طريق محبة الله عز وجل

أسامة شحادة*

الطريق إلى محبة الله عز وجل طريق واضحة ومعروفة، وهي سهلة وميسورة لكل من أراد السير فيها. وقد تكفل الله عز وجل بتوضيحها وبيانها في كتابه فقال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" (آل عمران، الآية 31).اضافة اعلان
فاتباع النبي صلى الله عليه وسلم هو طريق محبة الله عز وجل. وهذا أمر يوافق عليه كل العقلاء والمنصفين؛ ألسنا نرى في واقعنا وفي بيوتنا الكثير من الصرعات الغريبة والمريبة في اللباس والمظهر والسلوك والكلام والطعام وغير ذلك، والباعث على ذلك كله هو محبة وتقليد واتباع شخصية حقيقية ممن تروج لهم وسائل الإعلام، أو شخصية وهمية خيالية؟!
فالتقليد والاتباع للمحبوب دليل الحب والإخلاص والوفاء، وكلما زاد التقليد والاتباع زاد الحب. ولذلك، فإننا أمام امتحان شخصي لكل منا مفاده: كم مقدار اتباعنا وتقليدنا للنبي صلى الله عليه وسلم، وكم هو مقدار اتباع وتقليد غيره ممن يخالف هديه وسنته؟
اتباع النبي صلى الله عليه وسلم أمر مفروض على كل مسلم، لأن مهمة الرسول هي كما قال الله عز وجل: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء" (إبراهيم، الآية 4). فالرسول صلى الله عليه وسلم جاء ليبين لنا طريق الحق والاستقامة في الدنيا، وطريق النجاة والسعادة في الآخرة. وبقدر ما نستفيد من بيان النبي صلى الله عليه وسلم أولاً، ونتبع ونطبق ثانياً، تكون محبتنا لله عز وجل حقيقةً.
واتباع النبي صلى الله عليه وسلم يشمل سائر أحوال حياة المسلم والمسلمة، كيف لا والله عز وجل يقول: "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" (الأنعام، الآية 162). وكلما كانت أحوالنا مطابقة لبيان النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه، كانت محبة الله في قلوبنا أعظم، ومحبة الله عز وجل لنا أكثر.
ومن أمثلة القصور لدينا عن محبة الله عز وجل واتباع النبي صلى الله عليه وسلم ما يلي:
* أننا لا نستغرب أن تهتم مجلات الموضة وغيرها بدقائق اللباس والشكل للرجال والنساء، الكبار والصغار، وفي الصيف والشتاء، وفي النهار والليل، وفي العمل والإجازة وهكذا؛ ثم نستكثر أن يكون لله عز وجل خالق الخلق، أحكام وأوامر شرعية في لباس الرجال والنساء!
فهل يصح ممن يحب الله عز وجل من الرجال والنساء الذين تراهم في المساجد ومن رواد الطاعات والقربات أن تجد عندهم التناقض في لباسهم؟ فهو محافظ على الصلاة وقد يكون في المسجد لكنه يلبس الذهب مثلاً! أو على ملابسه صور فاضحة! أو تكون المرأة ساترة لشعرها لكنها متبرجة متعطرة نامصة لحواجبها وهكذا! فهل هذا يتفق مع اتباعهما للرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة ربهما عز وجل؟
* الحرص على إتقان أمور الدنيا؛ كما تجد من الحرص على تناسق الألوان في اللباس والأثاث، أو دقة ترتيبات الولائم والحفلات وهكذا، وذلك بالحرص على تعلم دقائق "الإتيكيت" أو البروتوكول وتطبيقه، مع التقصير الفاضح في تعلم الأحكام الشرعية للعبادات، كالطهارة والصلاة والصيام والذكر والعمرة أو قراءة القرآن.
* التقصير والتهاون في حقوق الناس؛ فإن كان موظفاً فليتقن عمله ولا يعطل معاملات الناس، وإن كان تاجراً فلا يغش زبائنه، وإن كان مسؤولاً فليتقِ ربه وليحافظ على المصلحة العامة ولا يقبل بالفساد، وإن كان زوجاً أو والداً فليحسن لزوجه ويرعى ولده بما يرضي الله عزوجل، وإن كان جاراً فليحسن لجيرانه وهكذا.
* الاكتفاء ببعض المظاهر والطقوس التي لم يشرعها الإسلام عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فما فائدة حضور حفلات المولد النبوي وغيرها -والتي لا يوجد لها مستند شرعي وقد تحتوي على منكرات- من قِبل من يقصر في الصلاة أو الحجاب، أو يتعامل بالربا، أو يغش في بيعه وشرائه، أو لا يتورع عن التورط في قضايا الفساد؟
المهم أن الطريق إلى محبة الله عز وجل هي اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في كل شؤون الحياة. وهو أمر سهل لمن أراده؛ فإن تطبيق أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وسنته أسهل بكثير من اتباع الموضات والصرعات الوافدة من وراء المحيطات والتي سرعان ما تنكشف آثارها السلبية.
ومن سار على هذه الطريق سيكتسب كل خلق كريم وقيمة بناءة إيجابية، وسيكون في طليعة المصلحين والناجحين، كما كان من قبل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم على ذلك.
ومن أراد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فعليه أن يكثر من قراءة القرآن الكريم وتفسيره، ويكثر من قراءة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أولاً، ومن ثم يبرمج نفسه تدريجياً للعمل بما تعلم. وهو أمر سهل وميسور، وسيجد له فيه عوناً من الله عز وجل.
* كاتب أردني