"الميناء البري" بمعان.. 19 عاما بانتظار التمويل

الموقع المقترح للميناء البري بمعان وتظهر اللوحة الإعلانية التي يعتريها الصدأ-(الغد)
الموقع المقترح للميناء البري بمعان وتظهر اللوحة الإعلانية التي يعتريها الصدأ-(الغد)
حسين كريشان مع كل لقاء يجمع أهالي محافظة معان بفريق حكومي، يتجدد مطلب البدء بتنفيذ مشروع "الميناء البري" في معان، ويتصدر قائمة مطالب الفاعليات الشعبية والرسمية بالمحافظة، إذ ما يزال المشروع ينتظر التمويل والتصاميم ودراسات الجدوى، واستدراج العروض لإنشائه منذ الإعلان عنه قبل 19 عاما. ويعتبر سكان مدينة معان مشروع "الميناء البري"، حلما مؤجلا طال انتظاره، وأنه مجرد حبر على ورق، رغم أنه يعد من الخيارات الإستراتيجية التنموية لمنطقة الروضة الصناعية، المنضوية تحت منطقة معان التنموية، وسيؤدي إنجازه إلى جلب استثمارات كبرى للمحافظة والمملكة. لكن مشروع الميناء لا يرتفع في الموقع المخصص له، سوى لوحة إعلانية يعتريها الصدأ، وأصبحت بحاجة إلى تجديد، لا سيما وأنه تم نصبها قبل 19 عاما، إلا أنها بقيت صامدة في قلب الصحراء وتقف كشاهد على المرحلة الأولى التي لم تبدأ بعد. ووفق فاعليات شعبية ومهتمين بالشأن التنموي في معان، فإن الأعوام تمضي ولم ير مشروع الميناء البري النور، لتؤجل آمال المواطنين بأن تشهد محافظتهم تغييرا ملموسا لأعوام مقبلة، لإيمانهم بأن المشروع سيسهم في إحداث تنمية حقيقية في المحافظة، بيد أن عدم استقرار القرارات الحكومية في إقامة المشروع حوله إلى مجرد حلم يصعب تحقيقه. ودعا نائب رئيس مجلس محافظة معان محمود أخو عميرة آل خطاب، الحكومة، الى متابعة تنفيذ مشروع الميناء البري المقترح سابقا، الذي طال انتظاره رغم الإعلان عنه منذ فترة طويلة من قبل الحكومات المتعاقبة، بهدف تنمية المحافظة، معتبرا أن خطوة إنشائه سيكون لها الدور الأكبر في ازدهار المحافظة وتطورها، فضلا عن توفير المئات من فرص العمل، إلى جانب إسهامه في تحريك العجلة الاقتصادية وخدمة قطاع النقل، الذي يعد رافدا رئيسا من روافد الاقتصاد الوطني ويعطي المدينة طابعا اقتصاديا واستثماريا لدعم التنمية الشاملة المستدامة في المحافظة. ويرى نائب رئيس سلطة إقليم البترا السابق المهندس عبدالمنعم أبو هلالة، أن مشروع الميناء البري، وحال إقامته، يعد خيارا استراتيجيا وميزة لوجستية جديدة لمنطقة معان التنموية، والذي سيجعل محافظة معان بيئة جاذبة للاستثمار، مؤكدا أنه سيكون دافعا رئيسا في تنمية المحافظة، في ظل الموقع المتميز الذي تتمتع به معان على مفترق طرق دولية، مؤكدا أن أهميته الاقتصادية تكمن في التقليل من تكاليف النقل البري الاعتيادي عن طريق استخدام القطار، ما يؤدي إلى زيادة الصادرات الوطنية، خصوصا التي تنتجها مصانع الروضة الصناعية في معان، إضافة لما تتمتع به المنطقة من خيارات ومميزات استثمارية أخرى. ويأمل رئيس اللجنة المالية في مجلس المحافظة السابق وصفي صلاح، بأن يرى مشروع الميناء البري النور ويخرج من عتمة الوعود، مشيرا إلى أن إقامة المشروع في معان ستضاعف من حركة الترانزيت، ويحقق مشاريع على جانبه، يستفيد منها أبناء المحافظة وأهالي الجنوب، ويدفع بتجارة المنطقة إلى النمو، كونه يعد من المشاريع التي تسهم في دفع الحراك الاقتصادي في المنطقة وإقليم الجنوب بشكل عام، مبينا أن محافظة معان تحتاج إلى مشاريع تسهم في تحقيق تنمية مستدامة تخفف من مشكلتي الفقر والبطالة، وإيجاد فرص أمام الشباب المتعطل عن العمل. إلى ذلك، أشارت مصادر في شركة العقبة لإدارة السكك الحديدية، إلى أن الحكومة جادة في تنفيذ مشروع الميناء البري في معان بما ينعكس على الواقع الاقتصادي في المحافظة، ليكون قيمة مضافة لمنظومة النقل في المنطقة، خاصة وأن معان تعد نقطة وصل بين ثلاثة أقطار عربية. وأكدت المصادر، أن إقامة وإنشاء الميناء البري في معان مرتبطة بإنشاء خط سكة الحديد بين ميناء العقبة والميناء البري في معان، وهو بانتظار توفير التمويل اللازم لهذا المشروع الحيوي. وأضافت المصادر ذاتها، أنه بالتوازي مع اكتمال منظومة الموانئ في العقبة، فإن سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ما تزال تسعى وحال توفر التمويل لربط مشروع ميناء معان البري، بسكة حديد مع الموانئ الجديدة في العقبة من خلال الصندوق السعودي الأردني للاستثمار، للمساهمة بتمويل مشروع ربط الميناء الجنوبي الجديد وميناء الحاويات والميناء الصناعي للوصول إلى الميناء البري المقرر إقامته في معان من خلال سكة الحديد وتوفير الدعم له وتبلغ كلفته 450 مليون دينار، إضافة إلى إعادة تأهيل الخط الحديدي الحالي وتوسعة المحطات، بحيث يستوعب قطارات وشاحنات بأعداد أكبر وسرعات أعلى من الحالية. وقالت، إن الميناء البري في معان سيشكل نقلة نوعية في كفاءة دخول وخروج البضائع من خلال موانئ العقبة، وإيجاد مردود اقتصادي من الميناء البري، الذي سيكون الساحة الجمركية لعمليات المعاينة والتخليص على كل البضائع التي ترد عبر الموانئ، وسيوفر الميناء البري في المنطقة محطة لاستقبال القطارات، وورشة لصيانتها، وساحة لاصطفاف الشاحنات، والأجهزة والمعدات المطلوبة لمناولة البضائع الواردة والصادرة بما فيها الحاويات، وساحات مكشوفة ومستودعات مغطاة للتخزين الاستراتيجي. وأضافت المصادر، أن مشروع الميناء البري سيقع على 5000 دونم شرقي محافظة معان، ويقع مباشرة على الطريق السريع الرئيس الذي يربط معان مع العديد من الطرق الوطنية والدولية بين المملكة العربية السعودية والأردن والعراق وميناء العقبة، إضافة إلى أن شبكة السكك الحديدية الحالية والمنطقة التنموية القائمة في معان تقعان بالقرب من الموقع المختار للميناء البري. وسبق لحكومات عدة أن أعلنت وفي عدد من المناسبات، عن خطط لإطلاق العمل في الميناء البري، كما فعلت الحكومة التي ترأسها الدكتور معروف البخيت في العام 2005، حين خصصت قطعة أرض قرب موقع مبنى سكة حديد العقبة ومنطقة معان التنموية لإقامة المشروع عليه، وعلى هذا الأساس، أوعز لإدارة مؤسسة سكة الحديد بوضع دراسة جدوى اقتصادية، وأهداف وغايات المشروع، الذي سيمكن من خدمة حركة التجارة والترانزيت في المملكة. وكانت حكومة الدكتور عبدالله النسور، وخلال لقاء مع ممثلي القطاعات الاقتصادية من رؤساء غرف التجارة وجمعيات الأعمال وممثلي القطاعات التنموية الاستثمارية في عمان في بدايات شهر تموز (يوليو) 2015، أعلنت عن التوجه لإنشاء الميناء في معان ليخدم حركة التجارة والترانزيت. كما أعلن رئيس الوزراء السابق عمر الرزاز، وخلال زيارته إلى مدينة معان لوضع حجر الأساس لمشروع مستشفى معان العسكري الجديد في 25 تموز (يوليو) 2018، عن موافقة مجلس الوزراء على إنشاء ميناء معان البري الذي سيربط المحافظة بجميع الخطوط التجارية. وكان آخر قرارات الحكومات حول تنفيذ مشروع الميناء البري في معان، عندما أعلن رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، خلال زيارته إلى معان في 29 أيلول (سبتمبر) 2022 على رأس فريق وزاري ولقائه وجهاء وفاعليات شعبية ورسمية في المحافظة بجامعة الحسين بن طلال، عن أننا ننتظر خلال شهرين دراسة لأحد الصناديق الاستثمارية السيادية العربية بخصوص الميناء البري، إنفاذا لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني. وكانت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وشركة الصندوق السعودي الأردني، وقعت في 10 شباط (فبراير) العام 2019، مذكرة تفاهم لإنشاء وتطوير وإدارة وتشغيل شبكة سكة حديد تربط موانئ العقبة البحرية بميناء معان البري باستثمار تبلغ قيمته 500 مليون دينار. وبموجب المذكرة التي وقعها رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة السابق ناصر الشريدة ورئيس مجلس إدارة شركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار هشام عطار بحضور بوزير النقل السابق المهندس أنمار الخصاونة، ستقوم السلطة والشركة باستكمال الدراسات الاقتصادية والفنية والمالية كافة للمشروع قبل الانتقال إلى مرحلة تنفيذ المشروع. وقال الشريدة، في حينها، إن المشروع سيسهم بتحفيز عجلة النمو الاقتصادي وتطوير وتعزيز منظومة النقل عبر موانئ العقبة وسرعة المناولة ونقل البضائع من موانئ العقبة إلى ميناء معان البري، وتقليل كلف النقل، لافتا إلى أن المشروع سيزيد الطاقة الاستيعابية لمنظومة موانئ العقبة وتخفيض تكاليف نقل البضائع والحاويات وسيكون له انعكاسات إيجابية في تطوير بيئة الأعمال والاستثمار في العقبة. وأضاف، أن المشروع يشتمل على إنشاء ميناء بري في محافظة معان يضم ساحة للتخليص الجمركي، ومرافق للتخزين، والمناولة، والصيانة، ليتم مع استكمال العمل فيه إنشاء خط سكة حديد بطول 195 كم ستخدم أغراض نقل الحاويات والبضائع العامة بين العقبة وميناء معان البري، وكذلك نقل الفوسفات من مناجم الشيدية إلى العقبة، وسيكون الميناء البري رافدا رئيسا لتنمية محافظة معان، لما له من مردود تنموي واقتصادي مباشر، حيث سيشكل مركزا لوجستيا وخدماتيا للنقل والتجارة والخدمات.اضافة اعلان