الأغوار.. استقبال العام الدراسي بجيوب فارغة يرهق الآباء ويحرج الأبناء

إحدى مدارس البنات في لواء الغور الشمالي-(الغد)
إحدى مدارس البنات في لواء الغور الشمالي-(الغد)

 استقبال عام دراسي جديد بجيوب فارغة، حالة متكررة يتقاسم معاناتها أولياء أمور وطلبة أسر معوزة بالغور الشمالي، في وقت لا تجد فيه هذه الأسر غير اتباع ما يعرف بـ "رثي" الملابس و "ترقيع" الحقائب المدرسية، كأسلوب للتحايل على الأوضاع، وترحيل المشكلة لعام قادم قد تتحسن فيه الظروف.

اضافة اعلان

 

  ويصنف لواء الغور الشمالي ضمن أشد المناطق فقرا في المملكة، حيث تصل نسبة الفقر إلى 37 %، وتتقاضى 4300 أسرة، رواتب شهرية من صندوق المعونة الوطنية، من مختلف الفئات سواء من ذوي الإعاقة والفقراء والمطلقات والأرامل.


ويقول المواطن جمال أبو نعاج من منطقة المشارع بلواء الغور الشمالي،  إن غالبية الأسر تعاني من ظروف مالية صعبة، تفرض عليها معيشة ضنكة لا تستطيع معها توفير أبسط المستلزمات الموسمية ومنها على سبيل المثال مستلزمات بداية العام الدراسي. 


وتابع "الكثير من الطلبة يستقبلون العام الدراسي الجديد بملابس وحقائب قديمة، ومنها ما لا يصلح للاستخدام لولا تدخل عمليات رثي الملابس وترقيع الحقائب". 


وفي إشارة منه لحجم المعاناة التي تعيشها بعض الأسر يقول أبو نعاج إن "أسرا تعيش على دخل لا يتجاوز 150 دينارا شهريا، في مثل هذه الأوضاع يصبح ثمن قلم أو دفتر المدرسة أمرا يرهق الآباء ويتعس الأبناء". 


الخطير في حديث أبو نعاج أن بعض الأسر قد تفكر أحيانا بإخراج أبنائها من المدارس، ودفعهم للعمل كي يتحولوا من مصدر إنفاق إلى مصدر يدر دخلا". 


أم نزار، ربة منزل، توضح مدى ما تواجهه أسرتها من صعوبات مالية، والتي يصبح معها موضوع العودة إلى المدارس كابوسا موسميا. 


تقول أم نزار "بعد صرف راتب زوجي الذي لا يتجاوز 200 دينار على شراء مواد غذائية لأسرتي وتسديد فواتير الكهرباء والمياه التي تصل أحيانا إلى 60 دينارا، لا يتبقى من الراتب شيء". 


وتضيف "لدي 6 أبناء، بينهم 3 على مقاعد الدراسة، هم لا يدركون معنى الذهاب لعام دراسي جديد بملابس وحقائب قديمة، حتى يشاهدوا أقرانهم، أو يسمعوا قصص العام الدراسي الجديد والتحضير له".


أم نزار التي تعتبر أطفال الغور الأقل حظا على كافة الصعد، مشيرة إلى لجوء العديد من الأسر الفقيرة بالأغوار للجمعيات الخيرية من أجل الحصول على ما يعرف بـ "دعم العودة للمدارس".      


تقول أم خالد من منطقة المخيبة والتي تتقاضى من صندوق المعونة الوطنية مساعدة مقدارها 120 دينارا شهريا "أبنائي لن يذهبوا للمدرسة هذا العام لعدم مقدرتي توفير مصاريفهم الدراسية في ظل موجة غلاء تفوق قدرات الأسر الفقيرة التي تعيش أوضاعا مأساوية". 


أم خالد التي تقطن بمنزل تبلغ أجرته الشهرية 70 دينارا، تعتبر وبحسابات الإنفاق المعيشي خارج المعادلة، إذ لا يتبقى وعلى حد تأكيدها وبعد دفع التزامات المنزل ما يوفر لها شراء مسنلزمات تحضير وجبة أو وجبتي أكل. 


في مثل هذه الظروف، تصبح حتى القرطاسة مواد ترفيه، لا يمكن حتى التفكير في شرائها، ويعني ذهاب أولادها وأياديهم فارغة من قلم أو حقيبة إلى المدرسة، شيئا لا يذكر مقابل بطونهم الفارغة. 


محمد الرياحنة من سكان الغور يرجع أسباب انتشار الفقر بين العديد من الأسر، إلى غياب أي مشاريع استثمارية، والتي تمكن أرباب الأسر والشباب من العمل الدائم، موضحا أن غالبية الأسر بالأغوار يعمل أربابها في العمل الزراعي الموسمي، وكثيرا ما يجدون أنفسهم بعد انتهاء موسم الزراعة بلا أي عمل ولا أي مصدر دخل.


وأضاف أنه وحتى مع أيام العمل فإن الأجور بطبيعة الحال متدنية وتنحصر ضمن العمل بالمياومة. 


وتطالب رئيسة جمعية تلال المنشية تهاني الشحيمات من الجهات المعنية مثل التنمية الاجتماعية والمؤسسات والشركات الخاصة والجهات الخيرية، الالتفات أكثر إلى المناطق المهمشة، لتخطي الوضع المعيشي المتردي فيها، مشيرة إلى أن فرحة العودة للمدارس تغيب عن بيوت طلبة وذويهم في الأغوار لعدم مقدرتهم على توفير الاحتياجات الأساسية لأبنائهم ولا حتى لديهم القدرة على توفير القرطاسية التي أصبحت تشكل عبئا كبيرا على الطلبة وذويهم، مؤكدة أن هناك العشرات من الطلبة يتهربون من الذهاب إلى المدرسة جراء تعرضهم للإحراج من قبل المعلمات والمعلمين حال الطلب منهم إحضار المستلزمات المدرسية، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب التسرب المدرسي في المنطقة وزيادة المشاكل الاجتماعية في ظل انتشار مشاكل. 


وفي أكثر من مناسبة، دائما ما تؤكد مديرية التنمية الاجتماعية في الأغوار الشمالية حرصها على متابعتها أوضاع الأسر الفقيرة في اللواء، وتقديم كافة وسائل الدعم ضمن الإمكانات المتاحة.


ووفق ما أوضحه مصدر لـ "الغد" فإن المديرية وتحت بند مساعدات طارئة تقوم في بعض الأحيان بدراسة ومتابعة حالات تتطلب المساعدة الفورية، مشيرا في هذا الخصوص إلى أهمية الدور المساند الذي تقوم به بعض الجهات الأهلية في مساعدة الأسر الفقيرة.

 

اقرأ أيضا:

 

إغلاق مدارس ومحلات تجارية في الكريّمة بسبب تداعيات جريمة قتل