كورونا: لا مقومات لنسخ تجارب الآخرين

في الإجراءات التي تمت في الأردن لغاية هذه اللحظة مع جائحة كورونا فإننا نلاحظ بعضًا من الامور غير المقنعة والتي من حق الأردنيين ان يتساءلوا عن جدواها؟اضافة اعلان
في الموجة الاولى من (انتشار) الفيروس خضعنا لإغلاق كلي وحظر شامل لمدة تقترب من الشهرين، في هذين الشهرين كانت الاصابات لا تتجاوز يوميًا عدد اصابع اليدين وفي بعض الأحيان وصلنا لفترة اسبوع دون إصابات.
انتشار المرض في الأردن في تلك الفترة كان مرده عدم التزام المحجورين بحجرهم الصحي مثل سائق الخناصري وعرس اربد والسيد صبحي وغيره، اما لم يلتزموا او لم ينوه لمرضهم رغم مراجعتهم وكانوا مصدر مرض للآخرين.
رغم ذلك استطعنا تجاوز تلك الفترة وحظيت الإدارة الأردنية لهذه الأزمة بتقدير كبير من المواطنين، الجيش، الأمن، إدارة الأزمات ورغم كل الصعاب حتى الحكومة الأردنية كانت موضع تقدير، الجميع أشاد بهذه القدرة على الحفاظ على نظافة بلدنا من هذه الجائحة، أعلنا النصر مبكرًا وأصبحنا نروج لأنفسنا بأننا من أفضل البلاد في العالم ان لم نكن أحسنها، اليوم نكتشف كل ذلك كان مبالغًا به إلى حد كبير.
أصبح واضحًا للجميع ان الموجة الثانية أتت من الحدود، جابر، العمري، القادمين عربا وأردنيين، لم نحسن التعامل والتدابير مع القادمين ولم نحملهم مسؤولياتهم.
اليوم سلطاتنا تقرر رغم وجود المرض بأرقام لم نرها سابقًا رفع الحظر وفتح الحدود وعودة المدارس، اجراءات لم تقم بها عندما كانت الاصابات بالحد الأدنى، ربما سلطاتنا وخاصة وزير الصحة هو بذلك يقرر نسخ التجربة الاوروبية دون توفر المقومات للقيام بذلك.
القارة الاوروبية وخاصة إيطاليا والتي خسرت خلال الموجة الاولى 35 ألف مواطن كانت مرتعًا للمرض بعد خروجه من الصين ولم تغلق حدودها يومًا واحدًا ولم تحتضن بمستشفياتها كل المصابين، فقط الاصابات التي كانت بحاجة للمساعدة والآخرين وعلى امانتهم حجر منزلي والتزام منهم بذلك، استطاعت الخروج من مرحلة الخطر لتصبح بلدًا خضراء واغلقت جميع مستشفياتها الميدانية والكثير من الاقسام التي خصصت لكورونا خلال تلك الفترة، ايطاليا ودول اخرى اوروبية استطاعت الوصول لذلك لاعتمادها على شعوب متعاونة مع قراراتها وتفهمها للمصلحة الوطنية.
في الأردن الوضع يختلف كليًا، الواقع والتجارب السابقة مع المصابين تفهمنا أنا لسنا مؤهلين لاستنساخ التجربة الاوروبية لا شعبيًا ولا حكوميا وهي ما اسموها بمقومات، شعبيًا عاداتنا وعقليتنا تختلف كليًا عن العادات والعقلية الاوروبية، لا ننسى ان 57 ٪ من الاردنيين لديهم شكوك بوجود كورونا، فكيف تطلب من شعب تحمل مسؤولياته وهو ليس مقتنعًا بوجود المرض.
حكوميًا مستشفياتنا ليست مؤهلة، ونتعامل مع مرضى كورونا على حساب المرضى الآخرين، فقط بعمان وبخطط مغلوطة، مستشفى الامير حمزة يحول لاستقبال مرضى كورونا بدلًا من القيام بعمل مستشفى ميداني لحالات كورونا.
المستشفيات الميدانية نحن مبدعون بعملها في الدول الاخرى، لا ضرر، لكن علينا عملها في الاردن واليوم أعتقد ان هناك حاجة لعمل مستشفى ميداني في كل محافظة لأن المرض الآن وصل لكل محافظاتنا، تركنا الحدود البرية مفتوحة وادخلت لنا المرض دون حسيب او رقيب، فطنا لذلك متأخرًا، أيضًا عودة المدارس في هذا الظرف ودون ترتيبات يثنى عليها لمواجهة المرض ليست مقنعة، خلال اول اسبوع من المدارس أغلقنا ما يزيد على 70 مدرسة وهو رقم عال بالنسبة لعدد مدارسنا، عودة المدارس يجب ان يصاحبها الكثير من الاجراءات وليس للتصوير فقط امام التلفزيون لضمان صحة بناتنا وأبنائنا.
لا أعلم ما الذي جرى بأول يوم بمطارنا الدولي بعد فتحه للطائرات وهل جرت فحوصات وهل كان جميع القادمين خالين من المرض؟ الاجراءات الحكومية يجب ان تكون مرتكزة على خطط وأسس قوية لمواجهة هذه الجائحة ولا نرى اجراءات ذات ثقة.
علينا جميعًا ان نكون على معرفة تامة بحدودنا وقدراتنا على التجاوب وعلى المواجهة أمام هذا الخطر المحدق وبعد ذلك نقرر ماذا نفعل.