مخاطر إهمال علاج دوالي الساقين لدى الرجال

مخاطر إهمال علاج دوالي الساقين لدى الرجال
مخاطر إهمال علاج دوالي الساقين لدى الرجال

 د. سهيل الصويص

   يعتقد الكثير من الرجال بأن دوالي الساقين مرض نسائي وانهم في منأى عن ازعاجه ومضاره, لكن الحقيقة هي ان قرابة 20% من حالات الدوالي تصيب الرجال. فإذا استثنينا العوامل الهورمونية والحمل فإن العوامل المسببة للدوالي هي نفسها لدى الجنسين لذلك فمن الطبيعي ان يصاب الرجال ايضاً بالدوالي.

اضافة اعلان

   ومرض الدوالي ينتج عن وجود قصور وظيفي وتوسع في الاوردة السطحية للاطراف السفلى, وهو ليس مرضاً جمالياً فقط بل له بعض المضاعفات الخطرة على الانسان. ويمكن اعتبار علاج الدوالي لدى الرجال اصعب بكثير منه لدى النساء وذلك نظراً للتأخير في الاستشارة ولصعوبة اقناع بعضهم بضرورة العلاج ولهذا فإن غالبية التداخلات العلاجية لدى الرجال طبية كانت ام جراحية تتم في مرحلة المضاعفات.

   والناحية الجمالية لدى الرجال لا تقلقهم كثيراً, بل وان الشعر الكثيف يغطي الدوالي ولا يجعلها تظهر بشكل ملفت للنظر قبل ان تصبح ضخمة للغاية, وبعض الرجال يخجلون من الاستشارة اذا ظهرت لديهم الدوال خوفاً من التعليقات الساخرة. فتأخذ الدوالي راحتها ويكبر حجمها وتغزو اجزاءً واسعة من الاطراف السفلى, ومع مرور الوقت تبدأ الاعراض بالظهور فيشعر الانسان بأوجاع وانتفاخ وثقل واخدرار وسخونة في الساق او في الساقين سوية, ومع غياب استشارة الطبيب تتفاقم الاعراض وتظهر معها المضاعفات واهمها تقرح الساق الوريدي ومن ثم الجلطات الوريدية السطحية والداخلية.

   ومن النقاط المهمة ان حالات عديدة من القصور الوريدي المتقدمة لا يصاحبها الدوالي مما يشكل صعوبة واضحة في التشخيص اذا لم يستشر المريض طبيبا مختصا بالاوعية الدموية ويخضع لفحص ايكو- دوبلر ملون الذي لم يعد بالامكان اليوم تشخيص او علاج حالات الدوالي بطريقة مضمونة دون تقييم مسبق بهذا الفحص.

   ومن السهل تشخيص حالات القصور الوريدي لدى الرجال, فالاعراض المتمثلة بثقل واوجاع وانتفاخ الساقين تظهر في نهاية النهار وعند المكوث لفترة طويلة في وضع الجلوس او الوقوف او بعد رحلة طويلة وتخف او تزول عند الاستلقاء ورفع الساقين, ويسهل التشخيص عند وجود توسعات دوالية في الساقين.

   لكن قد يكون هنالك كما ذكرنا اعراض جسيمة دون وجود دوالي وبالعكس قد يكون لدى الرجل دوال ضخمة دون اعراض تثير قلقه, لكن النتيجة واحدة في كلا الحالتين فالمضاعفات تمثل المرحلة المقبلة للمرض والتصرف يجب ان يكون التوجه لاستشارة طبيب اختصاص لتشخيص الحالة ودرجتها ولاجراء تقييم علمي كامل لجميع اوردة الاطراف, وهكذا يمكن للمصاب بالدوالي تفادي حدوث المضاعفات ومخاطرها.

   المضاعفات كما ذكرنا تنتج عن الاهمال والتأخر في الاستشارة ويسببها احتقان الدم داخل اوردة الساق نتيجة عدم قدرتها على العودة الى القلب بحرية, وتتمثل بالتقرح الوريدي وبالجلطات الوريدية, فالتقرح الوريدي يبدأ على شكل اصطباغ جلدي في منطقة اسفل الساق والقدم تزداد مساحته ثم يبدأ الجلد بالتقرح والالتهاب وفقدان جزء من الجلد والانسجة تحت الجلدية ويمتد في غياب العلاج ليصيب العظم ويؤدي لصعوبة في الحركة وزيادة انتفاخ الساق لدرجة قد تؤدي بدورها لحدوث جلطة وريدية.

   اما الجلطات الوريدية فقط تصيب الاوردة السطحية المصابة بتوسعات ودوال او تصيب الاوردة الداخلية المهمة, ويمكن للجلطات السطحية ان تمتد لتصل للاوردة الداخلية وفي كلا الحالتين توجد خطورة نزوح للتخثرات الدموية الى داخل الشرايين الرئوية.

   ان الحكمة تتطلب من كل رجل لديه دوال كبيرة يصاحبها ألم لا ثقل وانتفاخ استشارة طبيب اختصاص في الاوعية الدموية وذلك لتقييم درجة تطور المرض ووضع الاوردة السطحية والداخلية والتأكد من خلوها من تخثرات (جلطات) دموية ومعرفة مدى اهمية القصور الوريدي والتوسع في قطر الاوردة السطحية حتى يتم اختيار الطريقة العلاجية الملائمة.

   وهذا التقييم يجب ان يتم بواسطة فحص الايكو- دوبلر الملون غير المكلف والذي يعطي نتائج دقيقة, كما وان القيام بتلقي النصائح والعلاج في الفترة غير المتقدمة من المرض تسمح بالتخلص من الدوالي واعراضها قبل حدوث مضاعفات. اما التأخر في الاستشارة او الاهمال فستكون نتائجه حدوث تقرحات جلدية والتي تستدعي علاجاً جراحياً خاصاً على يد اختصاصي بالاوعية الدموية حتى يتم التخلص من مضاره وازعاجه ومخاطره.

   اما الجلطات الوريدية السطحية او الداخلية فمن المؤسف ونحن قد تخطينا عتبة القرن الحادي والعشرين وتوصلنا لعلاجات ناجحة ومبسطة للدوالي واعراضها ان نصل الى هذه المرحلة من التأخر في الاستشارة وتعريض الانسان نفسه لمخاطر على صحته وحياته.