عملة رقمية أردنية...خطوة جريئة

غسان الطالب * في خطوة جريئة قال البنك المركزي الأردني بإنه في صدد إعداد دراسة لاصدار عملة رقمية مدعومة بالدينار الأردني وأن هذه العملة المنوي اصدارها لا علاقة لها بالعملات الافتراضية الرقمية التي يتم تداولها الآن ببعض الأسواق المالية العالمية مثل البتكوين (Bitcoin ) والتي أيضا غير مسموح بتداولها في السوق الأردني أو في المبادلات المالية لأسباب عدة منها كما ذكرها محافظ البنك المركزي الدكتور عادل شركس وهي “بهدف حماية المواطن بالدرجة الأولى” إضافة إلى “خسارة العملة لقيمتها نتيجة تقلبات أسعار الصرف واحتمال الخسارة نتيجة عمليات الاحتيال والقرصنة والاختراق والسرقة”، اضافة الى بعض المخاطر التي أشرنا إليها في مقالات سابقة في هذه الصفحة من جريدة الغد، وان هذه العملة المنوي اصدارها موجهة بشكل مباشر للأفراد لتسوية مدفوعاتهم ومعاملاتهم المالية جنبا إلى جنب مع الدينار الأردني دون تحمل أي مخاطر أو آثار على سعر الصرف أو القوة الشرائية للدينار الأردني بمعنى آخر بدل أن يصدر الدينار يشكل ورقي فسيصدر نفس الدينار لكن إلكتروني وسيحمل أرقاما متسلسلة خاصة به. في الوقت الذي تتجه فيه العديد من دول العالم إلى اصدارات رقمية سيادية ان جاز التعبير مرتبط إصدارها بعملاتهم الوطنية مثل الصين وبعض دول أوروبا والتي أجازت في الأصل تداول العملات الرقمية المشفرة مثل البتكوين عالية المخاطر، حتى تكون تحت رقابتها من قبل البنوك المركزية وتنظم تداولها وتصدر بأصول حقيقية ومضمونة، فالعالم اليوم يتجه وبشكل متسارع نحو تطور التكنولوجيا المالية واستخداماتها في أسواق الصرف والمبادلات التجارية. وللتوضيح فالعملات الرقمية المشفرة والتي تثير المخاوف لدى السلطات النقدية للعديد من الدول مثل عملة البتكوين (Bitcoin)، فهي عملة افتراضية وهمية ليس لها وجود مادي سواء ورقي أو معدني، تعتمد بشكل أساسي على مبدأ التشفير، ولا تصدر عن سلطة نقدية أو بنك مركزي معين مما يعني عدم وجود أي جهة رقابية أو إشرافية عليها، كما انها لا تمتلك رقما متسلسلا ولا أي وسيلة أخرى كانت من أي نوع تتيح تتبع ما أنفق للوصول إلى البائع أو المشتري، ظهرت في مطلع العام 2009 ويتم استخدامها فقط عبر شبكة الإنترنت لتسوية المشتريات أو تحويل العملات، وهناك عدة مخاوف تبديها العديد من السلطات الرقابية في معظم دول العالم من التعامل بالعملات الرقمية المشفرة والتي اشرنا اليها مثل عملة البتكوين، من هذه المخاوف: التخوف من ان تصبح هذه العملة وسيلة لغسل الأموال في ظل سهولة تحويلها الى اي مكان في العالم دون أي رقابة أو جهة تشرف على عملية التحوبل هذه. تسهيل هجرة رؤوس الأموال من موطنها إلى أماكن أخرى وبالتالي حرمان الاقتصاد الوطني من مساهمة هذه الأموال في خطط التنمية الاقتصادية والاستثمار في بلدانها. الخوف من أن تكون هذه العملة وسيلة لنهب ثروات الدول النامية لصالح قوى وعصابات دولية. التلاعب في سعر الصرف للعملات الوطنية والعالمية، وذلك لعدم وجود سعر صرف ثابت ومستقر لهذه العملة، مما يهدد بتعرض العالم الى ازمة اقتصادية ومالية اشد قسوة من أزمة الـ 2008. بقي أن نقول بأن خطوة البنك المركزي الأردني هذه بانها خطوة شجاعة وجريئة ستعمل على تنظيم سوق التداول بالعملات الرقمية وتبدد مخاوف المستثمرين إضافة إلى المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار الأردني وقوته الشرائية دون أن تكون هنالك فوضى في السيولة النقدية أو ارباكات في السياسة النقدية التي يرسمها البنك المركزي، كما ان لديه الآن متسعا من الوقت للبدء بوضع التشريعات والقوانين الناظمة لمثل هذا الأصدار. *باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

اضافة اعلان