غليان بالقدس والاحتلال يقمع الغضب الفلسطيني بالقوة

انتشار أمني لقوات الاحتلال في القدس المحتلة أول من أمس - (ا ف ب)
انتشار أمني لقوات الاحتلال في القدس المحتلة أول من أمس - (ا ف ب)
نادية سعد الدين عمان- سادت أجواء التوتر والغليان في القدس المحتلة، أمس، عقب اندلاع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي قمعت بالقوة العسكرية العاتية الغضب الشعبيّ، ووفرت الحماية الأمنية لقيادة عضو "كنيست" متطرف اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، في ظل تصدّي المصلين لحماية المسجد والدفاع عنه. وعلى وقع مطالبة إسرائيلية رسميّة بفرض السيادة الإسرائيلية على باب العامود بالمسجد الأقصى والبلدة القديمة بالقدس المحتلة، وتكثيف إجراءات تفتيش الفلسطينيين عند مدخلها؛ فقد أعلن الاحتلال حالة الاستنفار، ونشر تعزيزاته العسكرية والأمنية المشدّدة في أنحائها، في أعقاب إعدام شاب فلسطيني بدم بارد، أول من أمس، بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن، مما أثار غضباً فلسطينياً عارماً. وقاد عضو "الكنيست" الإسرائيلي المتطرف، "إيتمار بن غفير"، اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقصى المبارك، من جهة "باب المغاربة"، وتنفيذ الجولات الاستفزازية وأداء الصلوات التلمودية المزعومة داخل باحاته، في ظل تصدّي حراس المسجد والمصلين لعدوانهم. وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة، إن عشرات المستوطنين المتطرفين اقتحموا المسجد الأقصى، بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال، وأدوا الطقوس التلمودية في المنطقة الشرقية للأقصى، من جهة "باب الرحمة". وتأتي اقتحامات المستوطنين للأقصى تلبية للدعوات المتطرفة التي تطلقها جماعات "الهيكل"، المزعوم، في اليوم الثامن من ما يسمى عيد الأنوار اليهودي "الحانوكاه". وفي الأثناء، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى، وقامت بجولة في أحياء البلدة، وقامت بتصوير عدة منشآت وشوارع تمهيداً إما لإخلائها أو هدمها. جاء ذلك على وقع مطالبة وزير الاتصالات الإسرائيلي، "يوعاز هاندل"، بتفتيش الفلسطينيين الذين يدخلون إلى البلدة القديمة في القدس بعد الهجمات الأخيرة هناك. وادّعى هاندل، في حديث لإذاعة جيش الاحتلال، ضرورة "خلق مناطق خالية لا يدخلها أي مسلح فلسطيني"، واستعادة "الحكومة الإسرائيلية للسيادة بعد سنوات عديدة من انعدامها في النقب والجليل والقدس"، وفق زعمه. وكان هاندل دعا منذ أسابيع إلى إعادة وضع البوابات الالكترونية في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى لتفتيش كل من يدخل تلك المناطق، تماثلاً مع الحكومة الإسرائيلية السابقة، برئاسة بنيامين نتنياهو، حينما وضعت، في تموز (يوليو) 2017، تلك البوابات ما دفع الفلسطينيين للتصدي إليها حتى نجحوا في إسقاطها ومنع إبقائها. من جانبه، أكد رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، أهمية إنجاز الوحدة الوطنية الشاملة في إطار منظمة التحرير، وتوسيع قاعدة المقاومة الشعبية لمواجهة الاحتلال وارهابه، في ظل التحديات المُحدّقة بالقضية الفلسطينية. ودعا الزعنون إلى إعلان سحب اعتراف منظمة التحرير بالكيان الإسرائيلي، والبدء بإجراءات عملية للانتقال إلى مرحلة تجسيد الدولة، ووضع خطة للتحرك خارجياً والعودة بالقضية الفلسطينية إلى جذورها وحاضنتها السياسية والقانونية. ونوه، في افتتاحية العدد (66) من مجلة المجلس البرلمانية الصادرة أمس، إلى أهمية تفعيل التحرك للمحكمة الجنائية الدولية، ووضع استراتيجية وطنية فلسطينية لمنع ومعاقبة الفصل العنصري والاضطهاد الاسرائيلي، بتكليف لجنة وطنية ذات اختصاص بالقانون الدولي الإنساني. ورأى إن دورة المجلس المركزي الفلسطيني المقبلة تشكّل فرصة لوضع استراتيجية نضالية جديدة والبدء بتطوير مؤسسات منظمة التحرير ودوائرها واتحاداتها الشعبية لتتحمل مهمّاتها السياسية والوطنية الاستراتيجية، مع تمكين جيل الشباب للمحافظة على استمرار تمثيلها للشعب الفلسطيني، وحماية حقوقه في تقرير مصيره وعودته وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها مدينة القدس. من جانبها؛ طالبت وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية، المجتمع الدولي، بإعادة النظر في كل ما يسمى بـ"الإرهاب"، الذي تطلقه سلطات الاحتلال جزافاً بحق الفلسطينيين تحت الاحتلال، عقب احتضان أركان الحكومة الإسرائيلية لقتلة الشاب محمد سليمة، الذي أعدم بدم بارد، في مدينة القدس المحتلة. وأكدت "الخارجية الفلسطينية"، في تصريح أمس، ضرورة بدء المسؤولين في المجتمع الدولي بعملية مراجعة شاملة وإعادة صياغة تعريف الارهاب وملحقاته وعدم ترك الامر لجهة الاحتلال لصياغة هذا التعريف واسقاطه على المجتمع الدولي. وأشارت إلى التوّجه لرفع هذه الجريمة الموثقة من كافة جوانبها وتفاصيلها، إلى المحكمة الجنائية الدولية، للتحرك الفوري لمحاسبة مرتكبيها، مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته حيال استمرار الاحتلال، وانتهاكاته في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورأت أن تسابق أركان الحكومة الإسرائيلية وقادتها العسكريين والأمنيين على دعم قوات الاحتلال التي ارتكبت جريمة قتل الشهيد سليمة، يُشبه إجماعاً إسرائيلياً رسمياً على دعم القتلة والتفاخر (ببطولاتهم) تحت ذرائع وحجج واهية. واعتبرت أن تلك المواقف تشكل ضوءاً أخضر لجنود الاحتلال لمواصلة ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، مندّدة بتصريحات ومواقف المسؤولين الإسرائيليين التي تدعم وتبرر هذه الجريمة، واعتبرتها تأكيداً بمسؤولية المؤسسة الرسمية الإسرائيلية عنها، وغيرها من الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. بدوره، قال الناطق باسم حركة "حماس"، حازم قاسم، أن إعدام جيش الاحتلال للشاب الفلسطيني، الشهيد سليمة، في مدينة القدس المحتلة، جريمة مكتملة الأركان، حيث قاموا، وفي انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية الإنسانية، بالإجهاز على شاب جريح ينزف دماً، ولا يشكّل أيّ خطر عليهم. وأكد أنَّ تعمَّد جنود جيش الاحتلال الإجهاز على الشاب الفلسطيني وهو ملقى على الأرض، وذلك بإطلاق النار المباشر عليه، يعدّ سلوكاً إجرامياً يعكس الوجه الحقيقي لجيش الاحتلال وجنوده، ويكشف طبيعتهم في الاستهتار بحياة الإنسان من جهة، والاستخفاف بالقانون الدولي لعدم وجود رادع ومحاسب لهم عن جرائمهم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني. وأضاف، إن "الاحتلال يتصرف، مرة أخرى، ككيانٍ فوق القانون والقرارات والمواثيق الدولية، وذلك بسبب عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ أيّ إجراءات عملية لكبح جماحه عن الاستمرار في جرائمه وعدوانه ضد الأرض والشعب الفلسطيني، والعمل على محاكمة قادة جيشه وجنوده كمجرمي حرب".

إقرأ المزيد :

اضافة اعلان