عدم حبس المدين يعرقل البيع الآجل ويعمق الركود بأسواق إربد

مشهد لأسواق إربد التي بدت شبه خاوية من المتسوقين-(الغد)
مشهد لأسواق إربد التي بدت شبه خاوية من المتسوقين-(الغد)
احمد التميمي - "ممنوع الدين وخاصة للأصدقاء"، عبارة بدأت تنتشر في المحال التجارية بإربد، في إجراء استباقي قد يكسر الحياء بيد أنه يمنع الإحراج، ويحفظ الحقوق، وفق ما يراه أصحاب تلك المحال، الذين باتوا يفضلون كساد بضائعهم على بيعها بالآجل بعد أن لمسوا عدم قدرة الزبائن على السداد وعدم جدوى ملاحقتهم قانونيا وخصوصا بمبالغ صغيرة. وحسب أصحاب محال تجارية فإنه ومع ضبابية قانون حبس المدين، لا يبادر العديد من المواطنين في سداد ما يترتب عليه من ديون، وخاصة الأشخاص الذين لا يوجد لديهم رواتب منتظمة، مؤكدين أن البيع بالدين بات يقتصر على فئات محدودة جدا وتحديدا فئة الموظفين، كونهم يتقاضون رواتب شهرية يسهل تحصيل الديون منهم في حال امتنعوا عن السداد. وأكدوا أن هناك عاملا آخر قلص من عمليات البيع الآجل وهو تذبذب الأسعار التي تشهد كل يوم ارتفاعا، لافتين إلى أنهم يبيعون السلعة بالدين وتشهد ارتفاعا على سعرها في اليوم التالي وهو الأمر الذي يتسبب لهم بالخسائر. في المقابل، أشار المواطن مؤيد الحسن أن العديد من أصحاب البقالات في الحي الذي يسكنه امتنعوا عن البيع بالدين وخصوصا للأسر الفقيرة التي لا يوجد لها أي مصدر دخل تخوفا من عدم السداد. ولفت إلى أن هناك نسبة كبيرة من أبناء الحي اعتادوا على شراء السلع بالدين لحين استلام رواتبهم، أو الحصول على مساعدات، لكن مع توقف العديد من أصحاب المحال عن البيع بالدين قد تعيش العديد من الأسر ولأيام من دون ان تجد ما تأكله في منازلها، ما يعمق أوضاع المواطنين الصعبة. وقال صاحب محل خلويات احمد غرايبة إنه أوقف بيع أجهزة الخلوي بالأقساط في ظل عدم قدرته على تحصيل الديون التي تراكمت على المواطنين والتي تجاوزت 40 ألف دينار، مشيرا الى ان معظم المواطنين الذين تم بيعهم أجهزة خلوية هم موظفون، إلا أنه وحسب ما وصفه بـ "تهريب" الموظف لراتبه تسبب بعدم القدرة على اقتطاع جزء منه لسداد الدين. وأشار إلى انه قام برفع العديد من القضايا على المواطنين من اجل تحصيل ديونه، إلا انه لم يستفد رغم وجود أكثر من مدين، مستذكرا حالة لزبون تم بيعه هاتف خلوي بقيمة 300 دينار بالأقساط مع توقيعه على شيكات مكتبية بكامل المبلغ، إلا انه لم يقم بالسداد مما اضطره الى رفع قضية ليتفاجأ ان المبلغ الذي تم اقتطاعه من راتبه بعد ان كسب القضية ضئيل جدا بسبب اقتطاع راتبه لأكثر من جهة. من جانبه، قال المحامي يوسف الخصاونة إن التعديلات الجديدة التي طرأت على قانون حبس المدين والتي تقضي بعدم حبس المدين في حال قلت ديونه عن 5 آلاف دينار تسببت بحالة ركود غير مسبوقة في الأسواق التجارية. وأكد الخصاونة أن معاملات البيع والشراء في الأسواق تعتمد بشكل رئيس على البيع الآجل من خلال الشيكات البنكية أو المكتبية أو الكمبيلات وبالتالي فإن العديد من التجار باتوا يرفضون البيع بالدين إلا من خلال الدفع المباشر. وأشار إلى أن العديد من التجار والمواطنين يرفضون رفع قضايا على المدين وخصوصا في المبالغ التي لا تتجاوز الـ 5 آلاف بسبب عدم وجود أي إجراء بحقه وخصوصا وان كان المدين لا يوجد باسمه أي عقارات أو راتب شهري يمكن أن يتم اقتطاع جزء منه. وأوضح أن ضعف الحركة التجارية في الأسواق تعود إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطن في ظل الارتفاعات المستمرة في الأسعار إضافة إلى عدم مغامرة التاجر بالبيع بالدين تحسبا لعدم القدرة على تحصيل حقوقه في حال امتنع الدائن عن السداد. وشدد الخصاونة على أنه كان الأجدى بالمشرع الأردني قبل اجراء أي تعديل على قانون حبس المدين وما ستخلفه من آثار اقتصادية صعبة ان يقوم بدراسة سلبيات هذا التعديل على الاقتصاد الأردني. من ناحية أخرى وفيما يتعلق بتجارة الجملة والتي تتضمن عمليات البيع بين التجار، يشير رئيس غرفة تجارة إربد محمد الشوحة إلى حالة الركود التي تشهدها الأسواق منذ جائحة كورونا وتسببت بإغلاق المئات من المحال التجارية وعدم قدرة أصحابها على تجديد ترخيصها. ولفت الشوحة إلى أن هناك حرصا شديدا من قبل أصحاب المحال التجارية على عدم البيع بالدين أو التعامل بالشيكات والكمبيلات، تحسبا لعدم قدرتهم على التحصيل في حال لم يبادر الدائن إلى السداد وفي ظل عدم حبس المدين بالمبالغ التي تقل عن 5 آلاف دينار. وأكد الشوحة أن وقف التعامل بالدين والشيكات ضاعف من حالة الركود، وخصوصا وأن التجار عادة ما يعتمدون على الشراء بالآجل بواسطة شيكات، واصفا الحركة التجارية بأسوأ أوضاعها. وأوضح الشوحة أن التعامل بالشيكات يتم حاليا ضمن نطاق محدود جدا ما بين التجار المعروفين الذين لهم باع طويل في الأسواق، فيما غيرهم يتم البيع بالدين باشتراط ضمانات أكثر وبواسطة كفلاء يمكن أن يبادروا بالسداد في حال تخلف الدائن. اضافة اعلان