فيرفاي: "هولندا تضع موضوع المياه والمُناخ كواحدة من أولويات برامجها الرئيسية في الأردن"

وفد حكومي يطلع على تجربة هولندا في إدارة الموارد المائية لمواجهة تغير المُناخ

الوفد الحكومي خلال زيارته لهولندا "من المصدر"
الوفد الحكومي خلال زيارته لهولندا "من المصدر"

- الشقارين: " العمل المشترك بين الجهات الحكومية أساس نجاح نهج الإدارة المتكاملة للموارد المائية".

 

باتت ضرورة اتباع نهج متكامل للتعامل مع الموارد المائية في المملكة أمراً ملحاُ باعتباره أحد تداعيات التغيرات المُناخية التي يشهدها الأردن منذ أعوام عدة.

اضافة اعلان

 

ولا يكون ذلك الا عبر التعاون المشترك بين مختلف القطاعات في الأردن، والتي كانت من إحدى التجارب الناجحة التي تُنفذها الجهات الحكومية في مملكة هولندا، وأطلع عليها وفد حكومي أردني، خلال زيارة منفذة وممولة من السفارة الهولندية في الأردن الشهر الحالي.


ويتقاطع ملف التغير المُناخي مع كافة القطاعات في المملكة، ولذلك ضمت الزيارة، التي امتدت لأربعة أيام متواصلة، عدة ممثلين عن الحكومة من بينها وزارات البيئة والإدارة المحلية والمياه، وأمانة عمان الكبرى، بحسب ما ذكره مدير مديرية التغير المُناخي في وزارة البيئة بلال الشقارين.


وأضاف لـ"الغد" أن "إدارة الموارد المائية المتكاملة وبالشكل الذي يضمن استدامة استخدام مصادر المياه، وبناء القدرة على الصمود إزاء تغير المُناخ لا يأتي الا عبر التكاملية في العمل بين مختلف القطاعات، وهذا هو يعد من النماذج الناجحة في هولندا".


ولفت الى أن " تحديد العرض والطلب، وما هي المصادر المتاحة أمام الحصول على المياه، مثل الحصاد المائي على أسطح المنازل، ومعالجة المياه العادمة، والية ترشيد الاستهلاك المائي، كان من بين أهم الدروس المستفادة من التجربة الهولندية".


وفي ظل ما يشهده العالم من تطور تكنولوجي يعتبر بناء قواعد بيانات مشتركة لإدارة المصادر المائية المتكاملة، والتكيف مع التغير المُناخي، من بين الخطوات التي سيقوم الأردن بالعمل عليها، وبعد الاستفادة من التجربة الهولندية في هذا المجال، بحسب الشقارين.


ومن بين الاماكن التي زارها الوفد الحكومي مقر اللجنة الهولندية للتقييم البيئي، والتي وقعت مؤخراً اتفاقية مع وزارة البيئة، بهدف مساعداتها بتحسين فاعلية الأردن في مجال التقييمات البيئية، وادراج التقييم الاستراتيجي كأداة لدمج البعد البيئي في مرحلة مبكرة من إعداد الاستراتيجيات والخطط الوطنية"، كما أشار الشقارين.


وتتمتع هولندا بالعديد من التجارب الناجحة في إدارة الموارد المائية المتكاملة، وخاصة في مجال البحوث التطبيقية للمياه، والتي ينفذها معهد دلتايس، بحسب مستشار وزير البيئة م. هيثم العضايلة


وتقوم فكرة المعهد على بناء تصاميم ونماذج مصغرة لمشاريع تنوي جهات متعددة في هولندا تنفيذها في مجال المياه، للاستدلال على النموذج الأنجح منها، وتطبيقه على أرض الواقع، بحسب ما أفاد به العضايلة لـ"الغد".


ويعد العمل المشترك بين الجهات الهولندية والأردن من النماذج التي أطلع عليها الوفد الحكومي، من أبرزها التعاون مع معهد دلفت للتعليم في مجال المياه (IHE) في مشاريع تحلية المياه والتنمية الريفية، بحد قوله.


وأعرب سفير مملكة هولندا في الأردن هاري فيرفاي عن "سعادته باستضافة ثمانية أردنيين من وزارات ومؤسسات مختلفة في زيارة لتبادل المعرفة في هولندا، وذلك حول موضوع إدارة المياه والتكيف مع المناخ في المناطق الحضرية".


وأكد في تصريحات لـ"الغد" على أن "هولندا تضع موضوع المياه والمناخ كواحدة من أولويات برامجها الرئيسية في الأردن خاصةً مع الوضع الحرج للمياه الذي تشهده المملكة".


وتابع قائلاً: "ولذلك، كان من المناسب أن تتناول هذه الزيارة هذا الموضوع المهم على جميع المستويات، بما في ذلك الأوساط الأكاديمية والبحثية، والسياسة والحوكمة، والبنية التحتية، بناءً على قرون من الخبرة الهولندية في قطاع المياه".


"وقد تناولت المناقشات التي دارت الأساليب المبتكرة، وأفضل الممارسات، وأوجه التعاون المحتملة، التي يمكن أن تعالج التحديات الملحة المتعلقة بالفيضانات والجفاف التي يواجهها بلدينا"، لافتاُ الى أن " هولندا تتطلع دوماً إلى مزيد من التعاون بين البلدين في هذه المواضيع".


ولان عمل وزارة الإدارة المحلية يتقاطع مع ملف التغير المُناخي الذي تديره وزارة البيئة فقد تمحورت إحدى الزيارات التي قام بها الوفد الحكومي الى وزارة البنية التحتية وإدارة المياه في هولندا.


وفي هذا الشأن قالت مستشارة وزير الإدارة المحلية لشؤون البيئة د. أسماء الغزاوي أن "النماذج التي أطلع عليها الوفد لا يمكن تطبيقها كما هي في المملكة، لكن ما كان المميز لديهم طرق الإدارة المتكاملة للتحفيف من التغييرات المُناخية".


واستندت الغزاوي في رأيها على أن "تداعيات تأثيرات التغيرات المُناخية في هولندا يختلف بعضها عن تلك التي يشهدها الأردن".


وأكدت، في تصريحات لـ"الغد" على أن "توقيع الاتفاقية ما بين هولندا والأردن في مجال تقييم الأثر البيئي يعد من بين الأمور الهامة في رفع القدرات المحلية الحكومية في هذا المجال".


وبينت أن "الحلول المبنية على الطبيعة هي واحدة من التجارب التعليمية التي يمكن أن تستفيد منها وزارة الإدارة المحلية، والعمل على توسيع الرقعة الخضراء في المناطق التابعة، وخاصة تلك التي تكتظ بالسكان".


وكان أطلع الوفد على نماذج للحلول المبنية على الطبيعة من بينها تلك المنفذة في منطقة ايكو لانكسمير والقرية الخضراء، بحد قول الغزاوي.


وتولي أمانة عمان الكبرى الاهمية لقضية التغير المُناخي والتكيف معها، لذلك عمدت أخيراً على إطلاق استراتيجية منعة عمان، في وقت تُجري فيه حالياً تحديث خطة مواجهة تعبات التغييرات المُناخية، بحسب تأكيدات المدير التنفيذي للهندسة في أمانة عمان الكبرى م. نعمة قطناني.


وفي رأيها فإن "الزيارة لمملكة هولندا تهدف بالدرجة الأولى للاطلاع على كيفية الاستفادة من الدعمين المالي والفني لتنفذ خطط أمانة عمان بشأن مواجهة التبعات المُناخية".


وأضافت أن "قضية المياه التي كانت محور الزيارة تُصب في صلب عمل أمانة عمان من ناحية إنشاء شبكات تصريف مياه الأمطار، والتي تعتبر واحدة من أهم المدخلات لتكيف مع ظاهرة التغير المُناخي".


ولفتت لـ"الغد" الى أن "أمانة عمان تسعى لتخفيف آثار هذه الظاهرة، مع وضع حلول وقائية وقبل حدوت الكوارث والمشكلات، ولا سيما أن منظومة تصريف مياه الأمطار في الأردن جيدة، لكنها بحاجة لتطوير لتتوائم والنمو السكاني".


ولا بد من التفكير بعيدأُ عن حلول وضع العبارات الأنبوبية والصندوقية، مثل تلك المبنية على الطبيعة والتي أطلع عليها الوفد الحكومي في زيارته لهولندا، والتي تخفف من تبعات الأمطار الوميضية، بل واستغلالها في تغذية المياه الجوفية، بحد قولها.


وفي مدينة زفولا تحديداً قامت الجهات المعنية، وتحت مناطق محددة بإنشاء تجمعات للحصاد المائي، وآبار للمياه، فضلاً عن زراعة مساحات خضراء لامتصاص كميات الأمطار، بحسب ما ذكرته.


وهذه واحدة من الممارسات التي كانت بمثابة تجربة تعليمية يمُكن تطبيقها في المناطق التابعة لأمانة عمان، مع السعي نحو اتباع نهج ما يسمى "بتأخير سرعة جريان الفيضانات لشبكات الصرف الصحي"، وإعادة ضخها من جديد للاستفادة منها بالشكل المطلوب، وفق قطناني.


ورغم أن أمانة عمان ليست معنية بالدرجة الأولى بإدارة المياه العادمة، لكن ثمة تقاطع بينها وبين وزارة المياه والري، من ناحية ضرورة فصل شبكات الصرف الصحي منفصلة عن تلك المخصصة لمياه الأمطار، والذي يعد واحداً من بين الحلول التي تتبعها مملكة هولندا حالياً، بحسبها.


وتتطلع قطناني الى أن "يكون هذا البرنامج مقدمة لبرامج أخرى مماثلة تُنفذ من السقارة للاستفادة من تجاربهم وفي مختلف القطاعات".


وهذه الزيارة من وجهة نظر المدير التنفيذي للطرق في أمانة عمان الكبرى م. وليد العموش "تتوافق مع الأهداف الاستراتيجية لخطة عمان، والذي يركز بصورة أساسية على تطوير البنى التحتية لمواجهة تغير المُناخ، والحد من المخاطر الكوارث".


كما أن التجارب الهولندية في إنشاء تصريف لمياه الأمطار، تُعد من بين الأهداف التي تسعى أمانة عمان لتحقيقها، إذ قامت الفترة الماضية على تحديد المناطق الساخنة التي تشهد فيضانات مفاجئة، بحسبه.


وبين لـ"الغد" أن "التجربة الهولندية فيما يتعلق بإدارة المياه، والتعامل مع الامطار الوميضية، ومعالجة المياه العادمة تعد رائدة، بل وتعد بمثابة نموذج يحتذى فيه بالأردن، وتطوير مشاريع الأمانة المتعلقة بالطرق".


كما أن "التشبيك والتعاون مع القطاعات المختلفة يُعد اللبنة الأساسية في إدارة المياه بشكل إيجابي، وطرق التعامل مع التغير المُناخي، وهي إحدى التجارب الناجحة في هولندا"، كما أكد.  


ولان وزارة المياه والري تُعنى بالدرجة الأولى في شأن إدارة المياه فإن "التجربة الهولندية في مجال الحصاد المائي وخاصة من أسطح المنازل، وزيادة الرقع الخضراء يعدان من الأولويات التي على الأردن العمل عليها بشكل أكبر"، وفق رئيس قسم حماية مستجمعات المياه في وزارة المياه والري الري دينا الشطناوي.


ولفتت الى أن "الحل القائم على الزام السكان على الحصاد المائي من أسطح المنازل، مع التوسع في محطات المياه المعالجة، وربط المنازل بشبكات الصرف الصحي، كما هو معمول به في هولندا".


وبينت لـ"الغد" أن "هولندا تمتلك أكثر من 300 محطة لتنقية المياه العادمة مقارنة بـ32 محطة في الأردن، والتي لا تعمل بطاقاتها التشغيلية الكاملة".


ولكن ما يزال "التمويل يقف عائقاً أمام تنفيذ هذه الخطوة، والذي يتطلب فتح آفاق تمويلية مع الدول المانحة مثل هولندا"، كما أكدت.


ويتماثل عمل وحدة إدارة الطلب على المياه في وزارة المياه والري مع ما تنفذه مملكة هولندا في مجال الحصاد المائي، والتي ما يزال هناك حاجة الى إلزام المنشآت الأخرى كما المنازل في الأردن على تطبيقها، وفق مديرة الوحدة أماني طعاني.


وأضافت أن "الفصل بين شبكات الصرف الصحي والامطار يعد من بين التجارب التي لا بد من تطبيقها في الأردن مثل هولندا".

 

اقرأ المزيد : 

أبو زريق: "دبلوماسية المياه" يسعى لإدارة الموارد المائية العابرة للحدود