الفلسطينيون.. آلاف اللدغات والجحر واحد!

منذ ما يقارب الـ75 عاما، وبالتحديد منذ العام 1948، أو ما تُسمى النكبة، والفلسطينيون يقعون في نفس الأخطاء، ويعقدون الآمال نفسها على دول، من غير المُستبعد أن تكون شريكة في التخاذل أو الخيانة، التي تعرضوا، وما يزال، على امتداد أراضيهم المُحتلة.

اضافة اعلان


من نكبة إلى أخرى، ومن نكسة إلى ثانية، ومن نزوح إلى آخر، ومن تهجير جماعي، بشكل مخفي، إلى جديد علني، بُث على شاشات التلفاز والفضائيات مُباشرة.. ما يزال الفلسطينيون يتشبثون بخيوط، أقل ما يُقال عنها بأنها أوهن من بيت العنكبوت، لإنصاف قضيتهم.


باستثناء الأردن، الذي تربطه مع الأشقاء في فلسطين، روابط عديدة، أهمها الدم والجيرة والقُربى، ويبذل جهودا مُضنية من أجل إنصاف قضيتهم، ويجوب مسؤولوه العالم، ليلًا نهارا، من أجل تسليط الضوء على القضية الفلسطينية (المركزية)، وإسماع العالم الحُر الظلم والاضطهاد الذي يعيشه الفلسطيني، فضلا عما قدمه أبناء الأردن من دماء روت الأراضي الفلسطينية، في سبيل نُصرة القضية الأهم، حتى يتمكن أهلها من إقامة دولتهم المُستقلة على ترابهم الوطني.


آلاف القرى والبلدات، طُمست عن بكرة أبيها، وأصبحت أثرا بعد عين، جراء وحشية الصهاينة، الذين لم يسلم منهم حتى الحجر والشجر، والفلسطينيون هم كذلك، يلجأون بعد الله عز وجل إلى أولئك المُتاجرين بقضيتهم، والذين لجأوا إليهم قبل عشرات السنين، فكانت ردات فعلهم، كما هي، لم تتغير، وكأنهم فعلًا لا يتعظون من ماض أليم.


بعضهم كان يافعًا، يتمتع بقوة وشباب، ولديه طموحات وأمنيات ينوي أو يأمل تحقيقها.. واليوم أصبحوا في أواخر أعمارهم، إن لم تكن قد أصابتهم الأسقام في مقتل، وألزمتهم الفراش، ناهيك عن أولئك الذين أصبحوا لا يستطيعون المشي إلا بعصا، تُساعدهم على إنجاز خطوات.. وما يزال الفلسطينيون يرتكبون نفس الأخطاء، إن جاز التعبير، ويأملون أن يصطف بجانبهم بعض الأشقاء والأصدقاء، الذين تاجروا في قضيتهم.


مئات الآلاف من الفلسطينيين، فقدوا بيوتهم، وأماكن سكناهم، فضلًا عن أراضيهم، التي كانت مصدر رزقهم الوحيد، وبمعنى أصح أولئك طردهم الكيان الغاصب، وبشكل جماعي، من منازلهم وأراضيهم.. وما يزال الفلسطينيون يمنون النفس بوقفة من هذه الدولة أو تلك، أو نجدة من أُناس، يجمعهم الدين واللغة والدم والعرق، تُعيد لهم الحياة، أو على الأقل المُساعدة في التغلب على ما يتعرضون لهم من ظلم وإبادة.


من تدمير للبُنى التحيتة، إلى آخر، أقوى وأشد عنفًا وهمجية، إذ إن جُل، إن لم يكن كُل، البنى التحتية في الأراضي الفلسطينية المُحتلة، قد تم تدميرها، بفعل مُتفجرات وآليات العصابات الصهيونية.. وما يزال الفلسطينيون يأملون بعون المُتآمرين والمُتخاذلين، أو الناصرين لقضيتهم وعدالتها، لعل وعسى أن يُساهم في كشف الغُمة، التي تستحوذ عليهم.


معالم تاريخية وأثرية وسياحية، وأُخرى دينية، لم تعد موجودة، إثر عنجهية وصلف اليهود الحاقدين، وكأنهم يُريدون محو أو إزالة كل دليل أو معلم يدل على أن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض الأصليين.. وما يزال الفلسطينيون متمسكين بأوهام، لا تُسمن ولا تُغني من جوع.


لا ألوم الأشقاء الفلسطينيين، لكن هذه رسالة بألا يعتمدوا بعد الآن على أحد، جماعة كانت أم أحزابًا، فليس لهم سوى الله جل في علاه، ومن ثم الاعتماد على أنفسهم فقط، وبالمقاومة التي أبلت بلاء حسنا حتى كتابة هذه السطور.. فمن لم يتعظ بعد مرور 75 عاما، تخللتها نكبات ونكسات ونزوح ولجوء وتهجير، فإن ذلك يوحي إما بأنه «طويل الأمل»، أو أنه مُتمسك بعروبته وقوميته ودينه حتى النخاع!.


منذ عقود من الأعوام، والفلسطينيون يتعرضون من قبل المُتاجرين بقضيتهم، لخذلان عامًا بعد عام، وخيانات مُتتالية، يبدو أنها لن تنتهي، وتواطؤ لم ير العالم له مثيلًا.. كُل ذلك يحدث أمام الكثير من الدول، الذين راهن عليهم الفلسطينيون، الذين تعبوا كثيرا وهم يلهثون من أجل الوصول إلى بر الأمان، وإنصافهم وقضيتهم، إذ ما تزال أراضيهم مُحتلة، ويتعرضون لأبشع وأعنف المجازر الجماعية والإبادات، استخدمت فيها كل الأسلحة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا