عدم الاستقرار الإقليمي قطع ممرات تجارية مهمة

منظمة التجارة العالمية: الأردن يحقق تغييرات مهمة بأنظمته التجارية والاستثمارية

منظمة التجارة العالمية
منظمة التجارة العالمية

أظهرت خلاصة تقرير المراجعة الثالثة التي أجرتها منظمة التجارة العالمية للسياسة التجارية للأردن أن المملكة أجرت تغييرات مهمة على أنظمتها التجارية والاستثمارية من خلال إصلاح التعريفة الجمركية وإطار الاستثمار الجديد.

اضافة اعلان


وبين التقرير الصادر اخيرا عن  المنظمة ان متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفترة التي تم فيها مراجعة السياسة التجارية للاردن للأعوام (2016-2022) بلغ 1.6 % على الرغم من حدوث أول انكماش اقتصادي للبلاد في عام 2020 منذ أكثر من ثلاثة عقود، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الوباء، الذي عطل بشكل كبير معظم الأنشطة الاقتصادية، ولا سيما الصادرات والسياحة.


وأشار إلى أن الأردن يتمتع بواحد من أعلى مستويات تحويلات العمال والمنح العامة في العالم (حوالي 11 % من الناتج المحلي الإجمالي) فيما يتمثل التحدي الهيكلي الرئيسي الذي يواجهه الأردن في خفض معدل البطالة المرتفع، وخاصة بين العاملات الشابات.


وأوضح التقرير أن عدم الاستقرار الإقليمي أدى إلى قطع ممرات تجارية مهمة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في الصادرات وزيادة حادة في تكاليف الطاقة من الوقود المستورد  كما أن الاقتصاد معرض بشكل خاص للمخاطر التي يفرضها تغير المناخ وللتعامل مع هذه المشكلة، فيما تم إطلاق أول خطة وطنية للتكيف مع تغير المناخ في الأردن في عام 2021.


ولفت إلى أن الأردن اتخذ خلال الجائحة، تدابير السياسة المالية والنقدية لدعم الاقتصاد ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن ربط الأردن بالدولار الأميركي، المدعوم باحتياطيات دولية كافية، كان بمثابة مرساة فعالة لاستقرار الاقتصاد الكلي.


وبحسب التقرير بلغ متوسط التضخم السنوي 1.9 % بين عامي 2016 و2022، على الرغم من ارتفاعه إلى 4.2 % في عام 2022 بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغذاء فيما قام الأردن بتوسيع القاعدة الضريبية والحد من التهرب الضريبي وأدى هذا، إلى جانب التدابير الرامية إلى احتواء النفقات غير ذات الأولوية، إلى توفير مساحة للإنفاق الاجتماعي والرأسمالي أثناء الجائحة.


وأوضح التقرير أن الأردن عانى من عجز مالي مستمر خلال قيد المراجعة فيما يرى صندوق النقد الدولي أن السلطات تحرز تقدما نحو الإصلاحات الهيكلية المالية المهمة، بما في ذلك من خلال إصلاح جمركي كبير خلال الفترة 2022-2028.
وأكد التقرير أن الأردن يعاني تقليديا، من عجز في الحساب الجاري مما يعكس خللا هيكليا طويل الأمد في المدخرات والاستثمارات يتم تمويله عن طريق الاقتراض من الخارج.


وبحسب التقرير بلغ متوسط هذا العجز 7.4 % من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2016 و2022، مدفوعا بعجز كبير في التجارة الخارجية ناجم عن واردات السلع الوسيطة والاعتماد الكبير على منتجات الطاقة كما تأثر الحساب الرأسمالي والمالي، الذي يمول تقليديا عجز الحساب الجاري، بانخفاض إيرادات السياحة والتحويلات خلال الوباء.


وبحسب التقرير، فأنه بسبب محدودية الأراضي الزراعية في الأردن وقلة الموارد النفطية، تلعب التجارة الدولية دوراً مهما في اقتصادها، وصادرات السلع الرئيسية في الأردن هي البوتاس والمنتجات ذات الصلة مثل الأسمدة خلال الفترة 2016-2022، زادت صناعة المنتجات الكيماوية حصتها من إجمالي الصادرات السلعية.


وفقا للتقرير تعتبر الولايات المتحدة أكبر وجهة تصدير منفردة للأردن، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى صادرات الملابس (ربع إجمالي الصادرات السلعية) فيما ما يزال الوقود أكبر فئة استيراد واحدة، على الرغم من انخفاض حصته خلال الفترة قيد الاستعراض ويأتي حوالي نصف الواردات السلعية للمملكة من أوروبا والشرق الأوسط مجتمعين.


وأشار التقرير إلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية انخفضت من حوالي 1.800 مليون دولار أميركي في الفترة
(2016-2017)إلى 768 مليون دولار أميركي خلال الفترة(2018-2021)، ثم انتعشت إلى حد ما لتصل إلى 1.139 مليون دولار أميركي في عام 2022. 


ولتشجيع زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة والحد من الروتين/تكلفة ممارسة الأعمال التجارية، تم إنشاء وزارة الاستثمار في عام 2021 لتحل محل هيئة الاستثمار الأردنية وكذلك قانون بيئة الاستثمار الجديد رقم 21 لعام 2022 دخل حيز التنفيذ ومع ذلك، ما يزال الاستثمار الأجنبي محظورا في بعض القطاعات وبعضها (مثل النقل الجوي والخدمات الأخرى) لديها قيود على حقوق الملكية تقل عن 50 %.


واكد التقرير أن الأردن يشارك بفعالية في منظمة التجارة العالمية، حيث قدم عدة إخطارات خلال فترة المراجعة، اعتبارا من حزيران(يونيو) 2023، كان لدى الأردن 20 إخطارا معلقا، لا سيما في مجال الزراعة (يشير آخر إخطار إلى عام 2014) ولم يقدم بعد أي إخطار بموجب الاتفاق العام بشأن التجارة والخدمات ولم يشارك الأردن مطلقا في إجراءات تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية والأردن من الدول الموقعة على اتفاقية التجارة الدولية ومراقب في اتفاقية العمل المشتركة.


ووفقا للتقرير، لدى الأردن 7 اتفاقيات تجارية إقليمية سارية المفعول مع 52 اقتصادا خلال فترة المراجعة، وقع الأردن اتفاقية تجارة حرة جديدة مع المملكة المتحدة وأنهى اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.


في كانون الثاني (يناير) من 2022، وافق مجلس الوزراء على إصلاح جمركي كبير خلال الفترة 2022-2028 ووفقا لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يؤدي الإصلاح إلى الحد من التهرب الضريبي والفساد، ولكن أيضا إلى خفض الإيرادات الجمركية بنسبة 0.3 % من الناتج المحلي الإجمالي على المدى القريب بسبب انخفاض متوسط التعريفة الجمركية.


وبحسب التقرير صادق الأردن على اتفاقية تسهيل التجارة في عام 2017 وقام بتعديل قانون الجمارك في عام 2018 وفقا لأحكام اتفاقية تسهيل التجارة. تم تنفيذ جميع أحكام TFA تقريبا وكما هو منصوص عليه في التعديلات، ألغى الأردن متطلبات القنصلية الخاصة بفواتير الاستيراد؛ تسمح التعديلات أيضا بالمعالجة المسبقة للوصول للإجراءات الجمركية فيما بدأ الأردن بتطبيق النافذة الواحدة للإجراءات الجمركية والحكم المسبق على التصنيف والمنشأ.


وبين التقرير انه خلال فترة المراجعة للاعوام (2016-2022)، قام الأردن بإصلاح نظامه الضريبي والحوافز، وذلك من خلال تخفيف العبء الضريبي وتحفيز الاقتصاد فيما تم إنهاء حوافز ضريبة الدخل المتعلقة بأداء صادرات البضائع في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2018، وشكلت الضرائب على التجارة الدولية المحصلة على الحدود من الواردات حوالي 25 % من إجمالي إيرادات الضرائب كل عام في المتوسط.


مع هذه التغييرات، يتم الآن تقديم الحوافز الضريبية ليس فقط للشركات العاملة في المناطق الحرة ومناطق التنمية، ولكن أيضا للشركات في جميع أنحاء الأردن، إذ تتوفر للشركات حوافز غير ضريبية (مثل الخصومات على إيجار الأراضي العامة والطاقة والمياه) توظيف ما لا يقل عن 50 % من النساء في قوتها العاملة.


وبحسب التقرير تعتبر شركة مصفاة البترول الأردنية المحدودة (JPRCL) وشركة مناجم الفوسفات الأردنية المحدودة (PMC)‏ هما مؤسستان تجاريتان حكوميتان حيث تتمتع شركة مصفاة البترول الأردنية المحدودة بحقوق حصرية لاستيراد النفط الخام والمنتجات الهيدروكربونية للاستخدام المحلي، في حين تتمتع شركة مناجم الفوسفات الأردنية المحدودة بحقوق حصرية لاستيراد وتخزين وبيع المواد المتفجرة المستخدمة لأغراض التعدين والمحاجر.


وتمتلك شركة مناجم الفوسفات الأردنية المحدودة أيضا حقوق استخراج الفوسفات الحصرية لأربعة مناجم في الأردن بالإضافة إلى ذلك، يقتصر تصدير الجلود الخام والجلود المصنعة على شركة الدباغة الأردنية والأسمنت البورتلاندي على شركة مصانع الإسمنت الأردنية.


وقام الأردن بتحديث إطار المشتريات الحكومية مع دخول نظام المشتريات الحكومية رقم 8 لعام 2022 حيز التنفيذ وأنشأ نظامًا موحدا للمشتريات العامة، وعزز الشفافية والمساءلة في نظام المشتريات وتنطبق القواعد المنصوص عليها في اللائحة على جميع الجهات الحكومية، وكذلك المؤسسات العامة بما في ذلك قام الأردن مؤخراً بتحسين نظام حماية براءات الاختراع الخاص به لمواءمة التزاماته الدولية تتم حماية براءات الاختراع لمدة 20 عاما والتصميمات الصناعية لمدة 15 عاما و 10 سنوات للعلامات التجارية المعروفة وقابلة للتجديد. 


ووفقا للتقرير ساهمت الزراعة والأنشطة المرتبطة بها بنسبة 5.3 % في الناتج المحلي الإجمالي للأردن عام 2022  فيما يوجد استراتيجية التنمية الزراعية( 2020-2025) تستهدف زيادة الناتج المحلي الزراعي بنحو 40 % خلال هذه الفترة.


ويواجه القطاع الزراعي العديد من المعيقات المتعلقة بصغر حجم المزارع، والمناخ الجاف، ونقص مياه الري فيما تتمثل أهداف الاستراتيجية الوطنية للمياه (2023-2040 ) توفيرمياه الري والحد من إستخدام المياه العذبة كمياه للري ويتطلب الحصول على تراخيص الإستيراد لعدد من السلع الزراعية والمواد الغذائية. 


وبحسب التقرير، تخضع بعض السلع وخاصة الأغذية المشتقة من الحبوب، لمراقبة الأسعار وتدعمها الحكومة، التي تطبق أيضاً تدابير لدعم المنتجين المحليين للقمح والشعير.


خلال فترة المراجعة، كانت هناك زيادة كبيرة في إجمالي إيرادات كل من الصناعات الاستخراجية (لا سيما الفوسفات والبوتاس) والصناعات التعدينية التحويلية (مثل الأسمنت) وفي حصة صادرات التعدين من إجمالي الصادرات ويعود ذلك جزئيا إلى برامج الحكومة للتنقيب عن الخامات المعدنية، مع التركيز على القيمة المضافة للمعادن الاستراتيجية الوطنية حيث صدر قانون جديد للموارد الطبيعية في عام 2018 لتنظيم أنشطة التعدين بهدف تنمية الموارد الطبيعية واستغلالها المستدام.


ووفقا للتقرير يستورد الأردن 84 % من إجمالي احتياجاته من الطاقة، معظمها من النفط الخام والغاز فيما تدعو الاستراتيجية الرئيسية لقطاع الطاقة(2020-2030) إلى توفير إمدادات طاقة مستقبلية مستدامة، وتنويع مزيج الطاقة الوطني، وزيادة الاعتماد على حصة موارد الطاقة المحلية، وتعزيز أمن الطاقة، وتقليل الاعتماد على الطاقة وتكلفة إمدادات الكهرباء. 


وتنشط الدولة بشكل واسع في قطاع الكهرباء من خلال الملكية الكاملة أو الجزئية للعديد من محطات التوليد، والملكية الكاملة لشركة الكهرباء الوطنية (NEPCO) التي تمتلك وتدير شبكة النقل.


وتم تطبيق نظام جديد لتعرفة الكهرباء، مما أدى إلى الحد من الدعم المتبادل وتم تصميمه ليكون محايدًا من حيث الإيرادات بالنسبة لشركة الكهرباء الوطنية، ولتقليل تعرفة الكهرباء لقطاعات الأعمال الرئيسية وإصلاح نظام التعرفة المنزلية بطريقة تدريجية.


وبين التقرير أن قطاع الخدمات ما يزال هو المساهم الرئيسي في الناتج المحلي الإجمالي، بحصة تبلغ حوالي الثلثين. ويرى برنامج  صندوق النقد الدولي أن القطاع المصرفي الفرعي ظل يتمتع باداء جيدة على الرغم من الوباء  فيما قام البنك المركزي الأردني بتعزيز رقابته الاحترازية على القطاع المالي وفي يونيو 2021، تم نقل المسؤوليات الإشرافية لقطاع التأمين إلى البنك المركزي.


وبلغت حصة قطاعي الاتصالات والنقل من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 3.5 % و5.3 % على التوالي.

وبما أن الأردن موطن للعديد من المواقع الدينية والثقافية، فإن السياحة تساهم بنسبة 12.2 % من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف حوالي 3 % من إجمالي القوى العاملة وبموجب استراتيجيته السياحية(2021-2025)، يهدف الأردن إلى تقليل تأثير الوباء ومضاعفة عدد السياح والإيرادات بحلول عام 2025.


وأشار التقرير إلى أن الحكومة أطلقت في تشرين الأول (أكتوبر) من عام  2020، برنامج الأولويات الاقتصادية للحكومة 2021-2023 ‏(EPP)، والذي يتضمن ثلاثة أهداف رئيسية: تمكين القطاع الخاص من توفير فرص عمل للأردنيين؛ تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية؛ وزيادة الصادرات الوطنية من السلع والخدمات. وترتكز خطة ممارسات التوظيف على ثلاث ركائز: تحسين بيئة الأعمال والاستثمار؛ وتعزيز المنافسة وزيادة فرص العمل؛ ودعم القطاعات ذات الأولوية (السياحة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والصناعة).


وفي حزيران (يونيو) من  2022، تم الإعلان عن رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن، والتي تهدف إلى تعزيز النمو ونوعية الحياة على مدى 10 سنوات من خلال خلق مليون فرصة عمل جديدة. وتحسين ترتيب الأردن في مؤشرات التنافسية العالمية والبيئة والازدهار والاستدامة؛ والتوسع في القطاعات الخدمية والصناعية ذات القيمة المضافة العالية.


يشار إلى أن هذه المراجعة هي الثالثة التي يستكملها الأردن منذ الانضمام إلى المنظمة في العام 2000 وذلك بعد تحقيق النجاح في المراجعة الأولى والثانية في عامي 2008 و2015 على التوالي.

 

اقرأ المزيد : 

اقتصاديون: نحتاج استنفار الجميع لاستقطاب الاستثمارات