خبراء: التعديلات على "الخدمة المدنية الجديد" بدون جدوى

عبدالله الربيحات

عمان - اعتبر خبراء إداريون؛ أن تعديلات مشروع نظام الخدمة المدنية الجديد "بدون جدوى"؛ ولا تؤدي لاختيار موظف كفؤ، وليست ضمن إطار تنظيمي واضح، في ظل تزايد ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل.اضافة اعلان
وبينوا لـ"الغد" أن مجالس الوزراء السابقة؛ أصدرت مشروعات وقرارات مماثلة لقرار الحكومة الأخير، نسب بها وزراء تطوير عام سابقون، لكن دون التقيد بها، مشيرين إلى ان تعديل مشروع نظام الخدمة لأكثر من مرة في الأعوام الاخيرة، "لا يمكن أن يتحقق بالقطعة، بل عبر استراتيجية واضحة ومحددة ودقيقة، تنبثق عنها خطة تنفيذية ذات مؤشرات أداء واضحة وعمليات قياس فاعلة، تحقق العدالة بين المتقدمين للوظيفة العامة لدى خريجي الجامعات ومقدمي طلبات، وتوفر فرص عمل جديدة".
وزير تطوير القطاع العام الأسبق ماهر مدادحة قال لـ"الغد" ان تعديلات مشروع نظام الخدمة المدنية الجديد "بدون جدوى"، ولا تؤدي لاختيار موظف كفؤ، وهي ليست ضمن اطار تنظيمي واضح.
وبين المدادحة ان ارتفاع اعداد البطالة وخريجي الجامعات في ظل محدودية التعيينات سنويلا إذ تصل إلى 7 آلاف وظيفة في القطاع الحكومي، محصورة بوزارتي التربية والصحة، لذا ليم تعد هناك حاجة لنظام خدمة مدنية، بعد أن اصبح لكل وزارة او دائرة نظامها الخاص، وترفيعاتها الخاصة، ونظامي تسلسل وظيفي وموارد بشرية؛ ومسار وظيفي.
وقال المدادحة انه لا بد من هيئة صغيرة بنظام لا مركزية وآخر خاص لباقي موظفي الدولة، ممن يخضعون للديوان، بعد ان اصبح نحو 65 % في قطاع التربية والصحة يطالبون بنظام خاص ومسار مهني، وبذلك لا يبقى سوى 35 % من موظفي الدولة، ونصبح بلا حاجه لنظام خدمة مدنية جديد، في ظل ان كل وزارة او دائرة، لها نظامها وتسلسل وظيفي، ليخرج نظام الخدمة بتعديلاته من نطاق نظام الخدمة المدنية.
من جهته؛ قال مدير معهد الإدارة العامة السابق الدكتور راضي العتوم، ان اعتماد تطوير نظام الخدمة المدنية على تحقيق الكفايات الوظيفية للموارد البشرية، منطلق حيوي وسليم من حيث المضمون الموضوعي، فربط المسار التدريبي بالوظيفي، وارتكاز ذلك على مهننة العمل، يعدّ غاية في الأهمية لبناء قدرات بشرية متخصصة لرفع سوية الأداء.
لكن هذا يشوبه خلل رئيس؛ وهو عدم ضبط أصحاب القرار من الوزراء والمديرين ومن بحكمهم، من نقل الموظف من مسار وظيفي او مهني إلى آخر؛ حسب اجتهاده ونظرته الشخصية، فهذا أمر لا يمكن ضبطه، وبالتالي سيخلخل بُنيان المسار المهني، وديوان الخدمة يعي ذلك جيدا، لكن ما الحل لهذه المعضلة؟ يبقى الطرح على الطاولة حرج وهام جدا.
وأضاف العتوم؛ كما أن هناك تحفظا على ربط مفهوم الكفايات الفردية للموظفين بالأداء المؤسسي؛ في ظل غياب تقييم أداء أصحاب القرار من الوزراء والامناء والمديرين العامين، ومحاسبتهم على عدم فهمهم للقيادة من النواحي الفنية العلمية المتخصصة أحيانا، وعدم وعيهم لمخاطر قيادتهم الإدارية والنفسية؛ للقيادات الوسطى والموظفين من حولهم.
وتساءل العتوم؛ من يسائل الوزير او الأمين، او رئيس مجلس الإدارة وأعضائها، ويحاسبهم على إفشال تحقيق المؤسسة أو الوزارة أو الشركة المساهمة العامة لأهدافها الاستراتيجية؛ ولمؤشرات ادائها.
وقال العتوم؛ انه يجب النظر إلى المؤسسة والوزارة والدائرة ككل متكامل، النظام، والهيكل الوظيفي، والموجودات، والموارد البشرية، والبيئة الوظيفية؛ كلها وحدة واحدة كالجسد الواحد، فأي اختلال بأي طرف، سيفسد الطرف الآخر، ويشتت توجهاته، وبالتالي يفشله في تحقيق مؤشرات أدائه، وبالتالي عدم تحقيق أهدافه.
ولعل ما ينتاب كثيرين من هواجس حول تضمين التوجه الجديد عند التعيين والاستقطاب، هو أن يخسر الباحث عن العمل الذي ينتظر دوره، ترتيبه وقدرته على الحصول على الفرصة الوظيفية، فهذا أمر يحتاج للكثير من التمهل، بخاصة في الظروف الحالية.
وأشار إلى انه حتى لا يكون التعيين على الكفاءة حق يُراد به باطل، يجب أن يقتصر على الوظائف الفنية المتخصصة؛ كالباحثين الاقتصاديين، والماليين، ومديري المشروعات، والمهندسين في مجالات متخصصة فقط، والقانونيين في مجالات معينة؛ وهكذا، ولكن ليس كوظائف المعلمين مثلا، أو الصيادلة والأطباء، والأعمال الإدارية البسيطة، وما على شاكلته.
ودعا العتوم إلى وضع نظام متكامل؛ يقيّم الموظف والمسؤول، ويجب التوافق على النظام من الشركاء والنقابات كممثلين للموظف والحكومة.
رئيس ديوان المظالم السابق علاء العرموطي، تساءل هل درست تعديلات مشروع نظام الخدمة المدنية الجديد وروجعت بنود وأحكام التعديلات التابعة لها، ومدى انسجامها مع التشريعات ذات العلاقة.
هل تهدف هذه التعديلات الى تحقيق العدالة بين المتقدمين للوظيفة العامة لدى خريجي الجامعات ومقدمي طلبات للديوان، بالأبعاد القانونية والفقهية، ما سيوثر ايجابيا على احترامها والالتزام بمضامينها؟
هل هذه تعديلات بنيت على إجراء دراسات حول الاحتياجات الفعلية من الموارد البشرية في الدوائر والمؤسسات، من حيث دراسات عبء العمل والأعداد والمؤهلات المطلوبة، ومقارنتها بما هو متوافر، وفقا لاحتياجاتها الفعلية عبر قاعدة بيانات الديوان؟.
وقال العرموطي إن على التعديلات؛ مراعاة الاستخدام الأمثل لمخزون الديوان ضمن الحاجة الفعلية لدوائر ومؤسسات القطاع العام، وما لذلك من انعكاسات على جدول تشكيلات الوظائف الحكومية.
هذا وكان مجلس الوزراء استمع في جلسته الأربعاء الماضي، برئاسة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز لإيجاز قدمه رئيس الديوان، رئيس اللجنة الوطنية المشكلة لإعداد النظام سامح الناصر، حول أبرز التوجهات والمرتكزات العامة التي تضمنها مشروع نظام الخدمة.
وأكد الناصر أن مشروع النظام؛ ركز النظام على الانتقال في تخطيط وإدارة الموارد البشرية بالخدمة المدنية، بحيث تتبنى على مفهوم الكفايات الوظيفية، بدءاً من إجراءات وآليات الاستقطاب، مروراً بتأهيل وتدريب الموظف، وانتهاء بترقية الموظف ومراجعة بطاقات الوصف الوظيفي، لكافة وظائف الخدمة المدنية، بحيث تتضمن الكفايات اللازمة، وبما ينعكس على رفع سوية الأداء العام للأجهزة الحكومية، واعتماد مسار مهني للوظائف التخصصية، وأطر للوظائف الاشرافية والقيادية.
وأكد الناصر أن الدوائر الحكومية؛ اعتمدت تصنيفا ومسارا مهنيا لوظائفها ذو مرونة عالية، واعتماد آلية وإجراءات ونماذج وأدلة؛ متعلقة بتقييم أداء موظفيها بالطريقة التي تراها مناسبة مع ضوابط عامة وتحفيز أداء المتميز ومكانته.
وكان الناصر بين في تصريح سابق لـ"الغد"؛ ان اللجنة الوطنية المكلفة بتعديل نظام الخدمة برئاسته؛ قدمت ضمن مسودة النظام المعدل، مقترحات للتعامل مع مخزون طلبات التوظيف الضخم لدى الديوان، والتخفيف من تراكمها سنوياً، وتشجيع الشباب باهيمة التوجه نحو المهن والتخصصات التي يحتاجها سوق العمل المحلي، والتحول لمفهوم التشغيل بدل التوظيف عبر تغيير الثقافة المجتمعية نحو الوظيفية العامة.
وكشف الناصر ان نسبة التعيين سنويا لا تزيد على 4 % من مخزون الديوان، مشيرا للحد من تدفق اعداد خريجي الجامعات وكليات المجتمع، ممن سيسجلون مستقبلاً في هذه التخصصات المصنفة في الديوان بالراكدة، وفقا لدراسة العرض والطلب.
وقال الناصر ان التعديلات المقترحة على مشروع النظام؛ اشتملت على جوانب تعزز مفهوم الكفاءة وتشجيع الشباب للتوجه نحو فرص العمل الاخرى المتاحة بالسوق المحلي، والتوجه نحو المشاريع الانتاجية الفردية الريادية، بما ينسجم مع الميثاق الوطني للتشغيل الذي رعى اطلاقه سمو الأمير حسين بن عبدالله الاسبوع الماضي.