خصلة شعر تهز العالم

تهاني روحي خصلة شعر أشعلت فتيل الغضب وأيقظت الأجيج الذي كان يستعر لإعلان الرفض لما هو سائد. هذه الخصلة للراحلة مهسا أميني والتي قلبت إيران، بل حركت مشاعر العالم أجمع الذي خرج من جميع الاجناس والاعمار من مختلف بلدان العالم يطالبون بالكرامة الانسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية. وفي إيران نفسها، الاحتجاجات التي اندلعت بسبب وفاة الشابة مهسا وخروج الشباب والشابات بشكل مستمر ودون توقف للتعبير عن احتجاجاتهم على اضطهاد المرأة طوال العقود الماضية شكّل حافزا للنساء في للمطالبة بحقوقهن المهدورة. ولا شك بأن زعماء العالم الآن يتحملون عبئاً لا يُحسَدون عليه، ولعل هذا الحراك العالمي سيجعلهم يسألون الأسئلة المناسبة ويجيبون عليها بشكل حاسم. فلماذا تُستبعَد النساء بدرجة كبيرة من عملية صنع القرار المجدية في حين أن مشاركتها تفيد المجتمع؟ وكيف يمكننا أن نوقف موجة اللامساواة المتزايدة التي تهدّد استقرار الأمم؟ وبينما يزداد الاعتراف بالمساواة بين المرأة والرجل، إلا أن ذلك لم يُزل تلقائيًا العقبات التي يمكن أن تعيق التعبير عنها في كل بُعد من أبعاد الحياة. وبالرغم من تحقق تقدم كبير في مجال الوصول إلى التعليم وخلق البيئات اللازمة التي تمكّن المرأة من الازدهار جنبًا إلى جنب مع الرجل، فما يزال هناك الكثير مما ينبغي إنجازه. ما يزال الظلم المنهجي والهيكلي يقمع إمكانات المرأة، ويُغرِق البشرية في أزمة تلو الأخرى. وإلى أن يتم استئصال هذه الفوارق من نسيج المجتمع بالكامل، فإن البشرية ستظل في حالة عدم التوازن التي أصبحت تَحدّ الكثير من جوانب الحياة. ولهذا، ظل زخم التضامن العالمي مع حراك مهسا اميني، فقد رأينا النشطاء من جميع بلاد العالم يحاولون أيضا تسليط الضوء على الوضع الحقوقي والتشريعي للمرأة في بعض البلدان واطلاق دعوات لضرورة تعزيز حقوقها وإنهاء التشريعات المجحفة بحقها وإنهاء جرائم العنف بحقها. إن ما أدى إلى معاناة البشرية منذ فترة طويلة هو الاستخفاف بالاهتمام وقيم الصفات التوافقية التي يمكن للمرأة أن تضيفها للمجتمع. فيمكن تشبيه البشرية بطائرٍ ذي جناحين، الرجل والمرأة، كلاهما عانى من أجل الطيران لأن جناح المرأة قد تمّ كبحه لفترةٍ طويلة. من يستطيع أن يتصور تمامًا الأوج الذي ستصل إليه البشرية عندما يكون كلا الجناحين متعاونين وقويين؟ من ذلك، عندما يتمّ إشراك البنات في عمليات صنع القرار، وعندما يتمّ تشجيع الأبناء على رعاية الأسرة، يؤدّي ذلك إلى تطوير شخصياتهم. وتضامن السياسيات والبرلمانيات والممثلات العالميات مع المحتجين على وفاة الشابة الإيرانية وذلك عبر قيامهن بقص خصلات من شعرهن، ما هي الا رسالة للعالم اجمع عن تضامن الموقف الانساني وإثباتا لمواقفهن من أجل الحرية. والآن وبعد شهرين تقريبا على مقتل مهسا اميني، انها المرة الأولى التي يتحد فيها الكثير من الناس بغض النظر عن معتقداتهم السياسية او الدينية او انتماءاتهم العرقية او القومية للمطالبة برفع الظلم عن المرأة تحديدا والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لجميع البشرية، وهذا بحد ذاته شيء مثير للإعجاب. المقال السابق للكاتبة اضافة اعلان