المؤسسة العسكرية في إيران والانتخابات الرئاسية

 ثلاثة من المتنافسين للفوز بمقعد الرئاسة الإيرانية كانوا على مستويات متباينة مرتبطين بالمؤسسة العسكرية الإيرانية، وتحديداً مؤسسة الحرس الثوري (قوات التعبئة العامة). وهؤلاء المرشحون هم: الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد ومير حسين موسوي رئيس الوزراء الإيراني الأسبق خلال الحرب العراقية الإيرانية، ومحسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري 18 عاماً. حضور هؤلاء المتنافسين في المشهد الانتخابي الإيراني طرح سؤالا حول حضور المؤسسة العسكرية في الانتخابات، ومدى تأثيرها في نتائجها، وتحديداً من هو الرئيس المقبل؟

اضافة اعلان

خلال فترة رئاسة الرئيس أحمدي نجاد، تم رصد حضور بارز للمؤسسة العسكرية في المشهد السياسي الإيراني، وانعكس ذلك من خلال تعيين مسؤولين سابقين في الحرس الثوري في مناصب، لاسيما في وزارة الداخلية، ومن ثم إعطاء المؤسسات الاقتصادية التابعة للحرس الثوري دورا في المشاريع الاقتصادية الكبرى. وقد فسر هذا على أنه نوع من رد الجميل من جانب الرئيس أحمدي نجاد الذي حظي بدعم الحرس الثوري.

موضوع علاقة المؤسسة العسكري بالانتخابات يعود إلى تصريحات أطلقها اللواء حسن فيروزي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية،  حول تأييده لبقاء الرئيس أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية، ثم عاد اللواء محمد علي جعفري، القائد العام لقوات الحرس الثوري في أواخر شهر  نيسان (ابريل) 2009، حيث أشار إلى أن "هناك قسما من الحرس الثوري لا يقوم بأي نشاطات ذات طابع عسكري، وعليه فهو لا يعتبر من القوات العسكرية العاملة، لذلك يمكن لهذا القسم أن يكون فاعلا في المشهد السياسي". هذا التصريح أثار حفيظة المرشح حجة الإسلام مهدي كروبي الذي اعتبر أن قوات الحرس الثوري والقوات المسلحة يجب أن تبقى على الحياد مستندا إلى موقف المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.   الملاحظ في هذا السياق أنه لم يصدر أي تعليق من المتنافسين الآخرين(أحمدي نجاد، وموسوي، ورضائي) على تصريحات جعفري، وهذا ربما يعكس إدراكها لحساسية الرد من جانب المؤسسة العسكرية، وربما يعكس عدم الرغبة في إثارة تلك المؤسسة التي تؤدي دوراً في حشد الرأي العام بصفتها أحد صمامات الأمان الأساسية التي يعتمد عليها النظام. الملاحظ كذلك أن هؤلاء المرشحين الثلاثة يحاولون أن يبرزوا سابقة عملهم في المؤسسة العسكرية أو العمل معها باعتبار ذلك نوعاً من أنواع حشد المؤيدين.

الحديث عن دور المؤسسة العسكرية في السياسة الإيرانية بدأ يظهر خلال رئاسة الرئيس السابق محمد خاتمي - وتحديداً بعد المواجهات التي حدثت بين طلبة جامعة طهران وقوات الأمن - حينما انتقد الرئيس طريقة تعامل المؤسسة الأمنية والعسكرية مع هذه الأحداث، الأمر الذي دفع الجنرال رحيم صفوي، القائد العام للحرس الثوري للرد بأن المؤسسة العسكرية سترد "بتكسير أقلام المنتقدين وقطع رقابهم". منذ ذلك الوقت تزايدت الحساسية السياسية من حضور العسكر في المشهد السياسي، وقد دفع  ذلك البعض داخل النخب السياسية الإيرانية للتذكير بما يجري في تركيا من تدخل للمؤسسة العسكرية، الأمر الذي ساهم في إحداث تراجع سياسي عام لبعض الوقت.

 القول بعدم وجود دور للمؤسسة العسكرية في المشهد السياسي الإيراني، ولاسيما الانتخابي، يبدو غير دقيقٍ، لأن تلك المؤسسة - بشقيها الحرس الثوري والقوات المسلحة - تعتبر العمود الثاني الذي يستند إليه النظام بعد المؤسسة الدينية، لكن حجم تدخلها ودرجة تأثيره ربما يعتمدان على تقييم تلك المؤسسة لقدرة النظام على مواجهة التحديات التي يمر بها لاسيما قبيل الانتخابات وبعدها بقليل، وكذلك الرد على بعض ما يمكن أن تحمله فترة الدعاية الانتخابية من بيانات وطروحات سياسية ترى المؤسسة العسكرية أنها الأقدر على الرد عليها بحزم.

[email protected]