الطاقة وفرص الصناعة

على الرغم من التحديات العديدة التي واجهها قطاع الطاقة في الأردن خلال السنوات الماضية، إلا أن هناك العديد من الإنجازات التي تم تحقيقها نتيجة لتبني إستراتيجيات وسياسات تهدف إلى تحقيق أمن التزود بالطاقة من خلال تنويع مصادرها وزيادة الاعتماد على المصادر المحلية والتوجه نحو الطاقة المستدامة، حيث ارتفعت نسبة الطاقة المنتجة محلياً من 10 % في العام 2019 لتصل إلى 16 % في العام 2021.

اضافة اعلان


لكن ما يزال التحدي الأكبر لقطاع الطاقة وبالتالي الميزانية العامة، هو استيراد النفط ومشتقاته، حيث سجلت واردات الأردن من النفط ومشتقاته قفزة كبيرة خلال العام الماضي (2022)، بعد أن شهدت أسعار النفط والغاز مستويات قياسية في أعقاب الأزمة الأوكرانية. وأظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة، ارتفاع فاتورة استيراد المملكة من النفط الخام ومشتقاته والزيوت المعدنية بنسبة 47.2 %، حيث بلغت قيمة واردات الأردن من النفط ومشتقاته نحو 3.5 مليار دينار (4.93 مليار دولار) خلال 2022، مقابل 2.38 مليار دينار (3.35 مليار دولار) في 2021.
بلغ حجم خليط الطاقة الكلي بواقع نفط خام ومشتقات نفطية بنسبة 45.45 %، وغاز طبيعي بنسبة 37.47 %، وطاقة متجددة بنسبة 14.27 %، والفحم الحجري واللجنايت بنسبة 2.59 %، حيث تصدّر قطاع النقل التوزيع القطاعي لاستهلاك الطاقة، بنسبة 43.02 %، فيما بلغت في القطاع المباني السكنية نسبة 24.43 %، والقطاع الصناعي نسبة 16.35 %، والقطاع التجاري نسبة 16.20 %.


إن الانخفاض السريع في تكلفة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتقنيات الطاقة المتجددة الأخرى يجعلها الخيار الأنسب لإنتاج الطاقة، لكن الغاز يلعب دوراً خاصا في تحول الطاقة، فهو بمثابة دعم لنظام الطاقة القائم على الطاقة المتجددة، وجدير بالذكر أن حرق الغاز ينتج عنه ملوثات أقل مقارنة بمصادر الوقود الأحفوري الأخرى، لذلك فهو بديل جيد لمساعدة مصادر الطاقة المتجددة في تقليل التلوث البيئي، فالمصادر المتجددة لن تكفي وحدها لتوفير الطلب المتزايد على الطاقة والمتوقع أن يقفز بنسبة 40 % خلال العشرين عاما المقبلة.


كذلك تكلفة فاتورة الطاقة في الأردن تُعَد أحد أبرز التحديات التي تعيق نمو القطاع الصناعي، وتضعف قدرته التنافسية داخليا وخارجيا، حيث أن فروقات تكلفة الإنتاج مع الأسواق الداخلية والأسواق التصديرية تصل إلى نحو 25 %، بينما تصل تكلفة الكهرباء في بعض القطاعات الصناعية لما يقارب 60 % من إجمالي تكلفة الإنتاج، وبالتالي التحول الى استخدام الغاز في الصناعات سوف يوفر كلف انتاج قد تصل الى
50 % مقارنة باستخدام الديزل والوقود الثقيل، اذ إن كلفة المليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز الطبيعي تصل الى 8 دنانير مقابل 19 دينارا لمثيلتها من الديزل و 13-14 دينارا من الوقود الثقيل، حسب تصريحات وزارة الطاقة.


وبالتالي يمثّل الغاز فرصة لإجراء تحوّل جذري في القطاع الصناعي يمكن من خلاله بناء اقتصاد متين، فالفرص الصناعية في الأردن تقوم على الخصائص المعتادة للاقتصاد الذي لا يملك مصادر طاقة تدخل في عمليات الإنتاج. لذا، إن نطاق أي سياسة للصناعة الوطنية كان محدوداً بعض الشيء، لكن مع توفر الغاز، يمكن إجراء تغييرات جذرية تعزّز الفرص المتاحة بشكل يؤمّن رافعة لاقتصاد المملكة، وتحقيق مستويات أعلى من التعقيد الاقتصادي، وذلك من خلال سياسة اقتصادية شاملة.


وهنا يستطيع الاردن استغلال البنية التحتية للغاز من خلال خطوط الأنابيب الممتدة من جنوب المملكة الى شمالها، وكذلك ميناء الغاز المسال والربط مع جمهورية مصر العربية، وهنا لا بد من التركيز ايضا على جهود شركة البترول الوطنية، من خلال خطة إنتاجية وتسويقية لرفع قدرتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي من حقل الريشة إلى 200 مليون قدم مكعبة يوميًا خلال المدة من 2024-2030، ليتسنى نقل الغاز لتزويد القطاع الصناعي بالغاز، وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي، ورفع إسهام مصادر الطاقة المحلية في مزيج الطاقة الكلي من خلال ثنائية الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء والغاز للصناعة. 


إن استخدام الغاز الطبيعي يدخل ضمن صناعات عدة، وينتج عن استخدامه مجموعة واسعة من السلع مثل الحديد، والصلب، والألمنيوم، والأسمدة، والمطاط الصناعي، والمواد البلاستيكية، والمنظفات، والدهانات، وغيرها من السلع المختلفة. وعليه فإن بناء شبكة لتوزيع الغاز الطبيعي إلى المجمعات الصناعية، التي من الممكن إعادة استخدام هذه الخطوط على المدى الطويل لنقل الهيدروجين الأخضر، يشكل إحدى أولويات الإستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام 2030-2020، إضافة إلى ما ورد في رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي حول مورد الغاز الطبيعي.


ضمان تنفيذ الإستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام 2020-2030، بالإضافة إلى ما ورد في رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي حول مورد الغاز الطبيعي، من خلال بناء شبكة لتوزيع الغاز الطبيعي إلى المجمعات الصناعية، من شأنها رفع القدرات التصديرية، وستصب في رفع مستوى نمو الصادرات الصناعية، وقيمتها المضافة، والحفاظ على زخمها المطلوب، وضمان التنوع السلعي والجغرافي للصادرات الوطنية.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا