دعوات لاستئناف عمل "لجنة الجمعيات" ومأسسة المشاورات حول القانون الجديد

وزارة التنمية الإجتماعية
وزارة التنمية

في وقت دعت فيه قطاعات مجتمع مدني ولجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان النيابية لضرورة استئناف عمل لجنة مراجعة قانون الجمعيات التي توقفت اجتماعاتها منذ نحو عام ونصف العام، ومأسسة مشاوراتها وتوسيعها، ضمن خطة زمنية محددة، أكدت اللجنة النيابية، إدراج مشروع قانون الجمعيات على سلم أولويات عملها الرئيسة في المرحلة المقبلة.  

اضافة اعلان


مصادر مطلعة في تلك المنظمات أشارت لـ"الغد"، إلى أن هناك خلافات بين الحكومة وهذه المنظمات حول "فصل مظلة الجمعيات" في إطار مفوضية مستقلة إداريا، لتوحيد مرجعية عملها، تنبثق عن وزارتي التنمية الاجتماعية والتخطيط، بشأن آلية تنظيم الحصول على تمويلها وغيرها من المؤسسات الرسمية، ليصبح ذلك واحدا من أسباب تعثر المشاورات للتوافق على مشروع القانون.   


وجاءت دعوات مأسسة المشاورات ومواصلتها، بعد عقد اللجنة النيابية اجتماعها الثاني الثلاثاء الماضي، برئاسة النائب تمام الرياطي وحضور وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى وأمين عام سجل الجمعيات د. طه المغاريز، وأعضاء من لجنة المراجعة التي شكلها الوزير السابق أيمن المفلح نهاية آذار (مارس) 2021، وكانت توقفت عن العمل في عهده، لكن جاء انعقاد اللجنة النيابية، للاطلاع على آخر مستجدات مشاورات مراجعة القانون.  


الرياطي قالت في تصريحات لـ"الغد"، إن اللجنة النيابية، التقت لجنة المراجعة في أوقات سابقة، للاطلاع على أبرز اتجاهات تعديل القانون، وهي لجنة فنية ممثلة عن منظمات المجتمع المدني واتحاد الجمعيات الخيرية، منوهة إلى أن قضايا عدة طرحت في اللجنة النيابية، بينها التركيز على آلية حل الجمعيات، وتشكيل ائتلافات بينها أو دمجها، وفق درجتها وفاعليتها، والتمويل المحلي والخارجي. 


وبينت الرياطي أن اللجنة، تولي اهتمامها بالقانون، مؤكدة أنه سيكون من أولى أولوياتها أيضا في المرحلة المقبلة، سعيا للانتهاء من مشروع مسودة للقانون بشكل توافقي بين لجنة المراجعة وسجل الجمعيات والوزارة والقطاعات ذات العلاقة.  


وقالت إن هناك أملا بالانتهاء من التوافق على صيغة المسودة قبل اعتمادها وإرسالها إلى ديوان الرأي والتشريع، ووضعها على جدول أعمال المجلس في الدورة العادية المقبلة.  


وأضافت الرياطي "نتطلع إلى التوافق على مشروع قانون متطوّر للجمعيات، وسننظم في اللجنة مجموعة لقاءات، وندفع باتجاه نشر أهمية الخروج بمشروع متطوّر عبر وسائل الإعلام أيضا". 


وعقدت اللجنة النيابية اجتماعها الأول، مع لجنة المراجعة والسجل في كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي.  

 

في الأثناء، حاولت "الغد" الحصول على تعليق من المغاريز، دون أن يتسنى لها ذلك، في وقت أكدت فيه مصادر متطابقة حضرت اجتماع الثلاثاء النيابي، "أنه لم يجر التوصل إلى أي صيغة توافقية بالكامل حتى الآن"، بشأن مشروع قانون الجمعيات، وأن ما جرى تدوينه هو مجموعة مقترحات أولية.  


ونقلت مصادر من الاجتماع لـ"الغد"، تأكيدات أعضاء لجنة المراجعة لبني مصطفى، بتوقف عمل هذه اللجنة رسميا منذ عهد الوزير السابق، وعدم إنهاء "أعمالها بعد".  


ونقلت المصادر ذاتها عن بني مصطفى، طلبها بعودة اللجنة لعقد اجتماع أو اثنين لتقديم تصوّراتها ضمن "وثيقة" مكتوبة متوافق عليها، لكن المصادر، أكدت أن اجتماع لجنة المراجعة مجددا، بحاجة لقرار رسمي.  


من جهته، قال المحامي صدام أبو عزام من منظمة "محامون بلا حدود"، إن هناك حاجة وطنية وملحة لفتح مشاورات موسعة حول قانون الجمعيات، لما يثيره من جدل في الشارع، وأوساط المنظمات المدنية، معتبرا بأن القانون النافذ "غير قادر" على استيعاب حالة التطور لواقع مؤسسات المجتمع المدني.  


وعبّر أبو عزام عن أسفه، حيال المماطلة في "المشاورات" التي بدأت منذ العام 2019 حول تعديل القانون، مضيفا أن "الوزارة تتحدث عن المشاورات، وتشكلت اللجنة، لكن عملها أنهي ولم تصدر وثيقة أو مشروعا".  


كما تساءل أبو عزام عن آلية عقد المشاورات والأطراف المشاركة في هذه المشاورات، متسائلا عن ماهية الآلية ومعايير المشاركة في المشاورات، معتبرا بأن هذه أمور بحاجة لتوضيح بشأن القواعد المرجعية للمشاورات ومنهجيتها، لأنها ليست حلقات موسمية أو لقاءات ديكورية، فالحلقات التشاورية التشريعية، علمية لها منهجية وأصول ومؤشرات وأدوات.  


وأكد أبو عزام، ضرورة تحديد الأطراف أصحاب المصلحة في المشاورات وآلية دعوتهم، وإخضاع المشاورات لـ"خطة شاملة لكل الفاعلين في القطاع، ووضع مصفوفة لهذه المشاورات، وتحديد أوجه الاختلاف والتوافق، وتقديمها كوجبة واحدة، لنستل منها الاحتياجات الوطنية".  


ونوّه إلى أن أبرز إِشكاليات القانون النافذ، أنه يتعامل مع المجتمع المدني على أنه جمعيات خيرية ذات بعد إغاثي، دون مراعاة البعد التنموي والبحثي والحقوقي ودون مراعاة لشمول كل حقول العمل المختلفة عن القانون. 


وشدد أبو عزام على أن أي مشروع قانون معدّل لقانون الجمعيات، لا بد له أن يراعي المعايير الدولية، بشأن حق تأسيس الجمعيات، من حيث أسلوب التسجيل وليس الترخيص وممارسة الأنشطة دون قيود بيروقراطية، وحق الحصول على التمويل مع ضمان الإفصاح وتعديل أنظمتها الداخلية دون تدخّل، عدا عن توحيد المرجعيات.


وأضاف إن "أي قانون جديد يجب أن يحمل طابعا تنظيميا وليس تقييديا.. ملف الجمعيات تتنازعه عدة وزارات ومؤسسات، والأصل أن تكون جهة مرجعية وطنية واحدة من حيث المتابعة والدعم والإشراف والتنظيم".


من جهته، قال مصدر وعضو في لجنة المراجعة للقانون، إن اللجنة عقدت اجتماعات عديدة بشأن مشروع القانون، لكن عمل اللجنة "قد بتر" ولم تغلق اللجنة أعمالها وتوقفت بشكل مفاجئ، مضيفا "تبلورت أفكار عدة، ولا بد من استكمال جهود لجنة المراجعة.  

 

ودعا لضرورة استئناف اللجنة أعمالها لوضع المقترحات التوافقية، بينما رأت أن أي مشروع قانون للجمعيات، لا بد وأن يضمن اعتماد "آلية مستقلة" لعمل الجمعيات وفق معايير عادلة وملائمة لطبيعة اختصاصات الجمعيات على اختلافها وتنوعها.  


ويساور نشطاء في منظمات مجتمع مدني القلق، من التعديلات المحتملة التي ستطرأ على قانون الجمعيات لسنة 2008، ما إذا كان مسؤول سجل الجمعيات المغاريز قد صرّح في لقاءات سابقة عن "عدم وجود نوايا حكومية للتضييق على عمل الجمعيات".  


ومن ضمن التداخلات في تنظيم عمل الجمعيات، إسناد مهام آلية الموافقة للحصول على التمويل الأجنبي المقدم من الجهات المانحة الدولية للجمعيات، والشركات غير الهادفة للربح، إلى وزارة التخطيط.  


ونشرت "الغد" في شباط (فبراير) العام الحالي، تسريبات حول أبرز ملامح التعديلات التي طرحت للنقاش في القانون، من بينها إدراج العمل التطوعي إلى جانب شؤون الجمعيات وتأسيس لجنة للتمويل الأجنبي ودائرة لشؤون الجمعيات والعمل التطوعي، إضافة إلى مقترحات أولية متعلقة بتصنيف الجمعيات إلى 7 أنواع. 


وتشكل اشتراطات الحصول على تمويل للجمعيات وتقييد تأسيسها، هاجسها الأكبر، وتنظيم آليات الحصول على التمويل الأجنبي بالنسبة لفروع الجمعيات العربية أو الأجنبية أو الجمعية ذات الطبيعة الخاصة وآليات الإفصاح.  


وسبق وأجريت مشاورات حول قانون الجمعيات في العام 2014، لكنها أغلقت ولم تفض إلى توافق بين المجتمع المدني والحكومة، وكذلك في العام 2016، بينما بدأ الحوار الأحدث منذ العام 2019 في عهد الحكومة السابقة وبشكل متقطع حتى اليوم، عبر لجنة مراجعة القانون، دون إحراز أي تقدّم. 

 

اقرأ المزيد: 

 ترجيحات بانعكاس مسودة "التنمية الاجتماعية" على الأنظمة التنفيذية