ربيع آت رغم أنف الاحتباس الحراري

د. تهاني روحي بالرغم من غياب المراعي والذي سيؤثر سلبا على مربي المواشي، ويرفع تكاليف الإنتاج وظهور الأوبئة والأمراض، وبالرغم من التهديد بعزوف المزارع عن استثمار أرضه، ويهدد أمن الأردن الغذائي، وفي ظل ما تشهده الأجواء من ارتفاع في درجات الحرارة وتوقف الهطول المطري مع بدء فصل الربيع في الأردن، إلا أن هذا لم يمنع الأردنيين من انطلاق 10 آلاف منهم في أحضان الطبيعة للتنزه وافتراش جنبات الطرق للاستمتاع بجمال الربيع ويقضون رحلاتهم العائلية في احضان السهول التي تفتحت فيها الازهار. وبحسب موقع طقس العرب، فإن التوقعات المناخية تشير إلى أن الأردن، ودع فصل الشتاء مناخيا مبكرا ولا عجب، فنحن نشهد تغيرات مناخية، وما ينتج عنها من تداعيات، كالعجز المائي، الأمر الذي دعا اتحاد المزارعين الأردنيين لمناشدة وزارة الأوقاف، بالسماح بإقامة صلاة الاستسقاء تضرعا لله، في ظل ما تشهده الينابيع التي يعتمد عليها المزارعون من جفاف. وعودة الى الربيع، فقد شهدت الطبيعة وخاصة في منطقة الشمال توافد العائلات وأدخلت البهجة الى القلوب بعد شتاء كان ايضا أبرد من المعتاد وهو أيضا بسبب التغييرات المناخية. ولم لا، انه فصل تجدد الحياة والامل فكما ان الاشجار تجدد اغصانها وأوراقها، فكذلك الإنسان يبدأ بتجديد مشاعره ونفسيته، فالعلم قد أثبت تأثير طقسه على صحة الإنسان النفسية والعاطفية والجسدية. ومع يوم الاعتدال الربيعي، يأتي عيد النوروز وهو من أقدم الأعياد يحتفل فيه الملايين من الناس من شرق ووسط وجنوب آسيا، القوقاز، الأكراد، وبعض دول البلقان على اختلاف ثقافاﺗﻬم ودياناﺗﻬم ولغاﺗﻬم، كما انه عيد بداية السنة بالنسبة للبهائيين أيضا. ويرمز هذا العيد إلى الربيع وتجدد الحياة، وفيها تجرى الاحتفالات التي تعكس الحياة والتجدّد والأمل ويخرج المحتفلين إلى الطبيعة التي تكون قد لبست حلة جديدة وازدانت بأزهار الربيع، وكأنهم يُشاركون الطبيعة بفرحة التجدد الذي يُبشرهم بأمل لمستقبل أفضل. ونظرا لأهمية عيد النيروز، فقد أدرجته اليونسكو في قوائمها للتراث الثقافي غير المادي للبشريّة بوصفه احتفالا زاخراً بالتّنوع، يعزز السّلام والتّضامن بين مختلف المناطق. وفي الحقيقة، إن لم يأت ربيع جديد فكيف يكون أثر ذلك على كوكب الأرض؟ لا شكّ أنّه سيصير خرابًا وتمحى منه الحياة. فالأرض محتاجة إلى قدوم الرّبيع في كلّ حَوْل، ومن الضّروريّ أن يأتيها الجديد من النّعم، فإذا ما غابت عنها تمحى الحياة. وعلى نفس المنوال نحتاج نحن أيضا إلى حياة جيدة ودافع جديد يبعث فينا إصلاحا جديدا. ولولا هذا التّجديد لانمحت الحياة من العالم وانطفأت جذوتها. وإذا لم يهطل المطر، تفنى كلّ الكائنات الحيّة. وإذا لم يسطع نور جديد، تستولي على الأرض ظلمة الموت. وإذا لم يأت فصل ربيع جديد، تمحى الحياة من هذا الكوكب. فالربيع بمعانيه المختلفة يرمز أيضا الى إيجاد التبدل والتحول في حياة الإنسان من الدّاخل، وفي الظّروف والأوضاع المحيطة به من الخارج كأن يكون مناديا بالتّسامح والتّفاهم، ويعتبر الوحدة المتأصلة في الإنسانية على رأس أولوياته، ويرى في كلّ واحد شريكا محتملا للتعاون، حتى نسعى جميعا جاهدين لتعزيز شعور الأُلفة بيننا. وكل ربيع ونحن بخير بالرغم من أنف الاحتباس الحراري. المقال السابق للكاتبة شخصية (أليكسا) تبرمجت لتلقي الأوامراضافة اعلان