اعتذار فيسبوك.. هل يعوض خسائر العالم؟

إبراهيم المبيضين

عمّان- ليست هذه المرة الأولى التي تتوقف فيها فيسبوك الشبكة الاجتماعية العالمية عن العمل، فقد تعطل "العملاق الأزرق" عن العمل أكثر من ثلاث مرات خلال العامين الماضيين.

اضافة اعلان


لكن العطل الذي تعرضت له الشبكة مساء الإثنين كان ثاني أكبر وأطول عطل في تاريخ فيسبوك التي انطلقت في العام 2004 وفقا لخبراء، وخصوصا أنه استمر لحوالي ست ساعات، أما الانقطاع الأطول فهو ذلك الذي حدث في 13 مارس (آذار) 2019 والذي استمر قرابة 12 ساعة.


قد يعتقد البعض أن الساعات الستة قليلة ولكن عملاقا بحجم فيسبوك يجعل هذه الساعات طويلة وذات أثر اقتصادي كبير على الشركة ومؤسسيها والمؤسسات والأفراد المستخدمين لخدمات هذه الشركة التي تشمل: الفيسبوك، المسنجر، الواتساب، والانستغرام.


يكفينا أن نعلم أن خدمات الفيسبوك الأربع يستخدمها حول العالم قرابة 3.5 مليار إنسان يشكلون نسبة تصل إلى 44 % من سكان العالم، ويمكن أن نتخيل الأثر وفقا لخبراء قالوا إن أعدادا واسعة من الشركات لا سيما الصغيرة والمتوسطة والافراد يعتمدون اليوم على هذه الشبكات والمنصات للتواصل في العمل أو الحياة الاجتماعية وفي التسويق والإعلان والإعلام.


الشركة العالمية مساء يوم الاثنين تأسفت للمستخدمين عبر المنصات الاجتماعية الاخرى مثل "تويتر" ووعدت بأن تبذل قصارى جهدها لإعادة الخدمة ومعرفة الأسباب، التي تنبأ البعض بأنها قد تعود إلى "هجوم إلكتروني" وهو ما نفته الشركة، لكن هذا الاسف لم يؤخر أو يوقف خسائر كبيرة للعطل الذي أصاب خدمات الشركة، إذ قدرت شركة "نت بلوكس" التي تراقب تعثر الإنترنت أن تكون أولى ساعات انقطاع الخدمة عن وسائل التواصل التابعة لفيسبوك قد كبدت العالم خسائر بـ160 مليون دولار في الساعة لترتفع إلى مليار دولار.


كذلك، نقلت التقارير العالمية مساء الإثنين أن مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ خسر أكثر من 6 مليارات دولار، بعد تراجع أسهم الشركة لأكثر من 5 %.


وقال الخبير الاردني في مضمار التواصل الاجتماعي خالد الاحمد إن "العطل الذي تعرضت له خدمات الفيسبوك اول من امس ليس جديدا ولكنه يعد الأطول من ناحية الفترة الزمنية ولكل الخدمات في وقت واحد، خصوصا أن الوقت في عدد كبير من الدول كان نهارا أي وقت عمل، ما جعل الأثر كبيرا".


وقال الأحمد احتكار الفيسبوك واستحواذها على هذا العدد من المنصات التي يستخدمها عدد كبير من الناس يؤشر الى مساوئ الاحتكار ويلقي بمسؤوليات كبيرة على الشركة العالمية لايجاد البدائل أوقات الأعطال، وإيجاد بدائل لتشغيل الخدمات منفصلة عن بعضها البعض وعدم ربطها مع بعضها البعض حتى ان منصة داخلية داخل شركة الفيسبوك تستخدم للتواصل بين موظفي الشركة كانت قد تعطلت أيضا وهو أمر سيئ يجب التنبه له.


وأشار الأحمد إلى أن على المستخدمين ان يجدوا بدائل للتواصل الاجتماعي ويستخدموا أكثر من تطبيق حتى لا يتعرضوا للعطل في وقت تعطل واحد منها، لافتا الى بدائل كثيرة موجودة للتواصل مثل تويتر، وتطبيقات للتراسل مثل السيغنال، والسنابشات، وحتى خدمات الرسائل القصيرة.


وقال الأحمد "شركة فيسبوك تتعرض ايضا خلال هذه الفترة الى تسريبات داخلية من داخل الشركة قد تشكل تهديدا للشركة وخدماتها وخصوصا أن هذه التسريبات تتناول الآثار السلبية لمنتجاتها وقراراتها على الناس".


واكد الاحمد أن المعلومات العالمية تشير الى عدم وجود هجوم الكتروني وهو ما أكدته شركة فيسبوك يوم امس بإعلانها عن سبب العطل، لكنه أكد أنه بكل الاحوال هناك مسؤوليات كبيرة على هذه الشركات التقنية الكبرى لإدامة الخدمات وخصوصا أن عددا واسعا من الناس حول العالم باتوا يعتمدون عليها في خدمات الاعلان والتواصل لأغراض العمل وفي الاعلام".

هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الأردنية أعلنت في بيان مقتضب مساء الاثنين أن مشاكل تقنية في السيرفرات (الخوادم) العالمية المستضيفة لخدمات شبكات التواصل الاجتماعي الرئيسية العالمية هي السبب في توقف هذه الخدمات عن العمل.


وقالت الهيئة بأن المشاكل ليست محلية ولا تتعلق بشبكات الاتصالات المحلية ولكنها مشكلة عالمية تعرض لها المستخدمون حول العالم.

في الاردن يقدر عدد حسابات الفيسبوك بحوالي 6 ملايين حساب، وحوالي 7 ملايين على الواتساب، و3.5 مليون يستخدمون المسنجر، وحوالي 2.7 مليون للانستغرام.


واعتذر الرئيس التنفيذي لفيسبوك مارك زوكربيرغ على صفحته بفيسبوك بعد استعادة الشبكة وكتب يقول "آسف على الاضطراب اليوم، أعلم مدى اعتمادكم على خدماتنا للبقاء على اتصال مع الأشخاص الذين تهتمون بهم".


أما واتساب فلجأت إلى منافستها خدمة تويتر لتعتذر وكتبت تقول "نعتذر لكل شخص لم يتمكن من استخدام واتساب اليوم. لقد بدأنا في تشغيل واتساب ببطء وبعناية مرة أخرى. شكرا جزيلا لصبركم. سنواصل اطلاعكم على آخر المستجدات عندما يكون لدينا المزيد من المعلومات لمشاركتها".


وأعلن فريق المهندسين المشرف على عمل موقع "فيسبوك" يوم امس الثلاثاء أن سبب انقطاع عمل الشبكة، مساء الاثنين، كان نتيجة خطأ في تغييرات الإعدادات الخاصة بأنظمة التوجيه الأساسية.


وجاء في بيان تم نشره على موقع مهندسي الشركة "أدت تغييرات الإعدادات في أنظمة التوجيه الأساسية المسؤولة عن تنسيق شبكة الإنترنت ومراكز البيانات لدينا إلى حدوث مشكلات أدت إلى قطع الاتصالات، وتوقفت الخدمات عن العمل".

وأكدت شركة فيسبوك أن انقطاع شبكة التواصل الاجتماعي إلى جانب موقع "إنستغرام" و "واتس آب" عن العمل، لم يؤد إلى تسرب أو كشف بيانات المستخدمين.


بيد ان مدير تحليل الإنترنت لدى شركة «كينيك إنكوربورايشن» لمراقبة شبكات الإنترنت، دوغ مادوري، وصف ما حصل بأنه «ملحمة»، مذكراً أن آخر انقطاع كبير للإنترنت، الذي تسبب في توقف العديد من أفضل مواقع الويب في العالم في يونيو (حزيران) الماضي، استمر أقل من ساعة.


وألقت شركة توصيل المحتوى المنكوبة باللوم على خطأ برمجي أطلقه عميل قام بتغيير الإعداد. وكان التعليق العام الوحيد على «فيسبوك» حتى الآن عبارة عن تغريدة أقرت فيها بأن «بعض الأشخاص يواجهون مشكلة في الوصول إلى فيسبوك»، وأنها تعمل على استعادة الوصول.


وفقاً لتغريدة من رئيس «إنستغرام» آدم موسيري حول ما يتعلق بالفشل الداخلي، فإنه يشعر وكأنه «يوم ثلجي».


من جانبه قال المدير التنفيذي للجمعية الأردنية للمصدر المفتوح عيسى المحاسنة ان هذا العطل الكبير في خدمات الفيسبوك يؤشر الى مدى ارتباط الناس بهذه المنصات والتطبيقات واعتمادهم عليها في حياتهم اليومية والعملية، لافتا الى ان امتلاك شركة فيسبوك لهذا العدد من التطبيقات هو نوع من الاحتكار الذي تتحكم فيه جهة واحدة.

وأكد المحاسنة ضرورة الانتباه الى مفهوم "لا مركزية الإنترنت" وهو المفهوم الذي قامت عليه الشبكة العالمية في الاصل بحيث لا تتحكم جهة واحدة أيا كانت بخدمات يرتبط بها أعداد كبيرة من الناس، داعيا المستخدمين لاستخدام وتحميل والاعتماد على أكثر من تطبيق وخدمة تجنبا لانقطاعات أي خدمة.


واكد أهمية تعويض الناس من قبل الشركة العالمية عن خسائرهم التي تكبدوها في فترة هذا العطل وخصوصا أن شركات صغيرة ومتوسطة باتت تعتمد بشكل كبير على هذه المنصات. ويقول ماثيو هودجسون- الرئيس التنفيذي لشركة "إيليمنت" (Element)- في تصريح لموقع "تومز غايد" المتخصص بالتقنية، إن "الانقطاع المستمر في واتساب وإنستغرام وفيسبوك -بما في ذلك "فيسبوك ماسنجر" و"فيسبوك وورك بليس" يسلط الضوء على أن الانقطاعات العالمية هي أحد الجوانب السلبية الرئيسية للنظام المركزي".


وبحسب هودجسون فإن "التطبيقات المركزية تعني أن كل البيض في سلة واحدة، فعندما تنكسر هذه السلة يتحطم البيض كله"، ويؤكد بأن النظام اللامركزي هو في النهاية أكثر موثوقية حيث لا توجد نقطة واحدة للفشل.


وكانت فيسبوك حققت في الربع الثاني من العام الحالي حوالي 10.5 مليار دولار. وذلك لدى المقارنة بأرباح الشركة المسجلة في فترة الربع الثاني من العام الماضي والتي بلغت وقتها قرابة 5.2 مليار دولار. وقفز صافي أرباح شركة فيسبوك بنسبة الضعف خلال ربع 2021 الثاني، وسط زيادة في إنفاق المستخدمين والتحول نحو رقمنة التجارة والعمل، لدى عديد القطاعات بفعل "كورونا".

في المقابل، صعد إجمالي إيرادات الشركة خلال نفس الفترة بنسبة 56 % إلى 29 مليار دولار، منها 28.6 مليار دولار من عائدات الإعلانات.