إسقاط العام الدراسي ليس حلا

رسم تعبيري لطالب يتلقى دروسه عبر منصة إلكترونية عن بعد - (أرشيفية)
رسم تعبيري لطالب يتلقى دروسه عبر منصة إلكترونية عن بعد - (أرشيفية)

آلاء مظهر

عمان – رأى خبراء تربويون، ان الدعوات لاسقاط العام الدراسي واعادته للطلبة، ليس حلا واقعيا أو مناسبا، فهناك طلبة اجتهدوا وثابروا وحققوا مستوى تعليميا مميزا، ولقوا اهتماما ورعاية من أسرهم لكي يستمروا بالتعلم.

اضافة اعلان

ولا يجوز وضع جميع الطلبة في الحالة التعليمية نفسها، كون بيئاتهم التعليمية والتربوية متنوعة ومختلفة.


واكدوا في احاديث لـ"الغد" أمس، ان هذه الدعوات ترتكز على أن هناك 100 ألف من الطلبة، لم ينخرطوا في التعلم عن بعد من بين أكثر من مليوني طالب، ليس حلا>

بل على وزارة التربية والتعليم، إيجاد حلول لمعالجة الفاقد التعليمي، عبر برنامج تعويضي للطلبة واختصار العطلة الصيفية في الأعوام المقبلة.


ودعوا للاسراع في برنامج اللقاح الوطني، واعطائه إلى أكبر عدد ممكن من المعلمين، وبدء العام الدراسي المقبل مبكرا، وعقد اختبار وطني لقياس مستوى الفاقد الأكاديمي لكل مدرسة وطالب.


واعتبروا ان إسقاط العام الدراسي، مخالف لتشريعات الوزارة وأوامر الدفاع والبلاغات الصادرة بإعادة العمل بقرار التعلم عن بعد، وتعليق الدوام المدرسي.


وبينوا ان المطالبة بإسقاطه، آثاره سلبية فكل يوم تأخير فيه، له تبعاته، فكيف بإسقاط عام دراسي، وماذا سيحدث لطلبة الثانوية العامة ممن يستعدون لدخول الجامعات، وماذا عن الحالة النفسية لبقية الطلبة، وغيرها من التبعات.

وكان رئيس لجنة تقييم الوضع الوبائي بوزارة الصحة سعد الخرابشة، تساءل عن مبررات عدم إسقاط العام الدراسي وإعادته للطلبة، وفق تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أمس، أفصح فيها عن أن أمين عام وزارة التربية كشف عن عدم انخراط نحو 100 ألف طالب التعلم عن بعد.

وأضاف الخرابشة "أليس هذا مبررا لإسقاط هذا العام الدراسي وإعادته للطلبة؟ ماذا يحصل لو خسر الطالب سنة وكأنها سنة رسوب؟".
الناطق الإعلامي لوزارة التربية عبد الغفور القرعان، أكد أنه لا توجد نية أو دراسة عند الوزارة، لاسقاط العام الدراسي الحالي.


وبين القرعان في تصريح لـ"الغد" امس، بان العام الدراسي مستمر كما هو مقرر له، ولا يوجد أي تغير عليه، لافتا الى أن مسألة اسقاط العام الدراسي غير واردة نهائيا.


واكد ان الوزارة ماضية في إجراء اختبارات التقييم الأول للطلبة في موعدها المحدد، كما أعلنت سابقا، ولا يوجد أي تعديل على ذلك، كما انها ستعتمد نتائج التقييمات المدرسية نهاية الفصل الحالي، مشيرا الى ان ما يجري تداوله من احاديث حول اسقاط العام الدراسي الحالي، عارية عن الصحة.

وكشف أن الوزارة ستعقد الامتحان العام لشهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي) في الرابع والعشرين من حزيران (يونيو) المقبل، وستوفر سبل الحماية والاشتراطات الصحية للطلبة، ليتقدموا لامتحاناتهم بيسر وسهولة دون اي معوقات.

مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي بالوزارة سابقا محمد أبو غزلة، أكد أن هذه دعوات اسقاط العام الدراسي، مخالفة للتشريعات وأوامر الدفاع والبلاغات التي اجازت التعلم عن بعد، بهدف استمرارية التعليم دون انقطاع.

وقال أبو غزلة، لا أحد ينكر تداعيات جائحة كورونا وآثارها على حياتنا، لكنها لم تتمكن من تعطيل الحياة، ونتيجة ذلك، عمدت الدولة لإعادة التفكير والتعلم من الممارسات الناجحة>

ووضعت خططا وبدائل ووسائل وأدوات، تضمن استمرارية الحياة والعمل، لا تعطيلها.


وابدى أبو عزلة استغرابه من هذه الدعوات لإسقاط العام الدراسي وإعادته للطلبة، داعيا لعدم تبرير إسقاط العام الدراسي على غياب 100 ألف طالب، مشددا على آثاره التربوية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والأمنية وغيرها.

ولفت الى أنه يمكننا إعادة برمجة العام الدراسي وتعويض الفاقد التعليمي، كما في الأنظمة التعليمية في العالم، موضحا أنه في الظروف الطبيعية>

وتشهد الأنظمة التعليمية تسربا مدرسيا، أكثر من هذا الرقم في بعض البلدان، وبرغم تفشي الجائحة في العالم، تمكنت دول بالحد منها وأخرى لم تنجح، لكنها لم تسقط العام الدراسي، وبحثت عن بدائل لاستمرار التعليم.


وأشار إلى أن الأنظمة التعليمية، حافظت على تطبيق الإجراءات الاحترازية عند استئناف الدارسة في المدارس، كما منحت أولياء أمور الطلبة حرية اختيار الطريقة الأنسب لاستكمال أبنائهم للعام الدراسي الحالي، أكان عبر الحضور الفعلي بعد فتح المدارس، أو بالتعلم عن بعد وتوفير منصات ومصادر تعليم مختلفة.


وقال إنها عدلت التقويم المدرسي، ولم تلتزم بتواريخ متعددة، واستثمرت العطل المدرسية وغيرها لاستئناف الدراسة، والامتحانات وفق جداول معلنة.

وطورت التعليمات لتنظيم الدراسة، واستمرت بتقديم حملات توعوية للطلبة وغيرهم، واتخذت خطوات متعددة لاستمرار التعلم والمحافظة على حياة الطلبة وسلامتهم.


وأكد انه لكل يوم تأخير في الدراسة تبعاته، فكيف بإسقاط عام دراسي، وماذا سيحدث لطلبة الثانوية العامة، وماهي انعكاسات ذلك على الحالة النفسية لأكثر من مليوني طالب؟ وماذا عن زيادة أعمار الطلبة بالنسبة إلى سن الدراسة.


كما تساءل حول ما تفرزه مثل هذه الحالة من مشكلات جراء ازدياد التسرب المدرسي، وما سيترتب عليها من آثار على القطاعات المستثمرة بالتعليم، وغيرها من القطاعات، فلو كانت المطالبة باعتماد نوع من الاختبارات أو اعتماد نتائج فصل دراسي، بدلا من فصلين أو غيرهما، لكن الطرح عقلانيا.


وشاركه في الرأي، استاذ أصول التربية بجامعة البلقاء صالح البركات، إذ أكد انه لا يوجد في الأنظمة التعليمية، ما يسمى باسقاط عام دراسي، لافتا الى انه في زمن الطوارئ كالحروب والاوبئة، تعوض الأيام الدراسية التي يغيب فيها الطلبة عن مدارسهم.

وقال البركات إن هذه الدعوة غير واقعية وليست حلا مناسبا، فهناك طلبة اجتهدوا وثابروا وحققوا مستوى تعليميا مميزا، وتلقوا اهتمام ورعاية أسرهم التعليمية والتربوية، ولا يجوز وضعهم في الحالة التعليمية نفسها لمن لم ينخرطوا في التعلم.

وأضاف أن تشريعات وانظمة الوزارة لا تسمح باسقاط العام الدراسي، بخاصة وانه اعترف بالتعلم عن بعد قانونيا ورسميا، مطالبا بإجراء اختبارات تقيميية بداية العام، وباشراف المدرسة وبعد الاطلاع على النتائج.

وان ثبت عدم امتلاك الطالب للحد الأدنى من المهارات، للانتقال للصف الذي يليه، يتخذ قرار باعادته للصف مرة اخرى.


وأشار إلى أن مبررات طرح كهذا، يجب ألا تخضع لغياب نحو 100 ألف طالب عن التعلم عن بعد، وانهم لم يتعلموا الحد الأدنى من المهارات والمفاهيم والمعارف التي تؤهلهم للانتقال للصف الذي يليه.


وبين أن هناك نحو 270 ألف طالب، لم ينتظموا بدخول منصة "درسك" على نحو كامل، وهناك ما يسمى بالتسرب الخفي لعدم انتظامهم، فقد ينتظم طالب في حصة أو عدة حصص أو لأيام محددة.

ما يرتب على عدم انتظامه فقدانه معارف ومهارات ومفاهيم لا يستطيع بعدها استيعابها، ويشكل بالتالي فاقدا تعليميا وتربويا خطرا، وليجد ايضا صعوبة باستمراره في الصفوف التعليمية اللاحقة.


وأكد البركات ان مدة الحصة الدراسية عبر المنصة غير كافية، لاستيعاب واتقان المعارف والمهارات اللازمة، وغياب التفاعل المباشر بين المعلم والطالب، ما أفقد العملية التعليمية أساسها.

وشدد على أن تكون منصات التعليم الحكومية لامركزية، بمعنى أن لكل مدرسة منصة خاصة بها، وفي هذه الحالة تحل المشكلة، كونه سيكون هناك تفاعل مباشر بين المعلم وطلابه.

وتشديد الرقابة على الانضباط المدرسي، وتمكين كل معلم من تقييم مدى استيعاب الطالب.


وبين انه في ظل عدم وجود منصات تعليم لامركزية، واعتمادنا على منصة واحدة للمدارس الحكومية كافة، فان ضبط الدخول وحضور الحصص صعب.

كما أن بعض أولياء الأمور يساعدون ابناءهم بحل الواجبات والاختبارات التقييمية، لذلك لا يوجد لدينا مؤشر حقيقي حول مدى استفادة الطلبة في هذه الحالة.


واوضح ان كثيرا من الطلبة يغشون عبر ذويهم أو مجموعات دردشة بينهم، يتناقلون عبرها اسئلة الاختبارات، لذلك يجب وضع قانون لتجريم أي عملية غش، كون نتائج ما يحدث الآن ينعكس سلبا على نظامنا التعليمي لاحقا.

وأشار إلى انه منذ اقرار أول قانون لوزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم) في العام 1939، لم يحدث ان اسقط عام دراسي مع كل المشكلات والتحديات التي جرت ذلك العام وحتى الآن.

وطالب البركات بإجراء اختبار تقييمي قبل بداية العام الدراسي بإشراف وزارة التربية، واذا نال الطالب علامة تظهر امتلاكه للحد الأدنى من المهارات المعرفية والادراكية التي تؤهله للانتقال للصف الذي يليه، يتخذ قرارا ببقائه في صفه نفسه، وبموافقة ولي أمره.

ليتسنى له ادراك المفاهيم الأساسية للمواد الدراسية، وبالتالي القضاء على مساءلة حدوث فجوة تعليمية لديهم في الصفوف اللاحقة، وليس بإسقاط العام الدراسي وإعادته للطلبة.


الخبيرة التربوية ماسة الدلقموني رأت ان قرار وزارة التربية بعدم العودة للتعليم الوجاهي، كان من نتائجه حصول فاقد تعليمي كما هو الحال في عدة دول، ولا يمكن التنبؤ به حاليا على المستوى الأكاديمي والنفسي والاجتماعي.

وبينت الدلقموني أمس، ان القرار بتعليق الدوام المدرسي حتى إشعار آخر، لا يمكن للطلبة دفع ثمنه بأي شكل كان، وعلى وزارة التربية، إيجاد حلول خلاقة، كإقرار تقسيم المنهج واختصار العطلة الصيفية الاعوام المقبلة، والاسراع ببرنامج اللقاح الوطني.

واعطاء اللقاح لأكبر عدد ممكن من المعلمين، وبدء العام الدراسي المقبل مبكرا، وعقد اختبار وطني لقياس مستوى الفاقد الأكاديمي على مستوى كل مدرسة وطالب.