هل تنجح تقارير جودة التعليم في تحسين الأداء المدرسي؟

وزارة التربية والتعليم - (أرشيفية)
وزارة التربية والتعليم - (أرشيفية)
عمان – فيما تقوم فرق تفتيشية تابعة لوحدة جودة التعليم والمساءلة في وزارة التربية والتعليم بجولات دورية على المدارس الحكومية لتقييم أداء المدارس وإعداد تقارير مفصلة بنتائج عملية التقييم يطلق عليها تقارير جودة التعليم ويتم نشرها على موقع الوزارة الإلكتروني، تبرز على السطح تساؤلات عديدة حول أهمية هذه التقارير وفيما إذا كانت هذه الآلية منتجة أم شكلية؟ وكيف سيتم التعامل مع نتائج هذه التقارير ومراقبة التغيير على صعيد المدرسة؟اضافة اعلان
وفي الوقت الذي تعد تقارير جودة التعليم أداة مهمة لتقييم وتحسين الأداء التعليمي على مستوى المدرسة، توافق خبراء تربويون على أهمية هذه التقارير كونها تلعب دورا مهما  وفاعلا في تحسين الأداء وتطوير العملية التعليمية.
وبينوا في أحاديث منفصلة لـ”الغد”، أن تقارير جودة التعليم تساعد في تقديم مراجعة شاملة ودقيقة عن أداء المدارس حيث يمكن للمعلمين والإداريين استخدام هذه المعلومات لتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتطوير.
وفي هذا الصدد، رأى رئيس وحدة جودة التعليم والمساءلة في وزارة التربية والتعليم نبيل الحناقطة أن الوزارة تسعى إلى تحسين مخرجات التعليم لتحقيق رؤية جلالة الملك في تحقيق الازدهار الاقتصادي للأردن، من خلال المشاركة الفاعلة في اقتصاد المعرفة العالمي.
وبين الحناقطة أن الوزارة نفذت عددا من البرامج التطويرية الطموحة، منها برنامج تطوير المدرسة والمديرية منذ العام (2014)، حيث اعتبرت أن المدرسة حاضنة التطوير، ومركز التغيير وتحسين الواقع التعليمي، وهي مصدر البيانات الصادقة والواقعية التي ستوظفها الوزارة لصناعة قراراتها وتوجهاتها الإستراتيجية.
ولتنفيذ هذا البرنامج عملت الوزارة على بناء قدرات جميع العاملين المعنيين بتنفيذ البرنامج، حيث أصبحت تبني المدارس خططها التطويرية والإجرائية بناء على المراجعة الذاتية لتحديد حاجاتها التطويرية.
ولمساعدة المدارس وتقييم مدى تنفيذها لخططها التطويرية، وتحسين مخرجاتها التعليمية، أكد الحناقطة أن وحدة جودة التعليم والمساءلة في الوزارة تقوم بتقييم أداء المدارس من قبل فريق من المقيمين المؤهلين والمدربين، حيث يستندون إلى أدلة موضوعية من خلال الزيارات الصفية، والاطلاع على إنجازات الطلبة، وتحليل البيانات المتعلقة بأداء المدرسة، والسجلات والوثائق المدرسية، وتفقد مرافق المدرسة، فضلا عن عقد جلسات التركيز مع اعضاء مجتمع المدرسة (مدير المدرسة، المعلمين، الطلبة، أولياء الأمور).
وأضاف أن التقييم ينتهي بكتابة تقرير يشمل ما توصل إليه الفريق من نقاط قوة أو فرص تحسين، حيث تقدم توصيات لمعالجة فرص التحسين، ويتم تسليم التقييم بشكل رسمي إلى مديرية التربية والتعليم وفريق التطوير للعمل عليه.
وأشار إلى أنه عقب نهاية الزيارة التقييمية، يتم تزويد المدرسة بنسخة من تقرير الزيارة؛ لتقوم المدرسة بإعداد خطة إجرائية لمعالجة فرص التحسين الواردة في التقرير، وتزويد وحدة جودة التعليم والمساءلة بنسخة من هذه الخطة الإجرائية التي تكون قد بنيت بتشاركية بين إدارة المدرسة ومديرية التربية والتعليم التابعة لها، ثم تتم زيارة المدرسة بعد عام دراسي واحد للاطلاع على مدى تنفيذها للخطة، ومدى التحسن الذي طرأ على أدائها.
كما تعمل وحدة جودة التعليم والمساءلة على تحليل بيانات هذه التقارير، ليتم تزويد وزير التربية والتعليم بنتائج هذه الزيارات، للاستعانة بها في اتخاذ القرارات، وتوجيه السياسات الإستراتيجية للوزارة.
وأكد أن تقارير جودة التعليم هي تقارير دورية تعدها وحدة جودة التعليم والمساءلة حسب خطة زمنية محددة؛ لتقييم أداء المدارس الحكومية بناء على أولويات منها (نتائج الاختبارات الدولية والوطنية، ونتائج الثانوية العامة، وقضايا عاجلة بتوجيه من وزير التربية والتعليم).
ولفت إلى أن هناك مؤشرات ثابتة يتم تحديد مستوى أداء المدرسة بناء عليها، وعددها عشرون مؤشرا، وهي مؤشرات المدرسة الفاعلة، ويتم قياسها بتدرج (1 – 5 ) حسب التوصيف: 1 - ضعيف: نقاط ضعف جوهرية، 2 - متدن: نقاط ضعف هامة وتفوق نقاط القوة، 3 - مقبول: نقاط القوة تفوق بقليل نقاط الضعف، 4 - قوي: نقاط قوة جيدة مع وجود مساحة للتحسين، 5 - قوي جدا: متميز، وقادر على مشاركة الخبرة.
بدورها قالت الأمين العام لوزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية السابقة نجوى القبيلات، إن تقارير جودة التعليم تلعب دورا مهما وفاعلا في تحسين الأداء وتطوير العملية التعليمية، لافتة إلى أن التقارير التي تعدها وحدة جودة التعليم والمساءلة في الوزارة، فاعلة وهي آلية معتمدة في دول العالم.
وبينت قبيلات أن تقارير جودة التعليم تساعد في تقديم مراجعة شاملة ودقيقة عن أداء المدارس، حيث يمكن للمعلمين والإداريين استخدام هذه المعلومات لتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتطوير.
وأوضحت أن هناك معايير تقوم فرق المساءلة وجودة التعليم بتقييم اداء المدرسة في ضوئها، حيث تقوم فرق الوحدة بزيارات أولية (استطلاعية) تليها زيارات تخصصية ولمدة زمنية أطول تقارب الأسبوع، حيث يتمكن الفريق من الاطلاع وتقييم العملية التعليمية والإدارية، وأخذ تغذية راجعة من أولياء الأمور والمجتمع المحلي والمعلمين والعاملين في المدرسة، وفي نهاية الزيارة يعد تقريرا مفصلا عن أداء المدرسة.
وأشارت إلى أن التقارير تبقى في إطار عملية تقييم الأداء وإصدار أحكام على مستوى الأداء، ويجب أن يتم تجاوز ذلك إلى ما يسمى عملية التقويم التي تتعدى إصدار الأحكام إلى اتخاذ قرار يتضمن برامج للتحسين وتطوير الأداء والمساءلة الحقيقية، أو التعزيز المرتبط بالحوافز التي يلمس أثرها المعلم ومدير المدرسة والطلبة والمجتمع.
واعتبرت قبيلات أن غياب المساءلة يفقد الوحدة أهمية دورها، ولتكون وحدة جودة التعليم أكثر فاعلية يجب أن لا تتبع للوزير بل إلى جهة مستقلة، مثل هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي.
بدوره، اعتبر مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد أبو غزلة، أن أدوات وأنظمة التقييم والمتابعة والمساءلة تعد عناصر أساسية من عناصر المنظومة التعليمية، وتهدف بالدرجة الأولى إلى تطوير التعليم بجميع مدخلاته وعملياته ومخرجاته ونواتجه، وليس إصدار الأحكام فقط، لافتا إلى أن أدوات المتابعة والمساءلة تعد موجها أساسيا من موجهات تطوير كفاءة النظام التعليمي الداخلية والخارجية، ولذا فإن الأنظمة التعليمية ذات الجودة العالية لديها منظومات وطنية لتحسين جودة التعليم وضبط نوعيته.
وبين أبو غزلة أن الأردن يعد من أوائل الدول التي تبنت أنظمة المتابعة والتقييم في وزارة التربية والتعليم منذ عام 2000، وطبق نظاما للمتابعة من خلال إدارة الجودة (إيزو)، لرفع مستوى الخدمات الإدارية وتحسين العملية التعليمية-التعلمية، وتعزيزا لمبدأ الفاعلية المؤسسية في تقديم الخدمات على مستوى الوزارة ومديريات التربية والتعليم.
وأكد أن أنظمة المساءلة هي أدوات للتطوير تعكس أداء الوحدات التنظيمية على المستويات الإدارية المختلفة في الهرم التربوي، لذا فإن التركيز يجب أن ينصب على نوع  تقارير التقييم التي تجريها وحدة المساءلة في الوزارة في المدارس، باعتبار أن  المدارس هي الوحدة الأساسية للتطوير وهي بيت صناعة الأجيال.
وقال إن من شأن ذلك أن يمكن الطلبة من تطوير قدراتهم ومهاراتهم المستقبلية، لاسيما أن أدوات القياس وعملية التقييم ومجالاتها تشمل عناصر العملية التعليمية، المؤلفة من مجالات ومعايير عالمية تتفق عليها جميع الأنظمة التعليمية مع اختلاف المسميات أو عددها، وترتبط بمؤشرات تعكس جودة العملية التعليمية من خلال التركيز على رؤية وأهداف النظام التعليمي، وعلى إنجازات الطلبة، وعلى جودة عمليات التدريس والتقييم والمنهاج التعليمي وجودة البيئة التعليمية والأنشطة المقدمة لهم.
وتساءل أبو غزلة عما إذا كانت عملية القياس والتقييم تجري بطريقة علمية، وهل تمتلك فرق التقييم القدرة على إعداد وتقديم تقارير تقييمية ذات جودة عالية تشكل خريطة تطوير للتعليم في كل مدرسة، وتساعد المدارس والعاملين فيها على تنفيذ الخطط التطويرية والتحسينية.
كما تساءل عما إذا كانت هذه التقارير التقييمية تقدم إلى أصحاب القرار وواضعي السياسات التربوية ما يحتاجون إليه لإعداد السياسات والخطط والبرامج وتوفير الموارد من أجل مساعدة الميدان التربوي على العمل على التحسين والتطوير والارتقاء بعناصر العملية التعليمية التعلمية.
وتابع: “وحتى لا نحمل الوزارة أو المدرسة مسؤولية التراجع في الأداء، يجب أن ننطلق من مفهومنا ودورنا للمساءلة الحقيقية والعلمية؛ لأن المساءلة الحقيقية هي بمثابة عقد بين طرفين توفر بموجبه الوزارة كل ما يلزم للمدارس لعملية التطوير، وعلى المدارس المشاركة وتنفيذ الخطط الكفيلة بذلك، وأي خلل من قبل أحد الأطراف يعرقل المساءلة والتطوير، ولا يجوز أن نقوم بعملية المساءلة من دون تنفيذ واجباتنا وتوفير كل ما يلزم لإنجاح عملية المساءلة”.
واعتبر أن تقديم التقارير يجب أن يشتمل على جوانب وصفية علمية محددة للتطوير، وبشواهد وأدلة ملموسة لا أن تكون تقارير عمومية لا تساعد على التنفيذ، والأهم من ذلك علينا أن نعرف فيما إذا كان لدى المعنيين بالمساءلة نظام للمتابعة الدورية لتنفيذ هذه التقارير التي تكتب عن المدارس ويتم بموجبها تعديل التقييم وتقديم الخطط البديلة لمساعدة المدارس على التطوير، لأنه ليس المهم إصدار الأحكام على أداء المدارس بل أن تكون وظيفة المساءلة هي التطوير.
وأضاف: “عندها تكون المساءلة وتقاريرها أدوات حقيقية لتطوير التعليم وذات خصوصية في كل مدرسة، وهنا ستحقق جودة مخرجات التعليم، وستكون تقارير جودة التعليم في المدارس أدوات لتحسين نوعية التعليم تعكس نتائجها كفاءة النظام التعليمي الداخلية والخارجية”.
واتفق مع هذا الرأي الخبير التربوي عايش النوايسة، الذي قال إن المساءلة ذات أهمية كبيرة في تحسين عمليات التعيلم والتعلم، لذلك تبنت الوزارة هذا النهج بشكل مترافق مع تعزيز اللامركزية في المدارس، من خلال اعتبار المدارس الوحدة الأساسية لتطوير المبني على حاجتها الفعلية، من خلال تقييم ذاتي لمجالات العمل فيها، ومن ثم تحديد أولويات التطوير والتحسين، من خلال خطة تطويرية مبنية على النتائج يرتبط بها إطار للقياس. 
وبين النوايسة أن الوزارة عملت على توفير دعم مالي لكل خطة مدرسية ولجميع مدارس المملكة، مؤكدا أن هذا النهج اللامركزي بحاجة إلى متابعة ومساءلة من قبل الوزارة التي عملت على إنشاء وحدة جودة التعليم والمساءلة، والتي كان لها دورها في متابعة تنفيذ المدارس للخطط التطويرية وفق مؤشرات المدرسة الفاعلة العشرين، فيما تتوزع تقارير جودة عمليات المدرسة على أربعة مجالات هي التعلم والتعليم، وبيئة الطلبة، والقيادة والإدارة، والمدرسة والمجتمع.
وأكد النوايسة أن هذه التقارير مهمة لجميع المعنيين بعمليات التعلم والتعليم، إذ توجه المدرسة إلى نقاط القوة فتعززها، ونقاط الضعف فتعالجها، وهي مهمة للإشراف التربوي كونها تكشف عن حاجات كادر المدرسة والمعلمين المهنية، فتتم الاستجابة لها وتقديم الدعم والإسناد للمعلمين لتحسين عمليات التعلم والتعليم، كما أنها مهمة لصانع القرار التربوي، وتركز على الحاجات الفعلية للمدارس، فتصاغ الخطط الإستراتيجية والتنفيذية وفق منحى علمي عملي ينسجم مع واقع التعليم ويلبي تطلعاته الحالية والمستقبلية.