الاقتصادات العربية.. معاناة مستمرة بسبب الحرب على غزة وصراع السودان

أرشيفية
أرشيفية
عواصم - مع اقتراب العدوان على غزة من دخول شهره السادس تتفاقم حالة عدم اليقين تجاه ما تواجهها الاقتصادات العربية، وحتى العالمية، تحت وطأة العديد من التطورات المختلفة، وعلى رأسها العوامل الجيوسياسية، بدءاً من الحروب على غزة، والسودان وأوكرانيا، وما يصاحبها من اضطرابات واسعة، بما في ذلك التوترات في منطقة البحر الأحمر وانعكاساتها على حركة التجارة الدولية.اضافة اعلان
فقد رسم التقرير السنوي الذي أصدرته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) صورة قاتمة للآفاق الاقتصادية بالمنطقة العربية، وسط الصراعات المستمرة.
وقالت الإسكوا في تقريرها الذي جاء تحت عنوان "مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية" إن المشهد الاقتصادي بالمنطقة العربية يواجه رياحًا معاكسة كبيرة بسبب الصراعات المستمرة، حيث أدت الحرب على غزة وحرب أوكرانيا والصراع في السودان إلى تفاقم حالة عدم اليقين على المستوى العالمي.
وتكشف أحدث النتائج -التي توصلت إليها الإسكوا- أن الحرب على غزة والصراع في السودان يلحقان خسائر فادحة بالاقتصادات العربية، ويعوقان النمو ويؤديان إلى تفاقم الفقر.
ووفق هذه اللجنة فقد كان من المتوقع في البداية أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة 3.6 % عام 2024، و4.2 % عام 2025. لكنها عدلت من توقعاتها الآن بناء على التطورات ليحقق الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة نمواً متواضعاً بنسبة 3.3 % فقط لعام 2024.
وبحسب التقرير، قفزت معدلات الفقر في البلدان العربية المنخفضة الدخل وتلك المتضررة من الصراعات من 56 % و45 % عام 2019 إلى حوالي 63 % و50 % عام 2023. وتهدد الحرب على غزة بإغراق جميع سكان القطاع، أي حوالي 2.3 مليون فلسطيني، في فقر متعدد الأبعاد، سيطال دولة فلسطين بكاملها بالإضافة إلى لبنان.
وأكد المشرف على فريق إعداد التقرير أحمد مومي أن الوضع في البلدان العربية المتأثرة بالنزاعات ما يزال غير واضح، وتطغى عليه تداعيات الحرب على غزة والمخاوف الأمنية والانقسامات السياسية.
وحذّر من أنّ هذه الحرب التي يمارس فيها جيش الاحتلال مستوى شديدا من العنف ضد المدنيين الفلسطينيين، تُغرق القطاع في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، عمّت دولة فلسطين بأسرها، حيث يُتوقَع أن يدفع العدد الهائل من القتلى والجرحى والدمار الساحق البلد من 10 إلى 15 عامًا إلى الوراء.
بينما ما تزال التوقعات بالنسبة للبلدان العربية الأقل نموا قاتمة، ويتفاقم ذلك مع تواصل الحرب على غزة واستمرار الصراع المتصاعد بالسودان. وتشير الإسكوا إلى انخفاض محتمل في متوسط الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8 % خلال الفترة 2023-2025 في أقل البلدان العربية نمواً، مع توقع تحسن العجز المالي بشكل هامشي مع استمرار التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
ويشكل التضخم مصدر قلق آخر، حيث وصل إلى 12.3 % عام 2023 ويرجع ذلك في المقام الأول للاضطرابات في مبادرة حبوب البحر الأسود، مما أثر على أسعار المواد الغذائية الأساسية التي تستوردها الدول العربية. ورغم توقع تراجع التضخم إلى نحو 7.5 % و6 % عامي 2024 و2025 على التوالي، فإن احتواء آثاره السلبية يظل أولوية ملحة، لا سيما من خلال سياسات نقدية ومالية حكيمة.
وما تزال البطالة، وخاصة بين الشباب، تشكل تحديا كبيرا، حيث يبلغ معدل البطالة العام بين هذه الفئة العمرية 26.4 %، مما يسلط الضوء بشكل أكبر على الحاجة الملحة لمعالجة الفوارق الاقتصادية.
وتؤكد الإسكوا الحاجة إلى إستراتيجيات منسقة لمعالجة النزوح الداخلي، وتدعو إلى زيادة التعاون الإقليمي للتعامل مع هذا المشهد. ودعت أن تتضمن هذه الإستراتيجيات الاحتياجات الإنسانية، والقدرة على الصمود الاقتصادي، والتكامل الاجتماعي.
وفي هذ السياق، كان صندوق النقد الدولي ساق في تقرير رصدي أصدره مؤخرا حول "أثر الصراعات والتحديات الاقتصادية في المنطقة"، أبرز العوامل التي تُعمق من حجم التأثيرات على النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبين التقرير الأثر السلبي على نمو اقتصادات المنطقة، بسبب التصعيد على غزة، مبينا أثر التخفيضات في إنتاج النفط على الاقتصادات لبعض الدول العربية (على الرغم من استمرار النمو القوي لنشاط القطاع غير النفطي وتأثيره الإيجابي في دعم النمو لدى الدول المصدرة للنفط).
وعليه استمرت بلدان المنطقة بالاستمرار في تطبيق السياسات الاقتصادية المتشددة والضرورية.
وخفض تقرير صندوق النقد الدولي نسبة النمو المتوقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العام الحالي بنصف نقطة مئوية إلى 2.9 %، وذلك بعد نسبة نمو متواضعة سجلها اقتصاد المنطقة في العام الماضي بلغت 2 %.
كما توقع التقرير أن يظل متوسط النمو لدى الدول الأقل دخلا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنطقة السالبة، في استمرار للانكماش الحاد المسجل خلال العام الماضي، مرجعا ذلك بشكل رئيسي إلى استمرار الصراع في السودان.
وتوقع الصندوق أن يستمر العمل لمكافحة التضخم في معظم اقتصادات المنطقة، على الرغم من أن استمرار ضغوط الأسعار في بعض الحالات، وذلك لعوامل ذكر الصندوق أنها تختلف بحسب اقتصاد كل بلد في المنطقة.-(وكالات)