على أبواب رمضان.. الاحتلال يغرق في مستنقع التأزيم

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى خلال رمضان الماضي-(ارشيفية)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى خلال رمضان الماضي-(ارشيفية)

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تجري معركة حقيقية خلف الكواليس في الكيان الصهيوني بخصوص تحديد السياسة الأمنية للشهر الفضيل، وتحديدا فيما يتعلق بدخول المصلين من الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى المسجد الأقصى.

اضافة اعلان


والموقف الذي يتبناه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، هو عدم السماح لسكان الضفة الغربية بالدخول إلى الحرم القدسي تماما، بينما يُسمح لعرب الـ48 بالدخول ابتداء من سن 70 عاما.


وعلى الجانب الآخر، فإن موقف شرطة الاحتلال يشير إلى السماح بالدخول للمجتمع اليهودي ابتداء من سن 60 عاما، ومن سن 45 عاما بالنسبة لعرب 48، أما موقف جهاز الأمن الداخلي الشاباك، فيشير إلى السماح بالدخول من سن 45 عاما، مع عدم وجود قيود على عرب 48.


وقالت هيئة البث الصهيونية، إن الشرطة اقترحت نشر قوة دائمة في ساحة المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، بهدف التعامل الفوري مع ما وصفته بـ"حملات التحريض، أو رفع أعلام حركة حماس".


وأفادت الهيئة أن المقترح لم يلق قبولا لدى "الشاباك" الذي أوصى بدخول المصلين دون قيود، خوفا من التصعيد في القدس الشرقية المحتلة.


وفي هذا الصدد، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات: "يبدو أن الاحتلال يعيش حالة مخاض فيما يتعلق بالسياسة المثلى التي يجب إنتهاجها خلال شهر رمضان المبارك، فبين دعوة الوزير المتطرف بن غفير التي تنص على التشدد والمنع والتضييق على القادمين للصلاة في المسجد الاقصى وبين موقف المؤسسات الأمنية ومنها الشاباك التي تدعو إلى عدم تأجيج الصراع خشية انفلات الأمور في الضفة الغربية وتحول الأمر إلى انتفاضة شاملة ليس فقط في الضفة بل وفي فلسطين 48 أيضا".


وتابع شنيكات: "يبدو أن الأمور ستذهب للصدام بين الفلسطينيين والصهاينة، وقد تخرج عن السيطرة، ورغم أحداث غزة فإن الاحتلال لم يتعلم من الدروس، وبالتالي يعيد تكرارها، ولا بد للأردن من الدخول بقوة على خط الأزمة بصفته صاحب الرعاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، والمسؤول الأول عن ذلك، وهذا يتطلب تذكير سلطات احتلال بالتزاماتها القانونية بموجب معاهده السلام، والقيام بسياسات فعلية تتضمن إجراءات دبلوماسية وسياسية تحفظ للأردن وللشعب الفلسطيني حقوقهما".


وأضاف أن من بين تلك الحقوق تقديم دعم ومساندة اقتصادية لأبناء الضفة، خاصة في القدس، وضمان وصول المساعدات أيضا، للضغط على الدول الكبرى التي لها علاقة خاصة مع الكيان لإيصال رسالة للصهاينة بأنهم يعبثون بالعلاقات الإقليمية وأمن المنطقة، ويجرون المنطقة إلى الفوضى والدمار، وبما يؤدي إلى غياب الاستقرار في الإقليم كله.


ومنذ بداية العدوان الصهيوني على غزة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حدت سلطات الاحتلال إلى حد كبير، من وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى بالتوازي مع تصعيد عمليات الاقتحام التي تنفذها قواتها في الضفة الغربية، فيما أدى نحو 25 ألف فلسطيني صلاة الجمعة الماضية في المسجد الأقصى، وهو أكبر عدد من المصلين يشهده المسجد منذ بداية العدوان على غزة.


ورجح عميد كلية القانون السابق في جامعة الزيتونة الدكتور محمد فهمي الغزو، أن تتجه حكومة الاحتلال إلى تقييد دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المقبل، لأنها على يقين، وفقا لتقديرات أمنية واستخباراتية، بأن منع المصلين من ذلك، سيؤدي إلى اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية والقدس تحديدا.


وأشار الغزو إلى أن شهر رمضان سيشكل حدثا صعبا بالنسبة لقوات الاحتلال في مختلف المناطق، إذ يتوقع أن تزداد الأمور تعقيدا في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة.


وتابع: "يأتي التوتر تزامنا مع قلق أميركي من إمكانية أن يثير الوزير المتطرف بن غفير التوترات في الحرم القدسي خلال شهر رمضان، حيث تخشى واشنطن أن يجر ذلك القدس إلى الصراع الجاري، والذي تسعى الولايات المتحدة إلى احتوائه".


بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة اليرموك الدكتور محمد خير الجروان، إن الاقتحامات والاعتداءات على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية بلغت ذروتها قبل السابع من تشرين الأول الماضي؛ إذ فاق عدد المقتحمين للمسجد وباحاته 4 آلاف متطرف، وهذا ما جعل من هذه الاعتداءات أحد الأسباب التي أدت إلى عملية "طوفان الأقصى"، وفق حماس.


وأضاف الجروان: "فالقيود التي تناقشها حكومة الحرب وما يرتبط بها من إجراءات أمنية في الأقصى خلال شهر رمضان المبارك ليست جديدة، والمستحدث أن المباحثات التي تجريها خلال هذه الفترة تتمحور حول رفع مستوى هذه القيود لتتناسب مع المأزق الإسرائيلي وتفاقم المعضلة الأمنية التي تعيشها بعد فشل حربها في غزة".   


وتابع: "يمكن قراءة نتائج هذه المباحثات في سياق عمليات التضييق والاعتداءات والاعتقالات التي مارستها سلطات الاحتلال تجاه المقدسيين، ومنع آلاف الفلسطينيين من أداء صلاة الجمعة في الأقصى منذ تشرين الأول، وممارسة العنف في سبيل تهدئة الداخل الصهيوني واسترضائه، بكونها عمليات انتقامية لعملية طوفان الأقصى ونتائجها وتمسك حماس بشروطها لعقد أي هدنة وتبادل الأسرى، ويظهر هذا في العديد من تصريحات المسؤولين الصهاينة كوزير الأمن القومي "بن غفير" الذي أعلن أن السماح للفلسطينيين من مختلف المناطق -خاصة الضفة الغربية- بدخول الأقصى يعتبر بمثابة نصر لحماس". 


ويرى أن حكومة الحرب، في ضوء ما ذكر سابقا، ومخاوفها من انفلات الأوضاع وعدم سيطرتها على مدينة القدس والمقدسات الإسلامية، ستتجه إلى فرض قيود كبيرة على الفلسطينيين من خارج مدينة القدس، بحيث تمنع أكبر عدد ممكن من دخول المدينة، وفي الوقت نفسه ستمارس ضغوطا كبيرة على المقدسيين المرابطين في الأقصى، كورقة ضغط على حماس للقبول بشروطها، وكذلك ورقة تهدئة لمجتمع الكيان وأهالي الأسرى لدى حركة حماس.

 

اقرأ المزيد : 

الاحتلال ينفذ حملة اقتحامات واعتقالات في الضفة الغربية والقدس