هل صدقت نبوءات سيناريوهات التغيرات المناخية حول الهطولات المطرية في الأردن؟

1706453609978755000
مركبات تعبر شارعا في عمان تحت المطر-(تصوير: ساهر قدارة)

عمان– لم تبتعد نبوءات سيناريوهات تغيرات المُناخ في الأردن حول تدني معدلات الهطولات المطرية، والتغير في نمط توزيع الموسم المطري عما تشهده المملكة ضمن المنخفضات الجوية التي طرأت في نهاية العام الماضي وبداية السنة الحالية.

اضافة اعلان


وأظهر التقرير الإحصائي اليومي للمطر منذ بداية الموسم المطري للأعوام 2023 و2024 وحتى أمس، أن نسبة ما تحقق من الموسم في المناطق الشمالية بلغ 70 %، بينما تصل نسبة أداء الموسم لتاريخه إلى 139 %.


وحاء في التقرير، الصادر عن مديرية المُناخ في إدارة الأرصاد الجوية، أن نسبة ما تحقق من الموسم في المناطق الوسطى الغربية 60 %، ونسبة أداء الموسم حتى تاريخه 110 %.
لكن تلك الإحصائيات لا تنظر بحسب معدي تقرير البلاغات الوطني الرابع، الصادر عن وزارة البيئة، الى سنوات ممتدة تصل الى عام 2100، وإنما تأخذ هذه الهطولات المطرية في حساباتها، بناء على ما تسجله محطات الرصد بصورة يومية.


فالتقرير أشار الى أن "الأردن سيشهد تبدلاً جذريا في كميات هطل الأمطار، وتوزيعها، وهو ما بتنا نشهده منذ سبعة مواسم مطرية"، وفق معدي التقرير لـ"الغد".


وجاء في نتائج التقرير الذي أطلقته الوزارة العام الماضي، أن "الأجزاء الغربية من البلاد، ستتعرض لموجات جفاف بصورة أكبر، مع انخفاض في الهطل المطري بنسبة تتراوح بين 15.8 %، و47.0 %، مقابل ارتفاع في النسبة بالمنطقة الجنوبية من المملكة وبمقدار 19 %".


في حين أن تقرير دائرة الأرصاد ذاته، الذي حصلت "الغد" على نسخة منه، بين أن نسبة ما تحقق من الموسم في المناطق الوسطى الشرقية بلغ 72 %، لكن نسبة أداء الموسم حتى تاريخه 132 % فيها، مقابل 50 % نسبة ما تحقق من الموسم في المناطق الشرقية.


وسجلت المناطق الجنوبية الغربية انخفاضا في نسبة ما تحقق من الموسم المطري، مقارنة بالمناطق الأخرى، إذ بلغت النسبة 38 %، في وقت تصل فيه نسبة أداء الموسم حتى تاريخه 75 %، فيما وصل معدل التحقق بالمناطق الجنوبية 42 %.


وبرغم ما أوردته دائرة الأرصاد في تقريرها، لكن مديرها رائد رافد آل خطاب، شدد في تصريحات لـ"الغد"، على أنه "من غير الممكن حسم النتائج بصورة نهائية، إلا عقب انتهاء الموسم المطري في أيار (مايو) المقبل"، ويعني ذلك الأمر، أن "كميات الهطل قد تتغير، بحيث أن الموازين قد تنقلب لصالح المناطق الجنوبية، لتسجل نسبة أعلى في الهطولات المطرية مقابل الأجزاء الغربية من البلاد، وقد يكون العكس كذلك ممكناً".


بيد أن مدير مديرية التغير المناخي بالوزارة بلال الشقارين أكد لـ"الغد"، أن "الهطل الكمي المطري، سيطرأ عليه تغيير في السنوات المقبلة، الى جانب أن نمط توزيع الأمطار سيتبدل باتجاه الجنوب والشرق".


وبين الشقارين أن "الأمطار التي تسقط على أراض في الجنوب والشرق، لا تتسم بقدرتها على امتصاص المياه، بل إنها معرضة لانجرافات في التربة"، مشيرا الى أن "شدة الهطل المطري اختلفت تماما، إذ أصبحت تتساقط الأمطار ضمن ساعات محددة فقط، وليس على مدار أيام متواصلة".


ولفت الى أن "التنبؤات المناخية التي أشار اليها تقرير البلاغات الوطني، كانت على عدة سنوات 2040 و2070 و2100، في حين أن الأرصاد الجوية لا تأخذ بعين الاعتبار هذه الفترات الطويلة وإنما بشكل يومي".


علاوة على ذلك، أشار التقرير الى احتمال كبير من أن "تتعرض المملكة لمزيد من موجات الحرارة بنسبة 120 %، مع انخفاض بنسبة 3 % في الرطوبة، مقابل ارتفاع في أحداث الجفاف، بخاصة في المناطق الشمالية بنسبة 50 %".


وأكد المستشار في مجال المياه والزراعة، وأحد معدي تقرير البلاغات البروفسور جواد البكري أن "سيناريوهات التغير المُناخي تُصاغ بناء على أساس الفرضيات، لكن نماذج التنبؤ سواء محليا أو عالميا، تتميز بالدقة، بخاصة لدى الحديث عن تناقص الهطولات المطرية".


وبين أن "بيانات النماذج التي اعتمد عليها تقرير البلاغات، أخذت من محطات الرصد الجوي المنتشرة في المملكة، والتي أشار بعضها الى أن هنالك زيادة في كميات الهطولات المطرية".


ولكن يشير الوضع العام، بحد قوله الى أن "هنالك تدنيا في نسب الهطولات المطرية وفي مختلف مناطق المملكة، لكن التغييرات في التوزيع بهذه الكميات، ما تشهده المملكة حالياً".


ولعل التنبؤات الواردة في التقرير حول التغير في النمط المطري، بحسب البكري، قد "صدقت"، إذ أن الموسم كان يبدأ في تشرين الأول (أكتوبر) في أعوام سابقة ويستمر حتى نهاية أيار (مايو)، لكن ما يجري الآن، هو أن الهطولات المطرية باتت تنحصر في فترات قليلة.


وأضاف أنه في "المواسم السبعة الماضية، فإن معظم الهطولات المطرية القوية كانت خلال ثلاثة أيام، وهي لا تتحملها البنية التحتية في المملكة، بخاصة لدى الإشارة الى شأن تصريف المياه في المناطق المدنية"، مبينا أن "تناقص الهطل المطري، أصبح واقعا نشهده في المملكة، إذ باتت كميات الأمطار متذبذبة".


وحول قضية الجفاف، فإن هنالك عدة أنواع له أجملها البكري بـ"الزراعي، والإنوائي، والبيئي والاقتصادي، والهيدرولوجي أو المائي والذي لا يشير في حال نظرنا الى الموسم المطري بأن الأردن سيشهد جفافا العام الحالي".


إلا أن "الجفاف يحصل على المستوى الزراعي في حال تركزت الأمطار ضمن فترة قصيرة ومحددة وعلى مدار شهرين فقط، ولم يمتد الموسم المطري مثلما كان سابقاً على عدة أشهر، ما يشكل تهديداً على العديد من المحاصيل الزراعية مثل أشجار الزيتون". 


وشدد على أن "عملية توزيع الأمطار وعلى فترات طويلة، يُسهم بتغذية المياه الجوية، في وقت لا يحصد فيه الأردن سوى نسبة قليلة من المياه السطحية، وما تبقى سيتعرض للتبخر".


يأتي ذلك في وقت تشهد فيه مناطق الأردن المُختلفة تغُيرات مناخية، وما ينتج عنها من تداعيات وإرهاصات، إذ سـ"يصل العجز المائي إلى مليار متر مُكعب مع نهاية العام 2100، في حين تقارب احتياجات المملكة المائية 500 مليون م3 العام 2050"، بحسب تقرير البلاغات الرابع.


وبشأن قطاع المياه، بينت النتائج أن "المملكة ستشهد تدنيا بنسبة جريان المياه السطحي حوالي 18 %، ونحو 16 % في تغذية المياه الجوفية".

 

اقرأ أيضا:

  تفاؤل بالهطولات المطرية الأخيرة في تعزيز المحاصيل الحقلية