خطوات الدين القاتلة

بعد قرار المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إقراض الأردن ملياري دولار، بموجب أداة الاستعداد الائتماني، يكون السؤال ما هي الكلف التي سيتحملها الأردن، على الصعيدين السياسي والاقتصادي؟اضافة اعلان
لم يعد أحد يستطيع إنكار خطورة تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي التي تتبع كل قرض، وعلى رأسها فرض مزيد من الضرائب، ومزيد من الانحناء سياسيا. وهذا ما لمسناه بوتيرة متسارعة في حكومة فايز الطراونة التي لم تع بعد درس أن المواطن الأردني لم يعد قادرا على تحمل مزيد من الضرائب. وينسى أنصار مدرسة الدين والاقتراض وإفقار البلد، أن صندوق النقد في توصيته طالب بإزالة ما تبقى من إعفاءات ضريبية على السلع الأساسية، وأغفل تماما تبعات ذلك الاجتماعية والأمنية والسياسية.
توصيات الصندوق ملزمة، وتنزل منزلة المطلق على الدول التابعة، بحيث تنفذها الحكومة بتمامها. وهذا ما حصل عندما بدأت حكومة الطراونة بحزمة الضرائب والإجراءات التي فرضتها على المواطنين لتنفيذ الوصايا العشر!
توصيات صندوق النقد الدولي تنهش من جسد الفقراء بشكل مباشر، إذ رفعت تلك التوصيات نسب الفقر في الأردن؛ فهي تتضمن فرض ضرائب ورفع الدعم عن السلع، ما دفع بقطاعات كبيرة من الناس من الطبقة المتوسطة إلى النزوح قسريا نحو الطبقات الفقيرة، والطبقات الفقيرة نحو المعدمة.
صندوق النقد هو ذراع الرأسمالية البشعة؛ فهو يتعامل مع الأرقام المجردة، ضاربا عرض الحائط بأثر هذه التوصيات على البشر. وهو أداة لحكم الشعوب الفقيرة واستغلالها اقتصاديا وسياسيا. ورغم أننا نعرف ذلك، إلا أننا نهرول نحو هذا الموت. فالأردن لم ينته بعد من برامج التصحيح الاقتصادي مع صندوق النقد، رغم إعلان الحكومة انتهاء ذلك! والذي كلفنا بيع كل مقدرات الدولة، وتسليم رقاب العباد والبلاد لحفنة من "الكومبرادور" الذين يبحثون الآن في رسم سيناريو المستقبل للأردن بعد انتهاء عاصفة التغيير في سورية.
صندوق النقد وافق على القرض، بعد أن خضعت الحكومة للإملاءات الأميركية وصندوق النقد، والتي حاول وزير المالية تسميتها بالمشروع الوطني لمدة خمسة أعوام! ونجد في كل مرة أن الحكومات تفشل في معالجة عجز الموازنة، وتحمل المواطن عبء فشل السياسات الحكومية. فبعد حزمة رفع الدعم التي أهلكت قطاعات واسعة من الشعب الأردني، من أجل توفير 200 مليون دينار، تقوم نفس الحكومة برفع مديونية الأردن الخارجية، ما سينعكس سلبا على المواطن لسنوات قادمة.
توصيات الصندوق دعوة لتخلي الحكومات عن مواطنيها، وتركهم في مواجهة ارتفاعات أسعار السلع والخدمات الأساسية، وفق الأسواق العالمية. وصفات صندوق النقد في فرض ضرائب جديدة على السلع والخدمات تقليدية، ولم تأت بجديد، والحكومات تهرب من التزاماتها تجاه المواطنين، وتسعى إلى تحميلهم كامل المسؤولية عن أخطائها الاقتصادية؛ فبدلا من إعادة النظر في السياسة الضريبية، وبدلا من إعادة النظر في أولويات الموازنة، قامت بخطوتين قاتلتين، تنهكان أكبر الاقتصادات العالمية؛ الأولى رفع الدعم، والثانية الاقتراض الخارجي.