حصاد مياه الأمطار.. فرصة مُثلى لمحاربة الفقر المائي

خزانات مياه على سطح بناية بعمان - (الغد)
خزانات مياه على سطح بناية بعمان - (الغد)
سارة زايد عمان - يمكن للأردن اتباع نظام الحصاد المائي كأحد الحلول لمواجهة أزمته المائية، هذه الفكرة قائمة على عمل آبار في المناطق السكنية لتمكين الأشخاص من تجميع أكبر قدر ممكن من مياه الأمطار. وبالتالي استغلالها في استخداماتها المتعددة. ويمكن تعريف الحصاد المائي بأنه عملية جمع وتخزين وتوزيع مياه الأمطار من سقف المنزل أو المسطحات الصخرية أو الترابية بهدف استغلالها قبل أن تصل إلى المياه الجوفية. ويتم استخدام حصاد المياه لتوفير مياه الشرب والمياه للماشية والمياه اللازمة للري، فضلا عن الاستخدامات التقليدية الأخرى. وترى المهندسة المتخصصة في المجال خديجة شوارب أن الحصاد المائي يعني استغلال مياه الأمطار بعد تجميعها كي لا تُهدر في شبكات الصرف الصحي أو تتبخر. مؤكدة أن الأردن يبدد ما يزيد على 40 % من مياه الأمطار. لذا، فمن الممكن اعتبار الآبار المخصصة لعملية الحصاد ركيزة أساسية في سبيل الحفاظ على المياه. وفيما يتعلق بدور الشركات الخاصة المعنية بتنفيذ مشاريع الحصاد المائي، تقول المهندسة شوارب: نقوم بتجهيز "درابزين على الحواف" على أسطح البيوت والمدارس والجامعات والمستشفيات. لتجميع مياه الأمطار ووضعها في خزان مائي. وكذلك نعمل على توفير الخزانات البلاستيكية. سريعة وسهلة التركيب. والتي تُحافِظ بدورها على المياه؛ إذ لا مياه يتم فقدانها بسبب تسربها من خزانات الأرض، وكذلك ليس هناك أي خطر من تسرب المياه إلى البيئة الخارجية،.وهي أيضا سهلة التنظيف والمراقبة. وتم تجريبها فيما مضى في البيوت والمدارس؛ لما لها من جدوى اقتصادية عالية.

الأردن دولة فقيرة مائيا

الأردن ثاني أفقر دولة بالمياه في العالم يعد الأردن ثاني أفقر دولة بالمياه في العالم. في الشهر الرابع من العام 2021 أجمع نخبة من الخبراء على أن الأردن يمر بواحدة من أسوأ موجات الجفاف في تاريخه.  وأن الأسوأ لم يأت بعد؛ إذ من الممكن أن ينخفض هطل الأمطار بمقدار الثلث تقريبا بحلول العام 2100. بينما من المتوقع أن يرتفع متوسط درجة الحرارة بنحو 4.5 درجة، وذلك استنادًا لإحصائيات قام بها موقع geo.fr السياحي. ووُصِف موسم الأمطار، الذي يمتد من تشرين الأول إلى نهاية نيسان "بالضعيف جدا هذا العام"، هذا ما صرحت به وزارة المياه والري لوكالة فرانس برس، حيث بلغ هطل الأمطار 4.5 مليار متر مكعب، أي 60 % فقط من الحجم الذي عادة ما يروي البلاد. ووفقا لوزارة المياه والري، فقد بلغ متوسط الهطل المطري على الأراضي الصحراوية 2021 أقل من 200 ملم في العام الواحد، في حين أن نسبة التبخر العالية تتسبب بفقدان 85-90 % من كمية الأمطار.

الحصاد المائي والخزانات المائية.. عوائق لا يمكن إغفالها

تشكل صعوبة التنبؤ بهطل الأمطار وقلة هطلها أو حتى عدم هطلها أحيانا، إحدى تحديات تطبيق نظام الحصاد المائي، علاوة على التكلفة الأولية العالية لتنفيذ الخطة على أرض الواقع،.خاصة أنه يحتاج للتجهيز بشكل كامل حتى يتم الاستفادة منه. وعادة ما تتطلب أنظمة حصاد مياه الأمطار صيانة دورية؛ لأنها قد تكون عرضة للقوارض والبعوض ونمو الطحالب والحشرات. ويمكن أن تصبح أرضا خصبة للعديد من الحيوانات إذا لم تتم صيانتها ومراقبتها بالشكل المطلوب. وفي ذات الآن، لابد من الإشارة إلى تلك المعيقات التي تُطارد أيضا الخزانات المائية، وهي معيقات أغلبها مادية المنشأ؛ إذ أن أكثر المناطق حاجة لتطبيق هذا النظام هي مناطق محدودة الدخل. وليس سهلا على ناسها أن تُجهِّز هذه الأنظمة بجانب بيوته. ولهذا السبب قامت جمعية ميرسي كورب بالتدخل لمحاولة تقديم قروض دوارة لتمكين الأشخاص من التنعم بهذا النظام الاقتصادي. وتفسر شوارب أن الخزانات تختلف عن الآبار الإسمنتية، والتي تأتي مجهزة بالكامل، مصبوبة ومسلحة، وبكلفة عالية جدا، ومع ذلك. فإن العزل فيها لا يكون مثاليا مائة بالمائة كما هو الحال في الآبار البلاستيكية. أما فيما يخُص الآبار التقليدية، فقد أكدت على حقيقة انهيارها بعد فترة من الزمن، ناهيك عن أن مياهها عرضة أكثر للتسرب الداخلي والخارجي.  مشيرة إلى أنها غير صحية وليست بمستوى نظافة خزانات البلاستيك.

الزراعة البيئية، طريق الحرية للهرب من تعقيدات الحياة

محمد علي الدرابيع، مزارع بدأ قبل خمس سنوات بإنشاء مزرعة بيئية تعتمد فقط على مياه الأمطار وما تزال بعد في بداياتها، يحاول بدوره استثمار معلوماته الفيزيائية والجيولوجية في الزراعة، بحكم دراسته للفيزياء وليس الزراعة. مشيرا إلى أنه لم يقم بتنفيذ أي مشروع يتعلق بالحصاد المائي من قبل. باستثتاء مزرعته، والتي تبلغ مساحتها حوالي 46 دونما في الكرك. علما بأنه كان قد حاول فيما مضى نشر الفكرة. لكن إمكانيات أصحاب الأراضي المجاورة كانت أضعف من أن تسمح لهم بالبدء في عمليات البنى التحتية. يفكك الدرابيع فكرة هذا المشروع ببساطة، فهي محاولة منه للهرب من تعقيدات الحياة واستدعاء مباشر للجينات الوراثية المرتبطة بالفلاحة والزراعة. مؤكدا أن كل أعمال المزرعة بدأت من الصفر دون مساعدة من أحد مطلقا، "One man show" على حد تعبيره. باستخدام هذه الطريقة، استطاع الدرابيع توفير كميات كبيرة من المياه الخضراء، والمقصود بالمياه الخضراء: مياه الأمطار التي يتم تخزينها في التربة مباشرة باستخدام القنوات الكنتورية. والتي تصبح متوفرة للنباتات في وقت الجفاف. بالإضافة لمياه الأمطار التي يتم تخزينها في الأبار لأغراض الري المباشر وسقاية الأغنام. والتي وصلت قدرتها الاستيعابية هذا العام إلى 150 مترا مكعبا. ويستطرد الدرابيع قائلاً: أشجار العنب في المزرعة لا تعطش بالرغم من جفاف هذا الموسم. كما أن الزيتون يتم ريّه في شهري تموز وآب فقط وبكميات قليلة، ومع ذلك فإن جميع الأشجار تأقلمت مع الظروف القاسية، كذلك لم يتم استخدام أي سماد كيميائي أو مبيد حشري. فالطيور والحشرات في حالة اتزان طبيعي. وهذا يوفر مصاريف التسميد والرش ويزيد القيمة الغذائية للثمار.  ولكن بشرط عدم بناء توقعات لكمية كبيرة من المحاصيل؛ فهذا الأسلوب هو أسلوب نوعي وليس كمي.

كيف يمكنك التأكد من اختيار نظام حصاد مياه الأمطار المناسب؟

الخزان العلوي، الخزان الجوفي، أي نظام معالجة للمياه المعدة للري عليك أن تختار؟. كثيرة هي الاحتمالات، ولكي تقرر بصورة واعية، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل، أشار إليها موقع entreprise.mma.fr الفرنسي، المسؤول عن التأمين المهني للشركات. إحدى تلك العوامل كانت السقف: أي ما هو السطح الذي سيستخدم لتجميع مياه الأمطار؟ ما هي خصائصه؟ مائل أو سقف متدرج أم أنه بلاط؟ وكذلك يجب أن تكون على دراية بكمية هطل الأمطار المحلية: أي ما هو حجم مياه الأمطار التي يمكن استردادها كل عام؟ وبالنهاية عليك أن تكون الأدرى بمزرعتك: ما هي احتياجاتك؟ أين يجب أن يذهب الماء؟ وما هي درجة استقلالية المياه التي تهدف إليها؟ في هذه العملية بالذات، يوصى بشدة باستدعاء المحترفين أو الاتصال بفنيي الزراعة للاستفادة من خبراتهم.اضافة اعلان