عائلات تحضر "زوادة الأرض" وتجوب مزارع الزيتون

Untitled-1
Untitled-1

منى أبوحمور

عمان- مع ساعات الفجر الأولى؛ تبدأ حليمة الطيب تحضير "زوادة الأرض"، والتي اعتادت على أخذها في موسم قطاف الزيتون وترتب "شراشف القطاف"، تخيطها كل موسم لتقطف عليها حبات الزيتون وتجمعها وتنقيها برفقة أفراد أسرتها.

اضافة اعلان


حليمة وأسرتها التي أصبحت معروفة لدى الكثير من أصحاب مزارع الزيتون التي اعتادت على ضمان أراضيهم كل عام هي وأفراد أسرتها لعلها بذلك الموسم تتمكن من سد احتياجات أسرتها وإيفاء الالتزامات التي ترتبت عليها طوال العام.


هذا العام ككل عام، تقوم حليمة وأسرتها بضمان أراضي الزيتون وقضاء معظم وقتها في الأرض للقطاف والتنقية من الأوراق والتعبئة برفقة أبنائها في الشوالات لتعود مع ساعات المساء إلى المنزل بأجرة يومها هي وعائلتها.


تقول "موسم الزيتون كله تعب وبنطلع من النجمة بس خيره كثير"، لافتة إلى أن قطف الزيتون يحتاج إلى "الفزعة" ولا يمكنها وحدها ضمان الأراضي لذلك تقوم هي وكل أسرتها بهذه المهمة.


وشارك الأربعيني خالد يحيى منشورا على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك باحثا عن مزرعة زيتون لضمانها، وجاء في منشوره " أبحث عن قطعة أرض أو مزرعة زيتون لضمانها أنا وعائلتي التي تتكون من سبعة أفراد والأجر يومي"، مضيفا أن لديه القدرة على الإنجاز والعمل بأمانة وإخلاص مع الحرص على سلامة الشجر.


حال يحيى كالعشرات الذين شاركوا المنشور ذاته عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات المتخصصة في قطف الزيتون وزيت الزيتون باحثين عن فرصة عمل في هذا الموسم، يؤمن لهم دخلا إضافيا للبعض ومونة البيت من الزيت والزيتون للبعض الآخر.

في حين اعتادت الخمسينية أم فهد القيام بجولة على مزارع الزيتون في المنطقة التي تسكنها منذ بداية شهر تشرين الأول لحجز ضمان المزارع هي وأفراد أسرتها.


تقول " أنتظر الموسم كل سنة بفارغ الصبر ومنه أقضي كافة التزاماتي"، حيث تحرص أم فهد على ضمان مزرعتين إلى ثلاث على أقل تقدير سنويا في موسم الزيتون لتتمكن من تحقيق دخل إضافي لأسرتها.


وتشارك أم فهد أفراد أسرتها في قطف الزيتون حيث تذهب هي وأولادها وبناتها في عطلة نهاية الأسبوع إلى المزرعة التي تتضمنها ليتمكنوا من إنجاز المزرعة في وقت قليل وباقي أيام الأسبوع تذهب هي وابنها الأكبر فقط.

وحول سبب بحثها مبكرا عن مزارع لقطفها، تقول أم فهد إن حالها حال الكثيرين من الأسر التي تنتظر هذا الموسم "نطلع قرشين"، لذا فإن التأخير في البحث يقلل فرص إيجاد مزارع مناسبة لها.


أخصائي علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش يبين بدوره أن واحدة من أشكال النشاط الاقتصادي هي وجود عائلات أو أفراد يقومون بضمان أراض زراعية لقطف الزيتون للحصول على مقابل مادي أو جزء من المحصول.


ويأتي موسم الزيتون لكي يعبر عن هذه الحالة بأحلى صورها، فهذا الموسم تاريخيا وثقافيا كان يعتبر أحد أهم مصادر الدخل للناس وكانت عمليات البيع والشراء والمناسبات والطقوس الاجتماعية حتى الزواج والبناء ارتبط توقيتها بهذا الموسم للاستفادة من العائد، أصحاب الأرض من جهة والمتضمنين من جهة أخرى، وفق عايش.

هذه الحالة ما تزال موجودة حتى الآن، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها عائلات، وارتفاع معدلات الفقر ومعدلات البطالة وتراجع القدرة الشرائية للناس وانخفاض مستويات الدخل بالنسبة للكثيرين، ناهيك عن توقف مصادر دخل البعض.


إلى ذلك، يلفت عايش إلى أن الكثير من الاسر والأفراد الذين يقومون بالبحث عن مصادر دخل إضافية لتعويض ما فقدوه من جهة والبحث عن عمل ربما يكون موسميا، وهم الآن يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن أنفسهم أو حتى بزيارة أصحاب تلك الأراضي إما في منازلهم أو أراضيهم عارضين عليهم خدماتهم في هذا المجال.

وبحسب عايش، يلجأ كثير من أصحاب المزارع والأراضي الواسعة من الذين يملكون أراضي فيها الكثير من أشجار الزيتون إلى تضمينها، لأنها تحتاج أوقاتا معينة لقطافها ثم تحويلها إلى المعاصر وإنتاج مخللات أو ما يعرف بـ"الرصيع"، هذا يفترض أن يتم في وقت محدد لذلك يتم الاستعانة بهؤلاء الأشخاص للحفاظ على الأراضي والأشجار والاستفادة من منتجها مقابل الثلث أو الربع والنصف أحيانا أو على عائد مادي.


ويضيف "استغلال هذه الحالة الموسمية أمر في غاية الاهمية ثقافيا واقتصاديا، كذلك أحد أهم مصادر الدخل التي ينتظرها الضامنون لتغطية التكاليف، وهي شكل من أشكال التكافل المجتمعي.


قطف الزيتون يبقى موسما اقتصاديا يوفر المال لعائلات لسد احتياجاتها، وهؤلاء الأفراد عوضا عن البقاء في المنزل وتحمل النتائج السلبية عن عدم حصولهم على عمل فإنهم يخرجون للبحث وتحقيق دخل جيد.


ويلفت عايش إلى ضرورة توسيع رقعة الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون، وغيرها من المزروعات بالتعاون مع المؤسسات الشركات ومؤسسات المجتمع المدني، لتوفر فرص عمل للباحثين عن عمل على مدار العام واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي بالشكل المطلوب للترويج عن هذه المشاريع والمنتجات.


ووفقاً لوزارة الزراعة الأردنية، بلغ معدل الإنتاج من ثمار الزيتون في العام 2020 ما يقارب 150 ألف طن، كما بلغ معدل إنتاج الزيت نحو 22 ألف طن سنوياً، وهي كميات أوصلت الأردن إلى الاكتفاء الذاتي والتصدير للخارج. ويزيد عدد أشجار الزيتون في الأردن على 11 مليون شجرة زيتون، تؤمن الدخل لأكثر من 80 ألف أسرة أردنية.