تدمير صندوق دعم الطالب الجامعي


في ظل الظروف الإقليمية القاهرة التي تحيط بالأردن، حيث تتعرض رئته الغربية، إلى أبشع أنواع المجازر والإبادات الجماعية على يد آلة البطش الصهيونية، وفي ظل ما يُعانيه المواطن الأردني من ظروف معيشية قاسية، يصاحبها أوضاع اقتصادية «مُزرية»، قامت الحكومة، ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العالي، بـ»هندسة» صندوق دعم الطالب الجامعي، من خلال إجراء تعديلات عليه، هدفها الأساس تقليص عدد الطلبة المستفيدين منه، وما أكثرهم!.

اضافة اعلان


حتى كتابة هذه السطور، لا أحد يعلم لماذا أقدمت الوزارة «خلسة»، على اتخاذ ذلك القرار، خصوصًا إذا ما علمنا بأن التعليم الحكومي يتراجع عاما بعد آخر، وإذا ما تمت مقارنته بذلك التعليم الموجود في القطاع الخاص، فإن الأخير يتقدم عليه وبدرجات كبيرة.


الأصح أن تقوم الحكومة بمساعدة المواطن، في الأوضاع العادية، وأن تزيد من تلك المساعدة في ظل الأوضاع الحالية، فالمواطن «غرقان» في ديون مالية كبيرة، نتيجة لأسباب عدة، بدأت مع جائحة كورونا، تلتها أوضاع اقتصادية «مأساوية»، ثم اكتلمت بالعدوان الهمجي الصهيوني على الأهل في قطاع غزة، وما تسبب ذلك من «إرباك» للاقتصاد الوطني.


صندوق دعم الطالب الجامعي، كان ميزة إيجابية في تاريخ «التعليم العالي»، يُشار إليه بالبنان، كونه يخفف الحمل الثقيل على المواطن، فمعلوم بأن الأردنيين، باستثناء فئة بسيطة لا تتعدى الـ15 بالمائة، هم موظفون، أو يشتغلون بـ»المياومة».. فالأصل أن يتم دعم ذلك الصندوق ومساندته، لا «تدميره»، أو دق مسمار في نعشه من إجل إنهائه.


منح وقروض هذا الصندوق، كانت بالنسبة للكثير من الأردنيين، خصوصا من الطبقتين الفقيرة ومحدودة الدخل، حجر الرحى، أو إحدى الأساسيات، التي يستطيعون من خلالها إكمال أبنائهم الدراسة الجامعية أو حتى في كليات المجتمع المتوسطة.. فليس من العقل في شيء أن يتم حرمان عشرات آلاف الطلبة من التعليم الجامعي.


عدم توفر مبالغ مالية لـ»الصندوق»، حجة واهية، لا يستوعبها ذو عقل، فالأولى أن يتم زيادة هذه المبالغ، لا تقليصها، وإذا كانت الحكومة جادة في التوفير، فالأصل أن تلجأ إلى ذلك من خلال أمور أُخرى، كضبط النفقات، وتخفيض ما يخصص كبدل سفر لكبار الموظفين، وتقليص عدد المستشارين، خصوصًا للوزراء وأصحاب الدرجات العليا. 


النظام الجديد، يشترط ألا يقل معدل الطالب التراكمي في الفصل السابق لتاريخ تقديم طلب الاستفادة من المنحة أو القرض عن 68 بالمائة أو عن تقدير جيد.. وإن كان هذا الشرط إيجابيا نوعا ما، إذ يتم تمييز الطالب المتفوق، إلا أنه يتضمن سلبيات كثيرة، فقد يتعرض أحد الطلبة إلى «نكسة» أو مرض أو شيء عارض، يجعله «يكبو» قليلا.. فهل من العدل حرمانه من منحة أو قرض؟.


كما يحرم النظام، الطالب الحاصل على عقوبة إنذار تأديبي من الاستفادة من الصندوق.. فهذا الشرط، وكأنه حق يراد به باطل، فظاهره هو أن الطالب «المشاكس» أو «المشكلجي»، يحرم من المنحة أو القرض، وهذا بحد ذاته أمر مطلوب، لا بل ومحمود، لكن باطنه ينم عن «تربص»، فقد يحصل الطالب على إنذار لمجرد أن يكون ناشطًا حزبيًا أو على وسائل التواصل الاجتماعي!.


أخشى أن يكون هذا القرار، كسابقته من القرارات التي يراد بها هدم التعليم أو جعله لفئة معينة، مُحرمًا على آخرين، أو ترك الطلبة الجامعيين وذويهم لقمة سائغة للبنوك التجارية وشركات المال الأخرى.


يبقى الأمل معقودا على مجلس النواب، إذ تناقش حاليا لجنته المالية مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام 2024.. فإمكانها والمجلس عمل الكثير من أجل مصلحة الطالب، ومن قبله التعليم والوطن.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا