المغترب

خولة كامل الكردي ترتعش يداها تحدق بها والحزن يرسم تعابيره على وجهها، الأم: هل أنت مصرة؟ تخفض رأسها وإنفاسها تتصاعد: نعم يا أمي ولن أتراجع؟ تتنهد الأم وعيناها تغمرهما الدموع: سأشتاق لك يا بنيتي، لم لا تبحثين عن عمل آخر أنت وزوجك؟ تهز رأسها وتأخذ نفسا عميقاً: أرجوك يا أمي لا تصعبي علي الموضوع! حاولي أن تفهميني، كلما نظرت في عيني زوجي وأرى كم المعاناة التي يعانيها يزيدني الامر إصرارا على التفكير بالسفر ومساعدته على تحمل اعباء مسؤوليتي انا والاولاد، تبتلع ريقها وتضمها بقوة: سأشتاق لك لا تنسينا يا بنيتي، تمسح الدموع من على وجنتي أمها: يا امي تعرفين مدى حبي لك انت وابي وإخوتي وما سأقوم به بالعكس هو فائدة لكم ولوطني الغالي. يعيش الكثير من المغتربين الاردنيين حياتهم خارج وطنهم يعملون ويدرسون، وفي كل سنة يحضر المغتربين الى ارض الوطن للقاء اهلهم وذويهم، وتزداد مع قدومهم حركة السوق وينشط الاقتصاد الى حد ما. ان الفائدة التي يجنيها اي مجتمع من ابنائه المغتربين لها عظيم الاثر على الاقتصاد، حيث تعود عجلة الاقتصاد للعمل وتنتعش الاسواق بسبب زيادة الطلب على مختلف السلع والبضائع ومن اهمها الذهب الذي يقبل عليه الاردنيون المغتربون لمناسبات الاعراس والنجاح والتخرج، وايضا يزداد الطلب على شراء العقارات من شقق واراض، والذي بدوره يفيد الاقتصاد بشكل كبير. يعتبر المغتربون الأردنيون صمام الامان للاقتصاد الوطني ومن اربح الاوراق الاقتصادية والتي يمكن المراهنة عليها خاصة في المستقبل، بما يقومون به من الاقبال على الاستثمار وتحفيزه بإنشاء المشاريع المتعددة والتي تصب في صالح انعاش الاقتصاد وتعافيه بعد ركود طويل في فصل الشتاء. يشكل المغتربون الأردنيون في الخارج ما نسبته 14 ٪‏ من اجمالي عدد سكان الاردن، وحوالي 70 ٪‏ منهم يعملون في دول الخليج العربي بالإضافة الى 25 ٪‏ يتواجدون في اميركا وأوروبا والبقية في مختلف دول العالم. وفق التقديرات فإن حجم التحويلات التي تصل الأردن من قبل المغتربين تتجاوز 2.3 مليار دينار سنويا، وهذا يعمل على ازدهار الاقتصاد المحلي وإحداث نقلة نوعيه به برفع معدل الدخل السنوي الاردني، فالمغتربون المتواجدون في أميركا وأوروبا يمتازون بخبرات علمية وثقافية واقتصادية تعزز الموارد البشرية الأردنية. أملنا كبير في أن تكون فئة المغتربين الأردنيين فاعلة ونشطة في مجتمعها وان كانت في الخارج، لانتشال مجتمعها من ضائقته المالية بما لديهم من قدرات شرائية عالية، والمساعدة في طرح وتمويل استثمارات تعود بالنفع على الأردنيين بما يترتب عليه من توفير فرص عمل جديدة للشباب الأردني، فتكون الأردن هي محطتهم الرئيسة لاستثمار اموالهم ورفع حظوظها في تبني مشاريع استثمارية تترك أثرا ملموسا وجليا على الاقتصاد، الذي يعاني اصلا الكثير من التذبذب والهبوط على مدى سنوات طويلة.

المقال السابق للكاتبة

للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا

اضافة اعلان