حل وسط يفجر عاصفة في قيادة الجيش الإسرائيلي

يديعوت – اليكس فيشمان

هذا ليس مجرد تعيين حل وسط. هذا أم الحلول الوسط.

وزير الحرب يناكف رئيس أركانه، كل واحد منهما يعرض مرشحه لمنصب نائب رئيس الأركان. وفي النهاية، يختاران مرشحا ثالثا كحل وسط على سبيل الهدوء الصناعي. ولكن القصة لا تنتهي هنا. مرشح الحل الوسط الاصلي دان هرئيل، ببساطة لا يوافق (وهذا حصل قبل نحو عشرة ايام، فور عودة باراك من الولايات المتحدة) على الاستجابة لطلب رئيس الأركان ومواصلة ولايته كنائب لرئيس الأركان. وبعد ذلك طرح اسم اللواء بيني غنتس، كحل وسط لمرشح الحل الوسط.

اضافة اعلان

"مرشح حل وسط" هو مفهوم متوحش يقول عمليا انه كان هناك ضباط ملائمون أكثر ولكن في النهاية انتخب المرشح الاقل جدارة. ولكن لا تقلقوا، في عملية التعيينات غير الشفافة والمشوهة في قيادة الجيش الإسرائيلي يبدو الاحتمال عاليا جدا لأن يكون نائب رئيس الاركان الذي جاء كحل هو ايضا رئيس الاركان القادم كحل ايضا.

وزير الحرب ورئيس الاركان اقترفا هنا ظلما بحق غنتس. لأنهما عندما عيناه بهذه الطريقة فإنهما جعلاه أوزة عرجاء. وسيتعين على غينتس أن يثبت كل الوقت – كنائب لرئيس الأركان وربما كرئيس أركان مع قدوم الوقت – بأنه ليس حقا خيار حل وسط، أو أهون الشرور، وان شعب اسرائيل لم يخسر ضباطا مؤهلين اكثر منه للمنصب الاساس في بناء القوة العسكرية. هذا ببساطة ليس صحيحا، وليس من النزاهة في شيء وضع غنتس والجيش في وضعية كهذه.

المفتاح لما سيحدثه هذا التعيين في قيادة الجيش الإسرائيلي يكمن في اللقاء الذي سيعقد بين وزير الحرب وبين قائد المنطقة الجنوبية يوآف جلانت. حيث سيحاول باراك اقناع جلانت، الذي يرى نفسه الضحية لملاحقة متواصلة من جانب رئيس الاركان غابي اشكنازي، بالبقاء في الجيش.

كراسي موسيقية

وقد دعي غنتس وجلانت الى مكتب رئيس الاركان في السادسة صباحا. وكان واضحا لجلانت انه خسر. في ذات اليوم يحتفل بيني غنتس بعيد ميلاد ابنته. ويعرف جلانت بان احدا لن يتجرأ على إبلاغ غنتس أخبارا تعيسة في يوم احتفاله.

كان الحوار بين رئيس الاركان وبين قائد المنطقة الجنوبية قصيرا ومشحونا. فقد طلب اشكنازي من جلانت البقاء في الجيش لان وزير الحرب يرى فيه مرشحا لرئاسة الاركان. انتبهوا للصيغة: ليس اشكنازي، لا سمح الله، يراه مرشحا – بل باراك. مذهل كم من الدم الفاسد يمكنه أن يتدفق بين ضابطين كثيري الانجازات، كانا شريكين في بناء القوة العسكرية في السنتين الاخيرتين وقادا قبل نصف سنة فقط معا حملة مركبة وناجحة من ناحية عسكرية في قطاع غزة.

اذا قرر جلانت البقاء في الجيش فانتصار اشكنازي، الذي منع تعيينه لنيابة رئيس الاركان، سيصبح نصرا أشبه بالهزيمة. وفي مثل هذه الحالة يقوم اشكنازي ببساطة بتأجيل النهاية وذلك لان جلانت سيبقى في المنافسة على منصب رئيس الاركان التالي.

المواجهة اليوم، التي انتهت برعاية حل وسط هو غنتس، ستستأنف، على الاحرى، بعد عشرة اشهر أو سنة. غير أنه من الان فصاعدا تتغير الظروف. الارض بدأت تهتز وتعصف من تحت اقدام اشكنازي، وقد دخلت قيادة الجيش الاسرائيلي المطواعة حتى الان في جنون التعيينات.

اذا بقي جلانت، فان جولة التعيينات الكبرى المخطط لها في قيادة الجيش الاسرائيلي تبقى عالقة. ويبقى قائد المنطقة الشمالية وقائد المنطقة الجنوبية في منصبيهما، وكذلك رئيس شعبة الاستخبارات الذي مدد ولايته سنة. واذا عين اللواء غادي شماني ملحقا عسكريا في واشنطن بدلا من غنتس، ستحتاج المنطقة الوسطى الى قائد جديد – وكذلك منصب قائد الجبهة الداخلية يمكن ان يفرغ. ولكن بالاجمال يدور الحديث عن كراسي موسيقية بين الالوية، ولا شواغر كثيرة من أجل العمداء القدامى.

التعيين الجوهري، المفاجئ، الوحيد الذي يلوح في الافق هو التعيين المرتقب للعميد أفيف كوخافي في منصب رئيس شعبة الاستخبارات. وفي العصر الذي تتصدى فيه شعبة الاستخبارات لمصاعب مهنية لا بأس بها، سيكون منح هذا المنصب إلى ضابط لم يتسلم موقعا مهما من قبل خطوة غير عادية. كما أن التعيين المتوقع لكوخافي في رئاسة شعبة الاستخبارات يرمي ايضا الى شطب خيار حل وسط مع جلانت. فليس لوزير الحرب اليوم القدرة على أن يقترح على جلانت البقاء في الجيش كرئيس لشعبة الاستخبارات والتنافس من هناك على منصب رئيس الاركان. في لقائهما الاخير اقترح اشكنازي على جلانت منصب قائد الذراع البري، وقد كان واضحا انه سيرفض، وهذا كان الهدف، حيث أن رئيس الاركان يمكنه دوما أن يدعي بان جلانت متبجح. والدليل انه رفض عرضا نزيها.

اذا قرر جلانت الاعتزال من الجيش، فيمكن لرئيس الاركان ان يسجل لنفسه انتصارا جزئيا، لأن قيادة المنطقة الجنوبية ستفرغ، وجولة التعيينات ستنفتح بعض الشيء. من جهة اخرى، اذا اعتزل جلانت فانه سيخرج بمثابة "الولي الذي اسيء له". واذا ما بدأ يشرح كيف اضطهدوه – سيكون هذا محرجا جدا. اشكنازي ومستشاروه يأملون [ان تهدأ عاصفة جلانت في غضون بضعة اسابيع إذا اختار جلانت الاعتزال.

جدوى الصبر

اللواء بيني غنتس هو النموذج المثالي لجدوى الصبر مجد. هذه هي المرة الثالثة التي يعين فيها لمنصب نائب رئيس الاركان. حلوتس لم يرغب فيه نائبا. وبعد ذلك اشكنازي فضل عنه دان هرئيل. غنتس قرر الا يعتزل وينتظر، وكان هذا مجديا له. من شدة الحماسة لحل الخلاف بينهما نسي اشكنازي وباراك بانه مع كل الحقوق التي يتمتع بها غنتس في خدمته الطويلة في الجيش الإسرائيلي، كان هو المسؤول عن الاعداد الفاشل لقيادة المنطقة الشمالية لحرب لبنان الثانية.

تعيين غنتس هو "تبييض" للحرب اياها. وهو يقول في واقع الامر: كل شيء على ما يرام، وحرب لبنان كانت قصة نجاح بري. في مثل هذا الوضع لا يوجد ما يمنع عمير بيرتس، ودان حلوتس، واودي ادان وغال هيرش من المطالبة بالمغفرة.