الواحد بالمائة والأحزاب السياسية

محمود الخطاطبة تُظهر نتائج استطلاع لمركز الدارسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بعنوان “بعد مرور عام ونصف على تشكيل حُكومة بشر الخصاونة”، أُعلنت مؤخرًا، أن 1 بالمائة فقط من الأردنيين يُفكرون بالانضمام إلى واحد من الأحزاب السياسية القائمة حاليًا، ومثل هذه النسبة تمامًا أفادت بأنها انتسبت إلى حزب سياسي في حياتهم. خطورة مثل هذه النتيجة تكمن بالعزوف عن الانضمام إلى الأحزاب، وما يؤثر ذلك سلبًا على الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية، أو بمعنى ثان مُجمل العملية الديمقراطية، وأنها تأتي بُعيد إقرار مجلس النواب قانوني الأحزاب والانتخاب والتعديلات الدستورية المُرتبطة بهما، بُغية تأسيس نظام سياسي جديد عماده الأحزاب البرامجية وتشكيلها للحُكومات، وذلك من خلال زيادة المقاعد الحزبية إلى 30 بالمائة في المجلس النيابي المُقبل (العشرون)، ثم 50 بالمائة في المجلس الذي يليه، وأخيرًا 65 بالمئة في المجلس الـ22. للمُتابع أن يتخيل الأوضاع الديمقراطية غير الصحية أو غير السليمة التي تعيشها البلاد والمواطن في الوقت نفسه، فبعد اجتماعات دامت لنحو أربعة أشهر تقدمت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية باقتراحات وتعديلات دستوية، وكذلك على قانوني الانتخاب والأحزاب، منها زيادة المقاعد المُخصصة للأحزاب في البرلمان بشكل مُتدرج. بعد كل ذلك، وبُعيد مُناقشتها تحت قبة البرلمان وإقرارها ومرورها بالقنوات الدستورية المطلوبة، تكون النتيجة عزوفًا من قبل المواطنين، لا بل عزوف مدوي، الأمر الذي يؤشر إلى أن هُناك خللًا كبيرًا، يجب الوقوف على أسبابه وحيثياته، بكل جدية وشفافية، من قبل المعنيين. النتائج التي خرج بها استطلاع “الدراسات الاستراتيجية” حول الانضام إلى الأحزاب، تُوجب على القائمين على الدولة، وكذلك الأحزاب في الوقت نفسه، إعداد العدة حتى تستطيع إقناع المواطن بأهمية الأحزاب، خصوصًا أن هُناك 88 بالمائة من الأردنيين يرون بأن الأحزاب السياسية “كانت فاشلة في مُمارسة العمل السياسي”.. وللأمانة المهنية فإن هذه النقطة تتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى الحُكومات المُتعاقبة، التي كانت تضع معيقات وقيود تلو الأخرى على العمل الحزبي وأولئك الذي عندهم ميول للأحزاب بشكل عام. يتوجب إقناع المواطن بضرورة الأحزاب، والفوائد المُترتبة على ذلك سواء كانت للوطن أو المواطن، فعندما تُشكل الأحزاب، الفائزة بأعلى عدد من المقاعد النيابية، حُكومة برلمانية، فإن ذلك يُسهل من عملية مُراقبتها، ومُحاسبتها على أساس البرنامج الذي نالت به ثقة الشعب.. وللموضوعية فإن هذه النقطة غاية في الأهمية، وتكتنفها في الوقت نفسه الكثير من الصعوبات والمُعيقات، خاصة أن هُناك 46 بالمئة من الأردنيين لا يهتمون بتاتًا بالأحزاب، فضلًا عن وجود 26 بالمائة آخرين غير مُقتنعين بها، و15 بالمائة يؤكدون بأنه لا توجد أحزاب تُمثل المواطنين. هُناك مُشكلة أو مُعضلة، يبدو أنه لا يوجد أحد يُريد رؤيتها أو الإقرار بوجودها، والتي تتمثل بفقدان الثقة في الأحزاب السياسية كافة، فهُناك 12 بالمائة فقط، “يثقون”.. وهذا أمر ليس بغريب على المواطن الأردني، الذي أصبح يلهث في سبيل تأمين رغيف خبزه وأفراد أسرته.. فكيف تطلبون من شخص، لا يستطيع تأمين قوت يومه، الإيمان بالحزبية أو الانضام أو الاقتناع بحزب ما؟. إذا لم يتم “خلق” خريطة طريق، تجعل الأردني يؤمن بالحزبية بأنها الطريق الرئيس لحياة ديمقراطية، وأنها الحل الأمثل والأصح للوصول إلى حُكومات برلمانية، وأنها أحد الأساسات للرقابة، تكون متزامنة بتطمينات جدية بعدم ملاحظة أو التعرض للحزبي، فإنه حتمًا سينطبق علينا المثل الشعبي القائل: “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان