التحديث الاقتصادي: تحقيق الأمن المائي يرتطم بتحدي ضعف الإدارة

مياه تتدفق في بركة زراعية -(أرشيفية)
مياه تتدفق في بركة زراعية -(أرشيفية)
إيمان الفارس - أكدت رؤية القطاع العام المتعلقة بـ "المياه" للعام 2033، سعيها للوصول إلى هدفها الاستراتيجي المتمثل في الأمن المائي، وسط مواجهتها تحديات ترتبط بـ "ضعف إدارة القطاع مائيا وماليا"، وفق خبراء في الشأن المائي. وفيما اقترحت خريطة طريق قطاع المياه مبادرات تمحورت حول ضرورة تلبية الأمن المائي في الأردن، وتمكين الاستخدام المستدام للمياه عبر إدارة الطلب وتقليل مستوى عدم الكفاءة ضمن النظام، أشار المختصون في قطاع المياه لـ "الغد" إلى ضرورة تحقيق الكفاءة المائية والمالية للقطاع، وذلك في سبيل تحقيق الأمن المائي المطلوب. وفي هذا السياق، قال خبير المياه الدولي دريد محاسنة إن الإدارة المائية "غير قادرة على توفير موارد مائية إضافية"، منبها من خطورة هذا الأمر، لاسيما وأنه يجعل الأردن أكثر اعتمادا في تلبية احتياجاته المائية على دول مجاورة. وانطلق محاسنة من هذا التحدي الكبير نحو اقتراح ضرورة فتح الفرص اللازمة عبر الاستثمارات والتشارك مع القطاع الخاص في بعض المجالات، مثل المساندة في حفر الآبار وغيرها، محذرا من أن استمرارية عدم التمكن من تأمين كميات المياه اللازمة سينعكس سلبا على الأردن من خلال الهجرة المعاكسة. وانتقد عدم القيام بتعزيز الجانبين التشريعي والقانوني للمحافظة على المياه، خاصة فيما يرتبط بالاستعمالات غير المشروعة أو الاعتداءات على مصادر المياه، منبها من التداعيات التي قد يشهدها القطاع في حال لم يتحول للطاقة البديلة، في الوقت الذي تبلغ فيه فاتورة المياه نحو 220 مليون دينار سنويا من الطاقة. من ناحيتها، أكدت الخبيرة في قطاع نوعية المياه سوزان الكيلاني أن خريطة الطريق المقترحة بخصوص القطاع المائي، تعكس تطلعات للوصول الجيد في كفاءة استخدام المياه بكافة أنواعها، سواء المنزلية أو الزراعية وغيرها، مشيرة إلى أن الكفاءة المقصودة بالخطة؛ تعني تخفيف استهلاك واستنزاف ومصاريف وكلف المياه من ناحية، وتعظيم الإيرادات من أخرى. وأشارت الكيلاني إلى ضرورة إجراء دراسة لأوجه الهدر المختلفة للمياه، خاصة المرتبطة بكلف الكهرباء، وعدم التفكير في قضايا التشغيل والعمليات التابعة لسلطة المياه وعدم تقصي مراكز التكلفة وتخفيضها. ودعت إلى ضرورة محاكاة أساليب حديثة في إنتاج المياه محليا كالاستفادة من تكنولوجيا تحويل الرطوبة للمياه. ورغم أنها اعتبرت أن إدارة المياه "ضعيفة"، إلا أنها أقرت في الوقت نفسه، أن التطلع لإدارة حصيفة لقطاع المياه يتطلب وقتا طويلا جدا كما يحتاج إنفاذا للقوانين. وبينت أنه رغم مساعي قطاع المياه لإنفاذ القانون وإحكام السيطرة على مصادر المياه والبنية التحتية، إلا أن تلك الإجراءات آنية وصارت تتطلب قرع الجرس، في الوقت الذي يتطلب ذلك جهود دولة كاملة بدءا بضبط "المتنفذين"، ومراعاة العدالة في تنفيذ القوانين على الجميع. وفيما يرتبط بالطاقة، اقترحت الكيلاني أن تتم مراجعة كامل العمليات التي تجري في سلطة المياه المرتبطة بإنتاج ونقل ومعالجة واسترجاع أغراضها لكافة الاستعمالات وإعادة هندسة العملية وعملية استهلاك الكهرباء. وأكدت أهمية أن تقوم "جهة وطنية عليا جدا" بمراجعة حيثيات عملية توليد الكهرباء، خاصة فيما يتعلق باتفاقيات توليد وتوزيع الكهرباء، لافتة إلى أن إطار العمل الحالي يساهم في الحد من توليد الطاقة للمشاريع اللازمة. أما الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري ميسون الزعبي، فاعتبرت أن إدارة المياه في الأردن، هي إدارة متكاملة للعرض والطلب، مشيرة إلى أن إدارة الطلب التي اشتملت عليها رؤية القطاع العام، تركز فقط على إدارة الطلب، وهو ما قد يكون عائقا للوصول نحو استدامة الموارد المائية. وكانت رؤية التحديث الاقتصادي اقترحت تقليل نسبة الفاقد من المياه سنويا في المملكة بنسبة 2 %، كجزء من المبادرات المتعلقة بقطاع المياه. ووفق البيانات الإحصائية ذات العلاقة بقطاع المياه، تبلغ نسبة الفاقد من كميات المياه في الأردن 47 %، الأمر الذي يتطلب اتخاذ تدابير صارمة لمعالجة ذلك، إلى جانب إدارة أفضل للطلب. وتعد موارد المياه في البلاد من الأضعف على مستوى العالم، حيث يبلغ المعدل السنوي لهطل الأمطار 95 ملميترا تقريبا، وتشكل المياه الجوفية والسطحية ما نسبته 85 % من المصادر المتاحة. وبلغت مساهمة قطاع المياه في الناتج المحلي الإجمالي، حسب تقديرات العام الماضي، 0.5 % وبقيمة 200 مليون دينار. وأدى الطلب المتزايد على المياه بفعل التحولات الديموغرافية والنمو السكاني إلى انخفاض حاد في وفرة المياه العذبة في المملكة. ودعت الرؤية إلى إطلاق المشروعات الوطنية لتحلية المياه، وتوفير الفرص أمام استثمارات القطاع الخاص، ورفع كفاءة الطاقة المستخدمة في قطاع المياه، وزيادة استخدام الطاقة البديلة واستغلال تخزين المياه لتخزين الطاقة. ومن بين المبادرات التي اقترحتها الرؤية في قطاع المياه، رفع كفاءة استخدام المياه وتحقيق الاستدامة الذاتية المالية، وتطوير المراقبة والتحكم في إدارة العرض والطلب على المياه، وإطلاق برنامج توعية للحفاظ عليها، إضافة إلى تعزيز القدرة على مقاومة المناخ والاستخدام المستدام لها. وانبثقت مخرجات الرؤية عن ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي عقدت بتوجيهات ملكية سامية في الديوان الملكي الهاشمي، على مدى أشهر وبعد نقاشات شارك فيها أكثر من 500 شخص من قادة الفكر والرأي والمتخصصين والمعنيين والخبراء. ووجه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة في حزيران (يونيو) الماضي، إلى البدء بوضع خطة تنفيذية وجدول زمني واضح لتنفيذ مخرجات وثيقة رؤية التحديث الاقتصادي، التي أطلقت برعاية جلالة الملك عبدالله الثاني. وقرر مجلس الوزراء تشكيل فريق وزاري لغايات العمل على إعداد البرامج التنفيذية لرؤية التحديث الاقتصادي يضم وزراء: التخطيط والتعاون الدولي، والدولة لشؤون رئاسة الوزراء، والمالية، والدولة لشؤون المتابعة والتنسيق الحكومي، والاقتصاد الرقمي والريادة، والصناعة والتجارة والتموين، والبيئة، والاستثمار.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان