5 آثار كارثية لاستمرار انقطاع الاتصالات والإنترنت في غزة

غزيون في أحد الأحياء التي دمرها طيران الاحتلال. -(وكالات)
غزيون في أحد الأحياء التي دمرها طيران الاحتلال. -(وكالات)

"إن الفرق بين وجود اتصال من عدمه هو أنه مع وجود اتصال نحن نموت بينما يشاهدنا العالم، وعندما ينقطع الاتصال نحن نموت ولكن لا يوجد أحد يشاهدنا.. كما ترون.. العالم لا يفعل شيئاً لانقاذنا".

اضافة اعلان


هذا منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي للناشط معتز عزايزة أعادت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية نشره وهو يلخص العواقب الكارثية التي يمكن أن تنجم عن استمرار قطع الاتصالات والإنترنت عن القطاع الذي يقطنه أكثر من 2.3 مليون نسمة.


نداء الصحفي عزايزة جاء بالتزامن مع انقطاع الاتصالات والإنترنت كليا عن قطاع غزة الخميس بسبب نفاد الوقود وفق لما أعلنت عنه وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية وذلك بعد انتهاء قدرة المولدات الاحتياطية لشبكات الاتصالات العاملة في القطاع عن العمل.


ما نادى به عزايزة هو ما يؤكده خبراء محليون قالوا إن "هناك خمسة آثار رئيسية كارثية ستنجم عن قطع الإنترنت والاتصالات أولها التهديد والحد من جهود الإغاثة والإسعاف والإنقاذ والتنسيق والتواصل بين أفراد ومؤسسات القطاع الصحي وإضعاف جهود مؤسسات المجتمع المدني في مساعدة الناس على تسيير أمور حياتهم اليومية وهو الأمر الذي يزيد من جراح وضحايا الهجمة الوحشية على القطاع التي راح ضحيتها في أكثر من 42 يوما أكثر من 12 ألف شهيد أكثرهم من الأطفال والنساء. 


وأشار الخبراء إلى أن ثاني الآثار السلبية لانقطاع الاتصالات يتمثل في التعتيم الإعلامي على الجرائم الإسرائيلية في القطاع فنتيجة قطع الإنترنت تواجه وسائل الإعلام التقليدية والمواطنين والصحفيين والمنظمات الإنسانية صعوبة في تغطية الأحداث ويوجد تعتيما إعلاميا ويمنع العالم من الحصول على صورة دقيقة للوضع على أرض الواقع. 


ثالثا، أكدوا أن قطع الاتصالات والإنترنت، والتي تعتبر حقا من حقوق الإنسان وفقا للمعاهدات والمواثيق الدولية، يحد من قدرة الناس على التواصل والاطمئنان على بعضهم البعض ويعزلهم عن العالم الخارجي، كما انه يحد من القدرات التنظيمية واللوجستية وتسيير أمور الحياة العادية. 


رابعا، قال الخبراء "الآثار الكارثية تتمثل في عدم القدرة على إيصال الصوت الفلسطيني إلى العالم الخارجي، وتدعيم الموقف دوليا" رغم اشارتهم إلى أن وجود الهواتف بين أيدي الناس سيوثق الحقائق ونشرها في وقت لاحق بعدما تعود فيه الاتصالات إلى مساراتها الطبيعية. 


وقال الخبراء إن هنالك أثرا خامسا لقطع الاتصالات والإنترنت يتمثل في اضعاف فرص الحصول على المعلومات للجميع من أفراد ومؤسسات وبالتبعية اضعاف الجهود التنسيقية للمدنيين والمؤسسات الإغاثية العاملة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية وضعف التنسيق لجهود دعم البنى التحتية ومجالات الحياة التي تدمرت معظمها بفعل العدوان إلى جانب ما يعانيه القطاع نتيجة نفاد الوقود وقطع الكهرباء.


الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي يؤكد أن قطع الاتصالات والإنترنت يهدف لعزل غزة بالكامل عن العالم واخفاء حجم المذابح بحق المدنيين واكتساب وقت لفبركة الأخبار ورسم مخطط يهدف لترتيب رواية كاذبة للمحتل.


وأوضح أن نتائج وخيمة تنجم عن قطع الاتصالات والإنترنت في عدة اتجاهات أولها (تعطيل الاتصالات)، فمن خلال قطع الإنترنت، يمكن للمحتلين تعطيل قنوات الاتصال بين مجموعات المقاومة وهذا يعيق التنسيق، ما يزيد من صعوبة تنظيم قوات المقاومة والاستجابة بفعالية.


وقال "قطع الاتصالات والإنترنت يتيح للمحتل (التحكم في المعلومات)، مبينا أن قطع الإنترنت يسمح للمحتلين بالتحكم في تدفق المعلومات يمكنهم الحد من انتشار التفاصيل حول أفعالهم، وقمع الأخبار المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وإدارة السرد لصالحهم.


وأشار الصفدي إلى أن قطع الاتصالات يسهم في (منع الدعم الخارجي)، مبينا أنه يمكن أن يؤدي قطع الوصول إلى الإنترنت إلى إعاقة مجموعات الدفاع عن النفس من البحث عن الدعم الخارجي والتضامن، لانه يحد من قدرتهم على تقاسم وضعهم مع المجتمع الدولي، مما يقلل من احتمال التدخل أو المساعدة.


وأكد أن قطع الاتصالات (يحد من القدرة التنظيمية) للمقاومة والناس في القطاع والذين على الإنترنت في المهام التنظيمية، مثل التخطيط والخدمات اللوجستية وتعبئة الموارد، حيث إن تعطيل هذه العمليات يضعف قدرات قوات الدفاع عن النفس.


وقال "قطع الإنترنت يؤدي إلى ما يسمى بـ (التعتيم الإعلامي)" موضحا انه دون الوصول إلى الإنترنت، قد تواجه وسائل الإعلام التقليدية والمواطنين والصحفيين والمنظمات الانسانية صعوبة في تغطية الأحداث في منطقة النزاع وهذا يوجد تعتيما إعلاميا، ويمنع العالم من الحصول على صورة دقيقة للوضع على أرض الواقع. 


وأكد الصفدي أن قطع الاتصالات (يسهم في قلة المعلومات) ثم يسهم في تقليل جهود التنسيق العسكرية وجهود تقوم بها مجموعات الدفاع عن النفس أو المدنيين أو المنظمات الإنسانية ما يمنع تقديم المساعدات، فمع قلة المعلومات ستتراجع قدرات التنسيق ما سيؤدي إلى تعطيل البنية التحتية للاتصالات وتعطيل قدرة القوات الدفاعية والمدنيين والمنظمات الإنسانية على تنسيق أنشطتها، مما يزيد من صعوبة قيامها بأعمالها على أكمل وجه. 


وقال "قطع الاتصالات يسهم في (عدم القدرة على التواصل وايصال صوت فلسطين للعالم)  فإن قطع الإنترنت يؤدي إلى تقييد قدرة النشطاء والمنظمات المحلية على الدفاع عن قضيتهم على نطاق عالمي، في وقت تعد فيه منصات وسائل التواصل الاجتماعي والحملات عبر الإنترنت أدوات قوية لرفع مستوى الوعي وحشد الدعم المحلي والدولي. 


مركز " صدى سوشال" الفلسطيني للحقوق الرقمية قال أخيرا إن "عزل غزّة اليوم وقطع التواصل عنها ليس جديدا ولا يأتي من فراغ، بل هو " نتيجة سياسات مهد لها الاحتلال منذ اتفاقية أوسلو". 


وبين المركز في بيان نشر له أخيرا إن اتفاقية "أوسلو 2" قيّدت إمكانية تطوير شبكة الاتصالات الفلسطينية وربطته بموافقة الاحتلال على المعدات المدخلة بعد أن يفحصها ويتأكد من وجهتها.


وقال المركز "منذ تحرير قطاع غزة عام 2005 لا يسمح الاحتلال بدخول المعدات التقنية إلا بعد تنسيق طويل لأشهر، كما أن الاحتلال يراقب كل سنتيمتر من الكوابل والمعدات التقنية الداخلة إلى القطاع عبر مسؤولين أمميين، وحتى اللحظة لا خدمة جيل ثالث في قطاع غزة".


وأشار إلى ما حصل في حربي 2008 و2014، عندما قصفت طائرات الاحتلال مقاسم الاتصالات وتوزيع الإنترنت في المناطق الحدودية وعطلت البنى التحتية قبيل الاجتياح البري للقطاع، وما حصل في معركة "سيف القدس" 2021، عندما استهدف الاحتلال شبكات الاتصالات وكابلاتها الرئيسية وأبراج البث، وتعرض قطاع الاتصالات والإنترنت لخسائر فادحة نتيجة تدمير الشوارع والأعمدة والأسلاك بمختلف أنواعها وأحجامها.


أما في الحرب الحالية على القطاع فمنذ بدايتها استهدف الاحتلال البنى التحتية للاتصالات والإنترنت وتكرر قطعها بشكلٍ كامل عن جميع القطاع، وما تزال مناطق واسعة تعاني العزل التام بشكل متواصل. 


ويعمل في قطاع غزة شركتا اتصالات خلوية هما "جوال" و "اوريدو"، وشركة اتصالات أرضية هي شركة الاتصالات الفلسطينية " بالتل"، و4 شركات مزودة للانترنت السلكي تعتمد في تزويدها على الإنترنت من شركة إسرائيلية. 


وقال الخبير في مجال الإعلام الاجتماعي ابراهيم الهندي "قطع الاتصالات والإنترنت سيعمق معاناة الفلسطينيين في غزة ويضعف قدرات الإغاثة والإسعاف وقدرات القطاع الصحي الذي يحتاج إلى الاتصالات في مجال طلب النجدة وإيصالها في الأوقات المناسبة".


وأكد أن ما تسهم به منصات التواصل الاجتماعي في نقل صورة العدوان على غزة وكشف المعلومات حول المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني منذ بداية الحرب، وقطع الإنترنت والاتصالات سيخفض نشاط هذه الشبكات من داخل القطاع.


وقال "الإنترنت بشكل عام وشبكات التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص مكنت المواطنين قادرين على توثيق ونشر صور قتل الأطفال والنساء والشيوخ، والانتهاكات والمجازر التي يقوم بها الاحتلال للعالم، كما انه قد يكون احيانا الوسيلة الوحيدة للتواصل بين الطواقم الطبية والمصابين". 


وأضاف "في ظل قطع الاتصالات والإنترنت عن القطاع سيؤدي إلى حجب صورة ما يحدث في القطاع وقد يشكل غطاء لمجازر جماعية، وانتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، وسيحول دون الاستماع مباشرة إلى المواطنين الذين يتعرضون للانتهاكات والتواصل مع الأجهزة الإعلامية والمراسلين الصحفيين الذين ينقلون ويوثقون الأحداث أولاً بأول".


ويبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في فلسطين 3.96 مليون مستخدم، بنسبة انتشار تقدر بـ 74.6%. 


وتظهر الأرقام الرسمية أن نسبة 92 % من الأسر في فلسطين لديها أو لدى أحد أفرادها إمكانية النفاذ إلى خدمة الإنترنت، بواقع 93 % في الضفة الغربية، و92 % في قطاع غزة.


وبحسب أرقام أخرى يقدر عدد إشتراكات خدمات الموبايل في فلسطين قرابة 4.38 مليون اشتراك.


من جانبه، قال المستشار في الإعلام الاجتماعي يزن صوالحة "لا شك أن انقطاع الاتصالات والإنترنت سيعزل منطقة غزة عن العالم".


لكن صوالحة يرى أن التأثير سيؤخر نشر الحقيقة ولكن لن يمنعها، فمع وجود أجهزة الخلوي الحديثة ما يزال بإمكان المستخدم تصوير الحقائق مباشرة من على هاتفه وسينقلها مباشرة مجرد ما تم التواصل مجددا مع شبكة الإنترنت فعالة الانقطاع مؤقتة ولكن لن تمنع تصوير الأحداث. 


وقال صوالحة " قطع الاتصالات والإنترنت يصعب من عمل القطاع الإعلامي ونقل الأخبار بسرعة في وقتها، كما انه قد يغطي على ما يقوم به الاحتلال في قطاع غزة". 

 

اقرأ المزيد : 

الطاقة.. حرب الإبادة في غزة تنفر الاستثمار في المنطقة