"إسراطين" الدولة الديمقراطية الواحدة

فلسطين التاريخية “دولة الاحتلال اليوم” يسكنها اليوم وحسب آخر الإحصاءات 13.5 مليون نسمة، 6.5 مليون نسمة هم الفلسطينيون أصحاب الأرض والتاريخ والجذور المتأصلة بالأرض والمنسجمة مع الواقع ومع الطبيعة والعادات الأصيلة وسبعة ملايين من الغزاة والذين ينتمون لجميع دول العالم ومن القارات المختلفة وأصحاب التاريخ والعادات المختلفة والمنتمية للدول الأصلية المنتمين لها.اضافة اعلان
بعد عدوان حزيران 67 واحتلال ما تبقى من فلسطين وأراض أخرى في مصر وسورية ولبنان خرجت قرارات الأمم المتحدة وطلبات المجتمع الدولي بالحل القائم على العودة لحدود الرابع من حزيران ولإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب دولة إسرائيل المحتلة لهذه الأراضي، في العام 2002 وخلال القمة العربية في بيروت أطلق عاهل السعودية آنذاك الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، مبادرة السلام العربية ووافقت عليها جميع الأطراف العربية لتصبح مبادرة السلام العربية.
تلك المبادرة والتي أعتقد الزعماء العرب أنها ستكون مبادرة مغرية وستقبل بها إسرائيل على الفور لأن هذه المبادرة كانت مبنية على التطبيع الكامل بين دولة الاحتلال والدول العربية ولاحقا” الدول الإسلامية، قناعة الزعماء العرب آنذاك أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كانت ستدفع بإسرائيل تجاه قبول هذه المبادرة، اليوم وبعد عشرين عاما” من تلك المبادرة يتضح أن إسرائيل كانت على علم بما ستكون عليه حالة العرب مستقبلا، منقسمين على أنفسهم وتسابق على التطبيع معها دون أي ثمن وكان هذا هو دافعها لرفض ذلك العرض، الأيام أثبتت أنها على حق فالدول العربية منقسمة على حالها والدعم الأميركي اللامحدود لها مهما تغيرت الطبقة الحاكمة وأوروبا ستبقى أبدا قزما سياسيا متفرقة بين حكامها ودولها فلماذا عليها دفع أي ثمن لأمر ستحصل وحصلت على قدر كبير منه بالمجان؟
دولة الاحتلال لم تكتف طبعا بالرفض بل هي في الواقع وعدا عن توقيعها على المعاهدات المختلفة مع مصر والأردن والفلسطينيين، ما توقفت لحظة واحدة عن تغيير واقع الأرض الفلسطينية من مستعمرات وتوطين وتغيير واقع القدس وقرارات بالضم للجولان وللمدينة المقدسة وهدم البيوت الفلسطينية لإجبارهم على الهجرة وفصل قطاع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية وإظهاره وكأنه مشكلة لا علاقة لإسرائيل به والسؤال الاستفزازي الذي أطرحه هنا هو: أليس من الأفضل إعادة قطاع غزة لإسرائيل في مثل هذه الظروف بدلا من أن يبقى سجنا لمليوني فلسطيني وإن كان هناك حل فالحل واحد يجب أن يكون مع جميع الأراضي الفلسطينية، أنا أرى أنه سيكون ورقة ضاغطة على إسرائيل أكثر مما هو عليه الحل الآن.
في ظل كل ما ورد نعود لحل الدولة الديمقراطية الواحدة والذي لم يطرح فقط من الأمس فهو حل يتحدث عنه الكثير من الفلسطينيين سواء في القيادة الفلسطينية أو فلسطينيي الداخل هو ليس طرحاً جديدا وهو للعلم حل شبيه بالحل الذي قام به نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا والذي رأى أنه وفي لحظة معينة أنه لا يمكن أبدا” طرد البيض من جنوب أفريقيا وذلك أيضا نتيجة التغيير الذي حصل على الأرض فأصبحت دولة “الأبارتهايد” دولة ديمقراطية بجميع منابتها وأصولها.
هل هذا الحل يمكن تطبيقه في فلسطين التاريخية اليوم؟
باعتقادي أن إسرائيل اليوم هي في مأزق كبير، هي لا تقبل بحل الدولتين ولن تقبل بحل الدولة الديمقراطية الواحدة، هي تريد الدولة اليهودية العقائدية، ولكن أين ستذهب بـ 6.5 مليون فلسطيني (وهذا ما أردته حين قلت لنعيد قطاع غزة لإسرائيل)؟ طردهم لن يكون ممكنا أبداً، الكلام عن الدولة الديمقراطية الواحدة سيزيد بالتأكيد من مأزق إسرائيل وسيزيد من إحراجها وليس بالتأكيد في صالح إسرائيل وخاصة” إذا أخذنا بالحسبان الوضع العربي الرديء.