حامد حسين خشان، الى جانب 11 فردا من أشقائه ووالدته وأبنائهم في قفص العتمة، جراء اصابتهم، بمرض "الماء الأسود"، الى جانب اصابة بعضهم بإعاقات حركية.اضافة اعلان
والماء الأسود في جانب منه مرض وراثي، يؤدي للإصابة بأمراض أخرى، كأمراض القلب والضغط والسكري وغيرها، وهو ما يعانيه أفراد هذه العائلة المنكوبة، وتحديدا ام فادي الستينية هنية القويسم التي تعرضت لعدة جلطات، وهي حاليا مقعدة، تحتاج لمرفق صحي خاص، ومقعد متحرك.
والى جانب هذه المعاناة، فإن العائلة تحيا تحت طرقات غوائل الفاقة والفقر الشديدين، برغم أنها تتلقى 190 دينارا من صندوق المعونة الوطنية، لكن مثل هذا المبلغ لا يكاد يفي بأدنى احتياجاتهم العلاجية والمعيشية، وتضعهم أمام مصير غامض، قد تكون نهايته الموت، كما حدث مع والد فادي الذي قتله الماء الأسود سابقا، إذ يمتد تاريح الماء الأسود، في هذه العائلة لما قبل 50 سنة.
لم تتمكن هذه العائلة المعدمة من الحصول على تأمين صحي، لمعالجة أبصارهم في مستشفيات يتوافر فيها علاجهم، لكنهم يتطلعون لان ينظر الى قضيتهم باهتمام، ووفق فادي، فإن ما يحصل عليه من وزارة التنمية الاجتماعية، لا يغطي تكاليف العلاج، فطبيعة المرض تحتاج لعلاج متطور وتقنيات متقدمة.
ويشير فادي الى أن جميع افراد العائلة غير قادرين على الابصار السليم، وهم شبه كفيفين، ما يجعلهم أيضا غير قادرين على تسيير امور حياته كبقية البشر.
فالماء الأسود، يصيب العين، ويؤدي الى عمى كامل، وأحيانا قد يقود للموت، فهو يتسبب بارتفاع الضغط في كرة العين، ومن ثم يضغط على العصب البصري، فيتلف أنسجة العين على نحو كامل، وبعدها يفقد المصاب بصره تماما.
والدة فادي المقعدة، تؤكد أن عائلتها لا تمتلك المنزل الذي تقطنه عائلتها حاليا، فهو مبني على أرض مشاع، ورثته العائلة عن جدهم، وقد تعرض لحريق قبل عام.
وعلى المعونات المتفاوتة من أهل الخير، تعيش هذه العائلة التي لم تتمكن من حتى اليوم من الحصول على ادنى مقومات العيش والعلاج، بينما تنهمك الوالدة المقعدة برعاية العائلة، وهي التي تحتاج للرعاية.
وفي ظل وضع كهذا، فإن منزلهم لا تتوافر فيه حتى الأمور الأساسية للعيش، كالمرافق الصحية، ما يدفع افراده لقضاء حاجتهم في الخلاء، او في مرافق صحية للجيران، كما ويفتقر للتمديدات الصحية السليمة، ولانعدام توافر المياه الا عن طريق شرائها عبر الصهاريج.
المنزل المتهالك، يفاقم معاناة قاطنيه خلال فصلي الصيف والشتاء، ففي الصيف، تصبح حرارته غير محتملة، وفي الشتاء، يتسبب اهتراء سقفه بتسرب المياه عليهم.
"وكأننا في الجحيم"، يقول أحد الجيران، "هذا مكان لا يصلح للعيش إطلاقا، لا شيء يمكنه ان يعيش في منزل أصحابه على هذه الحالة، ويخلو من المقومات الأساسية للحياة الطبيعية".
فادي، يشير الى انهم احيانا يتدبرون جلب المياه عن طريق الصهاريج، بمعونة من بعض الخيرين، أما الكهرباء فيصل حجم فواتيرها عليهم إلى 800 دينار.
ويشير احد الجيران الى أنهم أوصلوا الكهرباء للمنزل على نحو مخالف، لمساعدة هذه العائلة المنهكة، بعد أن قطعت شركة الكهرباء التيار الكهربائي عنها، مبينا ان هذه العائلة تحتاج فعليا للمساعدة، في منطقة تعتبر من مناطق الفقر في المملكة، وجزء كبير من قاطنيها، يعيشون في ظل الفقر والبطالة، وبعضهم تنضاف لحياته البائسة معاناة الامراض المزمنة.
وهو بذلك، يوضح ان المساعدات التي يمكن أن يقدمها الاهالي والجيران لهذه العائلة، محدودة وتقع في نطاق قدراتهم المادية المتواضعة، متأملا ان ينظر لهم باهتمام من الجهات المعنية.
وفي هذه النطاق، تفصح جارتهم ام زيد، ان "المشارع منكوبة بانتشار الاعاقات فيها، اذ يندر وجود بيت فيها يخلو من اعاقة او اعاقتين وربما اكثر"، موضحة أن اسرا فيها أهملت ابناءها المعاقين، لعدم توافر مراكز عناية لهم، ولعدم قدرة الأهل على توفيرها لسعيهم المجهد خلف لقمة العيش، لتصبح العناية بأبنائهم مستحيلة.
ولفتت الى أن هناك عائلات تكبل أبناءها ذوي الاعاقات بالاصفاد، في اعتقاد منها بأنها تبعدهم عن التعرض للمشاكل، أو مخاطر الاعتداءات بأشكالها كافة.
وبينت ام زيد أن ترك الحبل على الغارب في منطقة، تشهد حالات اعاقة كبيرة وأمراضا وراثية هائلة، وتسجيل حالات اعاقة جديدة باستمرار، تتطلب دراسة حقيقية لاوضاع المنطقة برمتها.
وبرغم افتتاح مركز ذوي احتياجات خاصة في المنطقة، إلا انه ما يزال قاصرا عن اداء واجباته، جراء التقاعس في تقديم الخدمات وشروط الانتساب اليه، كما يقول بعض الاهالي.
ولفت آخرون الى انتشار غير عادي لحالات الاعاقة الناجمة عن الامراض الوراثية في بلدة المشارع بخاصة، واللواء عموما، كاشفين أن الأمراض العقلية والجسدية وغيرها تشكل ظاهرة في منطقتهم، وهي تنتشر جراء ظاهرة زواج الأقارب.
ويلعب الفقر في المنطقة بتفشي الظاهرة، بذريعة ان هذا الزواج غير مكلف، وانه نوع من التقاليد الدارجة، التي يصعب التخلي عنها، ولانعدام التوعية بآثاره.
وبين بعضهم الى أن معاناة أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة في المنطقة مضاعفة، امام الفقر والافتقار للتوعية الصحية، وانعدم مقومات خدمة هذه الفئات العاجزة.
يشار الى ان بلدة المشارع، تحتضن النسبة الأعلى من الاعاقات في اللواء، وفق احصائيات صندوق المعونة، الذي تكشف أرقامه أن البلدة هي الاعلى في الحصول على مساعداته.
وبحسب تصريح لوزارة التنمية، فإن ممثلين عنها، زاروا أسرة فادي، بعد أن اشار لاوضاعها موقع اخباري، وتناولت ما نشر في صفحات تواصل اجتماعي، فأجرت الوزارة دراسة لاوضاعها، وقدمت التوصيات بشأنها.
وكانت عائلة فادي استفادت من حملة جمع تبرعات، نظمتها قناة الحقيقة الدولية قبل اكثر من 5 سنوات، بالتنسيق مع الوزارة، وصلت حصيلتها الى أكثر من 38 الف دينار، ما وفر للأسرة تأمين منزل لها حينها، لكن الاسرة باعته جراء ظروف خاصة بها، وانتقلت للسكن الى منزل مكون من طابقين، بعداد كهربائي مشترك، مع شقيق فادي ووالدته، وهذا بدوره أسهم بتراكم فواتير الكهرباء منذ شهر ايار (مايو) 2018 وحتى الآن، اذ جرى التنسيق مع شركة كهرباء الجنوب لاعادة التيار الكهربائي الى العائلة.
واشار تصريح الوزارة، الى التوجه لتسديد فواتير الكهرباء المتراكمة على هذه العائلة، مبينا أن هناك ثلاثة افراد منها يتلقون معونة من الصندوق، بمخصصات شهرية متفاوتة.
ولفتت الى انها وبالتعاون مع مؤسسات حكومية شريكة، ستجري صيانة لمنزل العائلة الحالي، وستزوده باحتياجاته، الى جانب أنها ستؤمن أفراد العائلة بالتعامل مع طبيب عيون لمعالجتهم.
ودعت المواطنين ووسائل الاعلام للتعاون حول ما ينشر من معلومات بشأن حالات مشابهة، ليتسنى للوزارة دراسة اوضاعها وتقديم المساعدات لها.