"النفاق" الأميركي يعيد مفاوضات التهدئة لنقطة الصفر

7410
آليات مدججة للاحتلال خلال اقتحام قواته لمخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم أمس- (وكالات)

سارع الاحتلال للإعلان عن بناء بؤرتين استيطانيتين في قطاع غزة كنواة تحقيق "حلم" المستوطنين بإعادة استعماره، وذلك فور إفشال "النفاق" الأميركي في مجلس الأمن الدولي لقرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، بما منحه مجددا "صك الشرعية" السياسية للتعنت في مفاوضات التهدئة وعودتها لنقطة الصفر.

اضافة اعلان


ويعكف جيش الاحتلال على عمليات بناء وتطوير البؤرتين الاستيطانيتين في طريق إستراتيجي يقسم قطاع غزة إلى نصفين، وذلك في أعقاب "الفيتو" الأميركي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، والذي شكل مطلبا للمقاومة الفلسطينية باعتباره نتيجة مسار سياسي لمفاوضات وقف إطلاق النار بغزة، وطريقا "لحل الدولتين" الذي تؤكد عليه واشنطن ولكنها أفشلت الوصول إليه أمميا.


جاء ذلك بالتزامن مع تصعيد الاحتلال الخطير بالضفة الغربية كجزء من مخطط ضمها للكيان المُحتل، بتشديد حصار مخيم "نور شمس" بطولكرم، لليوم الثاني على التوالي وارتقاء 7 شهداء فلسطينيين خلال مواجهات عنيفة امتدت لأنحاء أخرى من المدن الفلسطينية، أسوة بنابلس التي شيعت شهيدين فلسطينيين ارتقيا برصاص الاحتلال وعنف مستوطنيه المتطرفين.


ويلاحظ أن حكومة الاحتلال، برئاسة "بنيامين نتنياهو"، "يتعكز" على الدعم الأميركي المفتوح له في مواصلة مجازره الوحشية بغزة، وتصعيده العدواني ضد الضفة الغربية، بينما جاء المخطط الاستيطاني في القطاع كجزء من "حلم" المستوطنين لإعادة استعماره، عبر ما سموه "ممر نتساريم" الذي يشطر القطاع إلى نصفين.


ويضمن المخطط الاستيطاني تمكين جيش الاحتلال من السيطرة على حركة الفلسطينيين من الجنوب إلى الشمال وشن عمليات عسكرية في أجزاء مختلفة من القطاع، حيث توجد إحدى البؤرتين على مفترق طريق "نتساريم" ومعبر صلاح الدين، بينما توجد الأخرى في ملتقى الطريق الساحلي لغزة، بحسب تقرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.


وقد بدأ جيش الاحتلال في تمهيد الأراضي الفلسطينية المستهدفة لإقامة المخطط الاستيطاني، تحت مسمى "نتساريم" في إشارة إلى المستوطنة التي أقامها الاحتلال عام 1977 على مسافة 5 كيلومترات من مدينة غزة بمساحة تقدر بنحو 2325 دونما، في حين بلغ إجمالي المساحة التي كان يسيطر عليها لتأمين المستوطنين نحو 4300 دونم، وذلك قبل أن يبدأ بإجلائهم، في 15 آب (أغسطس) 2005، على وقع ضربات المقاومة الموجعة.


وطبقا "لهآرتس"؛ فأن ممر نتساريم، الذي يسيطر عليه الاحتلال حاليا، هو من بين نقاط التفاوض بينه وحركة "حماس"، التي تطالب بانسحاب جيش الاحتلال منه ومن البؤر الاستيطانية المقامة عليه، بينما يصر "نتنياهو" على استمرار احتلاله للموقع فترة طويلة من الزمن، وهو ما لا تقبله الحركة.


في الأثناء؛ يواصل الاحتلال ارتكاب 4 مجازر وحشية خلال الساعات الـ24 الماضية، والتي راح ضحيتها 37 شهيدا و68 جريحا، بما يرفع حصية عدوانه إلى 34049 شهيدا و76901 مصابا، وفق وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.


وبالتزامن مع ذلك؛ تواصل قوات الاحتلال عملياتها في مخيم "نور شمس" بطولكرم، لليوم الثاني على التوالي، مما أدى لاستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة 4 جنود من الكيان المحتل، في أعقاب اقتحام المخيم، مساء الخميس الماضي، وفرض الحصار عليه، وسط أعمال تخريب وتدمير متعمد للبنية التحتية ومنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم.


ودفعت قوات الاحتلال بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى داخل المخيم، وسط إطلاق كثيف للأعيرة النارية والقنابل المضيئة، وبالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في سماء مدينة طولكرم والمنطقة.


كما نفذت حملات مداهمة وتفتيش طالت عشرات المنازل في كافة أنحاء المخيم، اعتقلت خلالها عشرات الشبان الفلسطينيين، واعتدت على السكان المدنيين ونكلت بهم وعبثت بمحتويات منازلهم وعاثت فيها فسادا وخرابا.
من جانبها، أعلنت القوى والفصائل الفلسطينية في طولكرم، أمس، حدادا على أرواح الشهداء وإضرابا تجاريا شاملا لجميع مناحي الحياة، تنديدا بجرائم الاحتلال وعدوانه على الشعب الفلسطيني.


وبعد اشتباكات دامت ساعات، أفادت وسائل إعلام فلسطينية بمقتل محمد جابر "أبو شجاع" قائد كتيبة مخيم "نور شمس" في سرايا القدس، بعد استهداف جيش الاحتلال له بشكل مباشر مع مجموعة من المقاومين الذين تحصنوا داخل أحد المنازل.


في حين أطلقت مؤسسات وفعاليات محافظة طولكرم نداء عاجلا إلى دول العالم والمؤسسات الدولية للضغط على الاحتلال لوقف اجتياح وحصار المخيم، كما دعت للسماح للطواقم الطبية بالدخول إليه ووقف العدوان في ظل نقص الطعام والأدوية للمرضى وخاصة الأمراض المزمنة، وانقطاع الكهرباء والماء عن عدة مناطق، وحالة الهلع والترهيب التي يعيشها الأطفال وكبار السن.


في غضون ذلك؛ شيعت جماهير فلسطينية غفيرة، أمس، جثماني الشهيدين الرحمن ماهر بني فضل (30 عاما) ومحمد أشرف بني جامع (21 عاما) في بلدة عقربا جنوب شرق نابلس شمال الضفة الغربية، اللذان ارتقيا في هجوم للمستوطنين تخللها إطلاق النار من جنود الاحتلال باتجاه الفلسطينيين.


وردد الفلسطينيون هتافات غاضبة منددة بجرائم الاحتلال وداعمة للمقاومة معبرين عن نصرتهم لقطاع غزة أمام حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال.


من جانبها، طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بتصعيد الاشتباك المفتوح مع جنود الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في جميع مناطق الضفة الغربية المحتلة.


وقالت الجبهة إن تصدي المقاومة للقوات المتوغلة في المخيم لليوم الثاني ومواصلة توجيه ضربات مؤلمة ضدها يشير إلى صلابتها وجهوزيتها للتصدي للعدوان.


وأكدت أن حملة الاحتلال الممنهجة على طولكرم ومخيمها تأتي ضمن محاولته الفاشلة لإجهاض المقاومة، وضرب الحاضنة الشعبية لها في المدن والمخيمات، خاصة في المحافظات الشمالية، لمنع توسعها وتطورها وانتقالها لعموم الضفة.


وأشارت إلى أن العدوان يتزامن مع جرائم المستوطنين الذين أطلق الاحتلال عنانهم ليعيثوا في الأرض فسادا وقتلا في محاولة لتفريع الضفة الغربية من أهلها وتسريع سياسات التهويد والاستيطان.

 

اقرأ المزيد : 

بايدن وترامب.. من استفاد انتخابيا ومن خسر بضربة إيران لكيان الاحتلال؟