لماذا يلجأ الاحتلال للتصعيد واجتياح معبر رفح رغم قرب التوصل لاتفاق هدنة؟

إعلام الاحتلال: الجيش يستعد لاجتياح رفح
إعلام الاحتلال: الجيش يستعد لاجتياح رفح
عواصم - في تصعيد خطير للأحداث على الحدود بين مصر وقطاع غزة، وفي ظل سيطرة جيش الاحتلال، بشكل كامل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، يؤكد محللون أن تلك الخطوة لن تحقق أهداف الكيان المحتل في الإفراج عن الأسرى ولا في القضاء على حماس، ويرون أن لها أهدافا أخرى يغامر نتنياهو بمزيد من العزلة الدولية في سبيلها. اضافة اعلان
والتساؤل في ظل تلك المعطيات والذي يطرح راهنا، لماذا لجأ الاحتلال للتصعيد؟ ولماذا قرر اجتياح المعبر رغم قرب التوصل لاتفاق، ورغم أنه يعلم تماما أنه لن يحرز أي اختراق في سبيل أهدافه من العدوان على غزة؟
يأتي ذلك وسط تأكيدات المحللين أن ما فعله جيش الاحتلال يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويقوّض فرص التوصل لاتفاق هدنة، كما يعد انتهاكا صارخا لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، وملاحقها الأمنية.
ويرى محللون أن إصرار الاحتلال على الدخول إلى رفح يأتي لعدة اعتبارات سياسية وشخصية تتعلق برئيس وزراء الاحتلال الذي يعتبر أن الدخول إلى رفح بمثابة انتصار، وكذلك يدعي نتنياهو أنه لا يمكن القضاء على حماس إلا إذا اجتاح المعبر، وكذلك يدعي أنه بالسيطرة على المعبر يمكن التحكم بما يدخل من مساعدات ويحول دون وصولها للمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس.
وأكد مصدر مصري رفيع المستوى أنه جرى إبلاغ إسرائيل بخطورة التصعيد، وأن مصر جاهزة للتعامل مع كافة السيناريوهات، مؤكدا وجود توافق بين جميع الأطراف للعودة إلى المسار التفاوضي.
وأكد الدكتور مفيد شهاب، وزير المجالس النيابية والقانونية الأسبق في مصر وعضو اللجنة القومية لاسترداد طابا، أن الجيش المصري لم يتحرك لمواجهة عملية إسرائيل في رفح لأنها تمت خارج الحدود المصرية وعلى أراض فلسطينية، مؤكدا أنه إذا اقتربت أو اعتدت إسرائيل على الأراضي المصرية لن تقبل مصر أو تسمح بذلك، وستدخل في مواجهة عسكرية قد تهدد أمن المنطقة بالكامل.
وقال  إن ما قامت به إسرائيل من احتلال معبر رفح الفلسطيني ودخولها وخروجها سريعا من "محور فلادلفيا" فيه إخلال ومخالفة لاتفاقية السلام، لأنها لم تنسق مع مصر، مضيفا أن "ما حدث يعد تهديدا غير مباشر لمصر"، وأثار قلقا وتوترا كبيرين في منطقة الشرق الأوسط بالكامل.
وفيما يتعلق باتخاذ قرار مصري بتجميد اتفاقية السلام كتحرك قانوني واجب إزاء الخطوة الإسرائيلية، قال شهاب إن هذه مسألة سياسية تقديرية خاصة بمصر وقيادتها السياسية، لافتا إلى أن الإجراءات القانونية التي يمكن للدولة المصرية اتخاذها تتمثل في عدة خطوات، أبرزها تحذير إسرائيل بمخالفتها للقانون الدولي، وبعدها يمكن تصعيد الأمر إلى مجلس الأمن، وإبلاغ الدول ذات التأثير مثل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وغيرها، بهذه المخالفة وخطورتها.
وأشار الدكتور شهاب إلى أن الجيش المصري لم يتحرك لمواجهة العملية العسكرية التي قامت بها إسرائيل أول من أمس في معبر رفح من الجانب الآخر، لأنها تمت خارج الحدود المصرية وعلى أراض فلسطينية، "لكن إذا اقتربت أو اعتدت على الأراضي المصرية فإن مصر لن تقبل أو تسمح بذلك، وستدخل في مواجهة عسكرية لا يمكن معرفة مداها"، تؤدي إلى تهديد ليس للشرق الأوسط فقط بل للسلم والأمن الدوليين.
وأكد شهاب أن "الجيش المصري قوي وجاهز لكل السيناريوهات إذا تطلب الأمر ذلك"، لافتا إلى أن القيادة السياسية المصرية واعية، وستتخذ إجراءات مناسبة للأفعال حسب تقديرها، وذلك في الوقت المناسب لها، مضيفا أن "مصر مازالت تقوم بدور الوسيط وتبذل قصارى جهدها للوصول إلى هدنة ووقف إطلاق النار".
وقال إن أي إجراء إسرائيلي يمس أمن مصر القومي يعد غير قانوني، ويمكن إيقافه بأي طريقة ممكنة، ودفع الفلسطينيين نحو التهجير لمصر بمثابة اعتداء مباشر على السيادة المصرية والحدود المصرية مصانة.
وكانت مصر قد اعتبرت أن التصعيد الخطير في رفح يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتمادا أساسيا على هذا المعبر باعتباره شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الفلسطينيين في غزة.
ودعت مصر الجانب الإسرائيلي إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى، والتي من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة.
وفي ذات الشأن قال ضابط المخابرات المصرية السابق اللواء محمد إبراهيم الدويري، أن احتلال الاحتلال لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني، أمر ترفضه مصر شكلا ومضمونا.
وتابع المسؤول المخابراتي المصري الأسبق بأنه في ضوء هذه التطورات السلبية، بدأت مصر التحرك بشكل مكثف من أجل احتواء الموقف واستئناف التفاوض للتوصل إلى الهدنة الإنسانية، التي أضحت ضرورة لوقف الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الفلسطينيون في غزة، مضيفا أنه وبالرغم من أن توقيت انتهاء هذه الحرب لا يمكن لأحد حسمه، فإن مصر تتحرك وتسابق الزمن وتتحرك مع كافة الأطراف دون استثناء حتى تتوصل لاتفاق.
وقال إن توقيع الاتفاق سيقود إلى إنجاز صفقة الأسرى وزيادة إدخال المساعدات الإنسانية ووقف إطلاق النار بشكل دائم، وإعادة الإعمار وصولا إلى استئناف عملية السلام.-(وكالات)