الأمن الغذائي والاستثمار

يوسف محمد ضمرة باتت تحديات الأمن الغذائي وتداعياتها، نتيجة عدة عوامل ابتداء بأزمة كورونا والتطورات الجيوسياسية والصراعات التي تركت بصمة على مستويات أسعار المواد الغذائية، محور بحث المؤسسات الدولية. مفهوم الأمن الغذائي لا يقتصر على القطاع الزراعي فحسب وانما يدخل فيه قطاعات كثيرة من مياه ونقل وتمويل وغيرها، وقد استطاعت المملكة خلال جائحة كورونا وبالتعاون مع القطاع الخاص عبور تحدي نقص الامدادات بنجاح حيث لم تنقطع أي سلعة بخلاف دول متقدمة. يوجد عدة عوامل في الأردن كانت مفيدة ومدعاة للتفاؤل فقد استفاد الاقتصاد الوطني من تزايد صادرات المملكة من منتجات شركات الفوسفات والبوتاس وكميات صادراتها وموجة صعود مستوياتها السعرية. الا أن ارتفاع أسعار النفط كان من بين العوامل التي أثرت سلبا على الاقتصاد الوطني بصفتها سلعة ارتكازية ما رفع التضخم في المملكة الى 5.7 % تقريبا. بالعودة إلى موضوع الأمن الغذائي فقد أدت العوامل السياسية والحرب الروسية إلى تشكيل صدمة في الامدادات وبالتالي ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وهي عاصفة بدأت ملامحها تلوح حيث أن 354 مليون شخص باتوا يعانون انعدام الأمن الغذائي المزمن موزعين على 45 دولة وهم على وشك الجوع. الخلاصة اليوم ان ارتفاع ارقام الذين يعانون من الأمن الغذائي مردها اسباب سياسية وارتفاع أسعار الوقود وزيادة أسعار الأسمدة عالميا، والجفاف الذي تعاني منه كثير من الدول بسبب التغير المناخي وكلها مجتمعة تحذيرات أطلقتها منظمة برنامج الأغذية العالمي. تلك المعطيات تدفع بملايين الناس إلى سوء التغذية ولها تداعيات خطيرة حتى أنها قد أثرت على تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والتي هدفها الرئيس “كفالة حشد موارد كبيرة من مصادر متنوعة، بما في ذلك عن طريق التعاون الإنمائي المعزز، من أجل تزويد البلدان النامية، ولا سيما أقل البلدان نموا، بما يكفيها من الوسائل التي يمكن التنبؤ بها من أجل تنفيذ البرامج والسياسات الرامية إلى القضاء على الفقر بجميع أبعاده”. وكذلك، فإن مسألة حشد وتوفير التمويل اللازم تؤرق راسمي السياسة على مختلف المستويات لأن التحدي بتوفير الاحتياجات الانسانية تتجاوز 45 مليار دولار سنويا، وهي في ارتفاع مستمر وبالتالي الابتعاد عن تحقيق أهداف الامم المتحدة للتنمية المستدامة. وخلال الفترة الماضية شرعت الحكومة بالتخفيف من تداعيات أزمة كوفيد من خلال برامج الحماية الاجتماعية والتي تقدر بنحو 14 % من الناتج المحلي لمجابهة تداعيات تلك الموجة من خلال المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ونفقات من وزارة التنمية الاجتماعية عبر برامجها المختلفة. وكان هنالك دور بارز للبنك المركزي الاردني والبنوك المحلية ببرامج مختلفة تهدف لحماية شبكة الامان الاجتماعي والابقاء على قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة لتجاوز هذه التداعيات المخيفة. حاليا، يجب الإسراع في تنفيذ السياسات المرسومة لجلب الاستثمارات ووضع الاطار الزمني بما ورد في خطة التحديث الاقتصادي ضمن محركات النمو في القطاع الزراعي والأمن الغذائي لمجابهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان