توسعة الفرجار

الخبر الرسمي – ويشمل ذلك التصريحات الرسمية- غامض وفضفاض ولا يكشف الحقائق كما هي.


حين يكون الحديث عن العلاقات مع بلد او دولة ما، دوما يحمل الخبر او التصريح الرسمي ديباجة مسبوكة واحدة فإن كان الحديث عن دولة عربية "او إسلامية" نتحدث عن علاقات جيدة مع الدولة "الشقيقة"، وإن كان الحديث عن دولة خارج التصنيف العربي "والإسلامي" يكون الخبر عن علاقات جيدة مع الدولة "الصديقة".

اضافة اعلان


هذه الحيلة انتهت صلاحيتها، وهي صالحة لعصر ما قبل ثورة المعلومات وتدفقها الهائل بكل ما فيه من انفتاح معلوماتي لا يحتاج جهدا كبيرا بصراحة للوصول إلى تفاصيله.


في إقليم ملتهب بشدة، والتحالفات فيه تتم صياغتها بناء على المصالح، لم يعد هنالك مكان شرعي للتصريح الرسمي عن علاقات ثنائية جيدة مع الشقيق أو الصديق، لا يوجد في العلاقات الدولية أشقاء وأبناء عمومة، وليس هناك دفتر عائلة "إقليمي" يصلح لحل الأزمات. أما الصداقات فهي ليست دائمة، ومرتبط مفهومها بالمصالح التي تخلق تلك "الصداقات" والمصالح تتغير بطبيعتها حتى لو بعد وقت طويل.


طيب..


فلنضع السؤال إذا بالصيغة التالية: أين هي مصالحنا الإقليمية والدولية على طاولة صناعة القرار وصياغة علاقاتنا سواء تلك الإقليمية او الدولية؟


هل لا زلنا نعتمد مفهوم "المساعدات المالية" فقط كمعيار لتحديد العلاقات الإقليمية؟ ألا توجد مصالح أكثر اتساعا؟ أليس لدى الأردن موارد "جيوسياسية" ومعرفية يمكن له أن يبني عليها سلسلة علاقات جديدة ونوعية مبنية على مصالح متبادلة تتسق مع مفهوم "التكامل الإقليمي"؟


حتى على المستوى الدولي، ليس هناك وضوح في السياسة الأردنية.


نقرأ ونشاهد "ويمكن الوصول بكلمات مفتاحية على الانترنت إلى كل مصادر الأخبار بكل صورها" عن علاقات جديدة ورفيعة مع دولة أفريقية مثل رواندا! نقرأ ونشاهد بالصور توقيع اتفاقيات بين الأردن ورواندا منها اتفاقيات تجارية، بل واتفاقيات تتعلق بمنح مواطني البلدين حق الدخول بدون تأشيرات بينهما، وربما في ذلك مصلحة أردنية لكن ألا يستحق الأمر توضيح تلك المصلحة مع الدولة التي أصبحت صديقة بفترة وجيزة، لنفهم كيف لا تستحق دول "شقيقة" ذات الامتيازات مثلا في حق الدخول إلى الأردن؟


شخصيا، أتحمس لهذا التوسع في العلاقات المبني على مصالح تحققها الدولة الأردنية، وتوسع دائرة الفرجار على الخارطة يجب أن تكون محسوبة على أن تكون إبرة الفرجار مثبتة على منتصف دائرة المصالح الأردنية.


ماذا عن المسافات الأقرب في محيطنا الإقليمي؟ المعطيات تتغير بقوة، وهذا يعني تغيرا في المصالح مما يعني ضرورة مراجعة العلاقات وتقديم المصالح لتحديدها؟


نعم، لدينا أدوات دبلوماسية رسمية تعمل بكافة القنوات وجهودها مشكورة، لكن هناك أدوات مساندة يمكن استخدامها تدرس وتقيس وتختبر بدون أي كلف رسمية، تتعلق بالنخب الفكرية والمثقفة من أردنيين في الداخل الأردني وخارجه يملك كل منهم شبكة علاقات جيدة من المعارف في الدول الأخرى، ويمكن توظيفها بشكل منهجي ومنظم ومستمر، لإعادة التقييم وقراءة ما هو خلف سطور ذلك الخبر الرسمي والمتعلق دوما بالعلاقات الثنائية بين البلدين، شقيقين أو صديقين.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا 

ذات صلة
placeholder

الأسئلة الضرورية

21 كانون الثاني 2024
placeholder

ذلك الإصلاح الضروري

17 كانون الثاني 2024
placeholder

الركمجة السياسية

14 كانون الثاني 2024
placeholder

تلك الحرب الضرورية

07 كانون الثاني 2024