بيوت تخلو من "ثقافة الحوار".. تبعات يرثها الأبناء

تعبيرية
تعبيرية

 تشبث بالرأي، وعِناد في الحوار، واطلاق الأحكام على الآخرين، كلها نابعة من أشخاص لديهم الكثير من الأفكار والآراء التي يؤمنون بها، أو توصلوا إليها بعد تجارب خاصة، ويصعب عليهم تغييرها حتى وإن كانت "خاطئة في موقف ما".

اضافة اعلان


كثير من الخبراء يوضحون بأنه من الممكن أن يكون البعض أكثر مرونة في اتخاذ القرارات وتغيير وجهات النظر من خلال المناقشة مع الأقران أو أشخاص مقربين أو شركاء حياة، لكن هناك من يبقى متمسكا بالرأي، وإن أقر من حوله بأنه مخطئ، لكنه يبقى ثابتاً على رأيه بحجة أنها "وجهة نظر".


ميساء، تتحدث على تجربتها في ذلك وتقول إنها نشأت في بيت يخلو من ثقافة الحوار، وتؤخذ القرارات من طرف واحد من دون نقاش، ورغم اعتراضها على هذه الطريقة إلا أنها وجدت نفسها تتعامل مع صديقاتها بذات المبدأ، ومع أطفالها ايضا، بحجة أنها "تعرف الصواب والخطأ ولا داعي للشرح الكثير وتغيير الرأي الذي يمكن أن يعطي نتائج غير مدروسة"، حسب اعتقادها.


وتبين أنها كانت ترتبط عادةً بفكرة ما، وتؤمن بنظرتها لها، على الرغم من أنها قد لا تمت للحقيقة بصلة، وهذه العادة تحاول اليوم أن تغيرها وتفتح باب الحوار مع الآخرين، بعد أن وجدت أنها طريقة غير منطقية، وتؤذي من تحب، لكنها تعود من جديد إلى التمسك برأيها، لذا تصف نفسها أنها "تعيش في حرب نفسية بين تجاربها السابقة وبين ما تعيشه".


اختصاصي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة يرى أن التمسك بالرأي يأتي بالبداية نتيجة لأسلوب التربية في الأسرة، والتي لا تعطي للرأي الآخر قيمة ولا يؤخذ به أيضا بناء على تجارب سابقة مع أشخاص آخرين وظروف حياتية مختلفة، ليكون ذلك مبني على سلوك وراثي مكتسب من الأهل.


بيد أن مطارنة يعتقد أنه من خلال "التعلم والوعي" يمكن للانسان أن يغير سلوكه، كما يمكن أن يعاين تجارب أخرى تُثبت أن ما توصل إليه في الماضي كان غير صحيح.


في حين يبين مروان والذي يُعرف عنه في عائلته أنه شخص عنيد، كونه لا يغير رأيه بشيء؛ رغم انه يعطي رأيه بعد تفكير عميق بالموضوع ومن زوايا مختلفة، معترفا أنه أحيانا يرفض النقاش لأن اسلوب النقاش يكون "لأجل الفوز وليس الإقناع".


ووفق مطارنة، فان هذه الطبيعة النفسية والتربوية لا تأتي من باب التمسك بالرأي، بل لأن الإنسان يعتقد ان ما يقوله هو الراي الصحيح، ويكون مقتنع تماماً بما يقول، بناء على عوامل نفسية وعقلية وتجارب حياتية، وأن ما يفعله هو الصواب، ويصرّ عليه وكأن هذه الطريقة في التفكير تجعله قادرا على مواجهة كل شيء.


في حين يرى اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي أن الحياة التي يعيشها الفرد في طفولته هي بناء لذاته وافكاره في المستقبل وشيء لا يمكن نكرانه، فالتربية والتنشئة الاجتماعية ليس بالشيء السهل، والتحلي بقيم جديدة تحتاج إلى جرأة وقوة لخوض الجديد والتعرف عليه وقبول ما كان غريبا عنه.


وينصح خزاعي أن يكون الفرد أكثر انفتاحا ويدرب ذاته لسماع الآخرين وهو أول الخيط في العلاقات وبفكرة قبول الرأي الآخر وتغيير القناعات، كذلك فإن النقاشات هي أبواب تمهد للتحاور ولسماع الآخر، وعلى الشخص امتلاك مهارات تفيده لتقبل الآخر وآرائه وتغيير وجهة النظر.


ويرى مطارنة أن القناعات وإن كانت راسخة تتغير، فغالبا تكون عبارة عن منطلقات متعددة الاتجاهات، تصيغها الظروف وطبيعة البشر والمجتمعات.


وينصح مطارنة الانسان بأن يكون اكثر انسجاما مع نفسه ومع الآخرين في النقاشات، والابتعاد عن العناد والتعنت بالرأي. 

 

اقرأ أيضاً: 

ثقافة الحوار.. سلوك سلمي يرتقي بجهود الإصلاح والتنمية

الحوار العقلاني وسيلة للقضاء على ظاهرة العنف