تعليقات حول المرأة والانتخابات والقيادة

بالطبع فإن موضوع مشاركة المرأة يحرك تعليقات وملاحظات كثيرة جدا، وقد أرسلت السيدة آمال الخوالدة لي مجموعة من الملاحظات على مقالة سابقة لي حول مشاركة المرأة، وتقول إن مشاركتها في التعليق لم تنشر، ويبدو لي أن خطأ فنيا ما حال دون نشر تعليقها، تقول السيد الخوالدة إن الإسلام حدد مبدأين أساسيين تقوم عليهما الحقوق السياسية للرجل والمرأة على حد سواء وهما: وحدة النفس الإنسانية "خلقكم من نفس واحدة"، ووحدة العمل الانساني "إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى"، ومن هذين المبدأين سقط التمييز بين الرجل والمرأة سواء أكان تمييزا عنصريا أو تمييزا في نوعية العمل الذي يصدر من كل من الرجل و المرأة.

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد النساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم، وكان رضي الله عنه يلاحظ التغير الاجتماعي في معاملة الصحابة للمرأة بين مكة والمدينة، حيث كان أهل مكة في الجاهلية يعاملون المرأة معاملة دونية لا يرون لها حقا، بينما أهل المدينة يعاملون نساءهم معاملة أرق، وكان نساء المدينة يجدن لأنفسهن من الدلالة على رجالهن ما لا تجد نساء مكة على رجالهن، وكما قرر القرآن الكريم حق المرأة في المبايعة والاشتراك في العقد السياسي والاجتماعي للمجتمع الإسلامي، فقد تأسس في الإسلام على هذا حقها في المشاركة انطلاقا من المشاركة في المسجد، فقد كان المسجد حينئذ منطلق العمل الديني والدنيوي معا.

فمن بيت النبوة انطلقت المشاركات السياسية للمرأة في المجتمع الإسلامي الواسع في صدر الإسلام وفيما تلاه من عصور الازدهار النقي للحضارة الإسلامية الرائدة، وقد حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أحداث وتحولات سياسية رئيسة كانت النساء فيها جميعا بجانب الرجال يشاركن فيها، كما يشارك فيها الرجال ويقمن بدورهن البارز، كما يقومون سواء بسواء في بناء الدولة والدعوة.

اضافة اعلان

فمن المقولات الكبرى والمعروفة والتي تميزت كثيرا في الحياة الاجتماعية والسياسية بيعة العقبة الثانية، وكان المبايعون ثلاثة وسبعين، من بينهم امرأتان، وهما نسيبة بنت كعب من بني النجار وأسماء بنت عمرو بن عدي من بني سلمة، وما كانت دلالة وجود هاتين المرأتين لتفوت على الباحث المدقق في هذا الحدث المليء بالدلالات؛ فالأمر جد خطير لأنه يحمل في طياته بشائر انقلاب سياسي ضخم، لا في الجزيرة العربية وحدها بل في العالم بأسره، كما حدث فيما بعد، بل كانت هذه البيعة تحمل في طياتها أيضا بشائر تحول عقدي واجتماعي جذري من نظام القبيلة إلى نظام الأمة والدولة.

[email protected]