"الأونروا".. الأردن خاسر رئيس بعد الفلسطينيين

هُناك قصص تُنسج، وحكايات تُروى، لا تنطوي حتى على طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره بعد، كتلك التي حاكتها، وأخرجتها، بشكل أكثر من سيئ، الولايات المُتحدة الأميركية، عندما عللت وقف دعمها المادي الذي تُقدمه إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بزعم أن 12 من موظفي الأخيرة ينتمون إلى المُقاومة الفلسطينية.

اضافة اعلان


أصحاب البيت الأبيض، جلله العظيم جل في علاه بالسواد، لم يُكلفوا أنفسهم عناء إجراء تحقيق، ولو شكلي، بشأن تلك الكذبة أو الاتهامات الباطلة، فضلًا عن أنهم لم يكترثوا أبدًا إلى 152 موظفًا من “الأونروا”، ارتقوا شُهداء، جراء المجاز الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني، منذ 124 يومًا.


تقارير صحفية كثيرة، والعديد من المُحللين والكُتاب، تناولوا بإسهاب، الآثار السلبية لتلك الخطوة التي لا يشك أحد، بأن هدفها الرئيس تصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على الشاهد الوحيد على قضية بلد مُحتل، ومُعاناة وحقوق الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لعقاب جماعي.. وما يدل على صحة ذلك، هرولة كُل من:

 

أستراليا وكندا وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا واليابان وفرنسا وسويسرا والسويد واستونيا، خلف واشنطن، يؤيدون ما يُخطط لهم أسيادهم (العم سام).


ليس هُناك مُبالغة أبدًا، عندما نقول إن الخاسر الرئيس بعد الفلسطينيين وقضيتهم العادلة، هو الأردن، الذي سيتأثر بشكل مُباشر، وعلى أكثر من صعيد، جراء تصفية “الأونروا”، خصوصًا إذا ما علمنا بأنه يعيش فيه 2.2 مليون لاجئ مُسجل، وهو أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين على مُستوى دول العالم.


وبحسبة بسيطة، فإن عدد الأردنيين العاملين في “الأونروا”، يبلغ 7500 موظف وموظفة، بينهم ما يقرب من ألف طبيب وطبيبة، يُشكلون ما نسبته 25 بالمائة من المجموع الكُلي للعاملين بهذه الوكالة في مناطق عملياتها الخمس، التي تضم بالإضافة إلى الأردن، كُلا من: الضفة الغربية، قطاع غزة، سورية ولبنان.


ذلك يعني أن هُناك 7500 أُسرة في الأردن، أو بمعنى ثان 38 ألف فرد، على حسبة أن مُتوسط الأُسرة خمسة أفراد، سيتأثرون سلبًا بشكل مُباشر، وسيفقدون مصادر رزقهم، في حال تم إكمال ذلك المُخطط الشيطاني.


وفي حال تم حسبتها بلغة المال، فإن المبلغ المالي المُتأتي من هؤلاء يبلغ 63 مليون دينار سنويًا، على فرض أن المُتوسط الحسابي لرواتب موظفي الوكالة، سبعمائة دينار شهريًا.. وهذا مبلغ، ليس بكبير ولكنه ليس قليلا أيضًا، خاصة أنه يُنفق في تجمعات تُعد بسيطة، وتكاليف المعيشة فيها أقل من مناطق أُخرى، ما يعني أن له دورًا في تحريك عجلة الاقتصاد الأردني، إذ يتم إنفاقه على تعليم وصحة وملابس وأثاث وغذاء، وكذلك إيجارات.


وتصفية “الأونروا”، تعني توجيه ضربة قاضية للتعليم الأساسي في الأردن، الذي يُعاني الأمرين بالأصل، فمصير 121 ألف طالب وطالبة، يُشكلون 22.2 بالمائة، من مُجمل الطلبة في مدارس الوكالة في أقاليهما الخمسة، والبالغ عددهم 545 ألفًا، بات في علم الغيب، أو قد يتلقون تعليمًا “صوريًا”.. بالإضافة إلى أن 4557 مُعلمًا ومُعلمة، يُشكلون 22.9 بالمائة من عاملي الوكالة، سيخسرون وظائفهم، وبالتالي يفقدون مصدر رزقهم وذويهم.


كما أن “التصفية”، تعني إغلاق 171 مدرسة في المملكة، تُشكل 24.2 بالمائة من مدارس “الأونروا” كافة، والبالغ عددها 706 مدارس، الأمر الذي يُشكل عبئًا جديدًا على المدارس الحُكومية، التي ستكون في وضع لا تُحسد عليه، فحاليًا هي غير قادرة على استيعاب الطلبة الموجودين، وتُعاني من نظام الفترتين، والعديد منها بحاجة إلى إعادة تأهيل، فضلًا عن العدد المُرتفع من المدارس المُستأجرة، فكيف سيكون الحال عندما يُضاف إليهم ذلك الرقم المُخيف؟، خصوصًا إذا ما علمنا بأن أهالي هؤلاء الطلبة غير قادرين على تدريسهم في مؤسسات التعليم الخاصة.


أما القطاع الصحي، فلن يكون أفضل حالًا من “التعليم”، إذ يوجد بالأردن 25 مركزًا صحيًا، تُشكل 17.8 بالمائة من المراكز الصحية التابعة لـ”الأونروا”، البالغ عددها 140.. وللقارئ أن يتخيل، كم سيكون وضع هذا القطاع صعبًا، عندما يعلم بأن المراكز الـ25 تلك تستقبل نحو 1.7 مليون من اللاجئين الفلسطينيين سنويًا.


مرة ثانية، الخاسر الرئيس بعد الفلسطينيين هو الأردن، جراء تلك “الفعلة الإجرامية”، إذ يوجد بالمملكة 10 مُخيمات من أصل 57، تُشكل مُجمل مُخيمات اللاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي يعني أن 17.5 بالمائة من مُخيمات اللاجئين 
موجودة في الأردن.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا