بايدن وترامب.. من استفاد انتخابيا ومن خسر بضربة إيران لكيان الاحتلال؟

بايدن وترامب
بايدن وترامب
الولايات المتحدة - ألقت الضربة الإيرانية على كيان الاحتلال، بظلالها على أروقة السياسة الداخلية الأميركية، إذ ترجح التقديرات أن يكون لها تأثير على الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بالنظر لمحاولات استغلالها من قِبل الرئيس الحالي جو بايدن وغريمه دونالد ترامب لصالحهما، في محاولة لجذب شرائح انتخابية جديدة.اضافة اعلان
واعتبرت تقارير أميركية، أن المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب في الشرق الأوسط، تسبب في أزمة جديدة لبايدن على الرغم من جهوده لوقف توسع الحرب في غزة بين بين الكيان المحتل وحماس، كما أعطت فرصة جديدة لترامب للهجوم عليه ووصفه كزعيم ضعيف.
وتحدث محللون ومختصون في الشؤون الأميركية، عن تبعات الضربة الإيرانية على مُجريات الانتخابات الأميركية، ومدى نجاح بايدن وترامب في تحويلها إلى مكسب انتخابي لأيهما.
وتعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بتوفير دعم "ثابت" للاحتلال الاسرائيلي بمواجهة الهجوم الإيراني، بعد اجتماع عقده مع كبار المسؤولين الأمنيين لبحث التصعيد المتنامي في الشرق الأوسط، في خضم الضربة التي تصدت فيها الدفاعات الجوية الأميركية والإسرائيلية لنحو 99 % من المُسيرات والصواريخ الإيرانية.
ومع ذلك، تحدث بايدن مع رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو، تاركا خلافاته معه جانبا، حيث أبلغه أن الولايات المتحدة لن تشارك في أي هجوم إسرائيلي مضاد ردا على هجمات طهران، إذ ستواصل واشنطن ستواصل دعم تل أبيب دفاعيا ولا تريد أي حرب مع إيران.
وسرعان ما دخلت الإدارة الأميركية على خط التهدئة بعد الهجوم الإيراني، بسلسلة اتصالات مع زعماء المنطقة في محاولة لمنع توسع الصراع، كما تحدث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره في الكيان المحتل يوآف غالانت، لتأكيد الدعم الأميركي القوي للدفاع عن أمنه، مشيدا بالإجراءات الدفاعية غير العادية والتعاون القوي بين البلدين.
وجنبا إلى جنب مع ذلك، قال زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأميركي ستيف سكاليز السبت الماضي إن المجلس سيجري تغييرا في جدول أعماله لبحث تشريع يدعم إسرائيل ويعمل على محاسبة إيران.
ويرى عضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق ترامب، وأستاذ القانون الدولي الأميركي، غابريال صوما، أن ترامب هو المستفيد الأكبر من الهجمات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل، في حين تُقلص من أسهم بايدن الانتخابية.
وقال صوما "الاعتقاد السائد داخل الولايات المتحدة، أنه لو كان ترامب في البيت الأبيض فلن يحدث ما جرى ليل السبت الماضي، ولم يكن لإيران أن تنفذ تلك الهجمات، لأن ترامب كان قاسياً على طهران للغاية؛ إذ شدد العقوبات عليها وأصبحت في أزمة اقتصادية داخلية، كما لم يكن باستطاعتها تصدير النفط للخارج بحرية، ومن ثم تراجع دخلها القومي".
في المقابل، يرى "صوما" أن بايدن ساهم في رفع الكثير من العقوبات عن إيران، وباتت في الوقت الراهن قادرة على إنتاج 3.5 مليون برميل يومياً من النفط، ما منحها قدرة على زيادة التصدير، معتبرًا أنها "استفادت كثيرًا من سياسية التساهل التي تبناها الرئيس بايدن".
وبشكل عام، أوضح "صوما" أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تهم الناخب الأميركي بنحو 8 % فقط، في مقابل 92 % ينصب جل اهتمامهم بالقضايا الداخلية، خاصة عندما لا يكون الجيش الأميركي في معارك خارجية، كما حدث في العراق عام 2003، وبالتالي فالناخب الأميركي لا يهتم كثيرًا بما يحدث في الشرق الأوسط إلا في حدود ضيقة.
وتشير الكاتبة الصحافية المتخصصة في الشؤون الأميركية هبة القدسي، إلى أن هناك تداعيات كثيرة للضربة الإيرانية على مسار الانتخابات الأميركية، وسط مخاوف ديمقراطية من احتمال تأثيرها على حظوظ بايدن.
وقالت "القدسي" إن الضربة غيرت ما ساد من توتر في العلاقة الشخصية بين نتنياهو وبايدن، ودفعت الرئيس الأميركي لإعلان دعمه الصارم، والتزام الولايات المتحدة بمساعدة إسرائيل والدفاع عن أمنها، وبالتالي كان هناك نوع من التغاضي عن التوترات في العلاقة بينهما، بعدما أعلن بايدن صراحة اعتراضه على سياسات نتنياهو، وكان هناك نوع من الجفاء بين الرجلين.
وأوضحت أن هناك الآن نوع من الاسترضاء الأميركي من قبل الإدارة الأميركية لنتنياهو وإسرائيل بالتأكيد على المساندة في مقابل الهجمات الجمهورية التي تتهم الرئيس الأميركي بمهادنة إيران واتخاذ سياسات ضعيفة، أدت لاستقواء طهران والقيام بهذا الهجوم غير المسبوق.
وأضافت الكاتبة الصحافية المتخصصة في الشؤون الأميركية، أن ما يزعج إدارة بايدن، كون إطالة أمد الحرب تسبب في غضب العرب الأميركيين وأثر على حظوظ بايدن في ولايات مثل ميشيغان ومينيسوتا، وبالتالي كان هناك نوع من الغضب لدى بايدن وإصرار على أن يكون هناك دخول أكبر للمساعدات لقطاع غزة خلال الأسابيع الماضية.
لكن الوضع تغير الآن، إذ يحاول بايدن استرضاء الكيان المحتل على وقع الغضب داخل الحزب الجمهوري الذي يتهم بايدن بالتهاون، وبالتالي فإن أي توسعة للحرب والصراع ستقضي على حظوظ بايدن بشكل كبير في إعادة انتخابه، وربما تسهم في إعادة انتخاب ترامب مجددا؛ لأن سجله فيما يتعلق بمعاداة إيران واضح خاصة الخروج من الاتفاق النووي الإيراني وممارسة أقصى الضغوط على طهران، في مقابل اتهامات لبايدن أنه لم يكن بالقوة الكافية في مواجهة تهديداتها وحاول احتواء طهران، وفق "القدسي".
واتفقت "القدسي" مع "صوما" في أن ترامب ما يزال المستفيد من الموقف الراهن، وخاصة بعد تعرض لتل أبيب للضربة من إيران، إذ حرص على انتقاد بايدن واتهامه بالضعف، بجانب البدء في سحب بساط تيار كبير من الناخبين الداعمين لإسرائيل والأصوات اليهودية الأميركية إضافة إلى لوبي يهودي قوي، واستمالتهم في تأييده مدعوما بمواقفه في الدفاع عن إسرائيل، واتهام بايدن بأنه لم يكن قويا في دعم تل أبيب بما يكفي.
بدوره، قال الأكاديمي وكبير الباحثين بمركز واشنطن للسلام والتنمية، إدموند غريب، إن هناك الكثير من العوامل التي تؤثر في الانتخابات الأميركية فيما يتعلق بالقضايا الخارجية وخاصة ملف الشرق الأوسط، إذ سيكون لما يجري في غزة، واحتمالات تصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران، والطريقة التي تتعامل بها إدارة بايدن مع ذلك، تأثير ملحوظ على نتائج الانتخابات المقبلة.
وأوضح "غريب" أن هناك قطاعا داخل الولايات المتحدة ينظرون لضرورة تقديم بايدن دعما قويا لإسرائيل، والهجوم على إيران، مقابل مجموعة أخرى تطالب الإدارة بإنهاء هذا الصراع بشكل عاجل وحماية المدنيين، وبالتالي فإن تعامل الإدارة الأميركية سيلقي بتبعاته على الانتخابات الرئاسية.
ويعتقد أن بايدن يحاول التعامل بتوازن في الموقف الراهن من هذا الصراع، إذ حذر من خطورة اتساع دائرة التوتر، إذ كانت هناك رسائل لتحذير إيران من التوسع في ضرباتها، أو استهداف القوات الأميركية، وفي نفس الوقت أكد أنه لن يساعد إسرائيل إذا شنت هجوما على إيران، وبالتالي يرغب في ضبط النفس من جانب الطرفين.-(وكالات)