"التنمر".. منظومة مجتمعية خطيرة تتفشى بكل القطاعات

عمان- الغد- تزداد ظاهرة التنمر خطورة يوما بعد يوم؛ لتجد بيئة خصبة لها في المدرسة والجامعة، الشارع وداخل المنزل وحتى في بيئة العمل لتعم حالة من العنف والاستقواء تصل للمؤسسات وفي جميع القطاعات، سعيا وراء الهيمنة وبدون الأخذ بعين الاعتبار لسيادة القانون.

اضافة اعلان

وأينما تواجد "المتنمر" يحاول فرض قدراته سواء بالاعتداء اللفظي أو الجسدي، ويتبع سياسة الترهيب والتخويف والتهديد، ويتقصد الاستهزاء والتقليل من شأن الآخر. أما المتنمر عليه، فيسيطر الخوف عليه ويصبح أكثر ميلا للعزلة، وفقدان الأمان، ما يضاعف من مشكلاته النفسية، وبالتالي شعوره بالضياع والنقمة على من حوله مع اضطراره لتقديم التنازلات من أجل الحصول على الحماية.

وأظهر تقرير حقوقي أن نحو 34 % من الأطفال يشعرون بالقلق من تعرضهم للتنمر من أطفال ويافعين في سنهم، بينما يشعر 38 % من الأطفال بالقلق من التعرض الى العنف من شخص بالغ.

وبحسب نتائج التقرير، الذي جاء تحت عنوان "أصوات شابة" وأطلقته مؤسسة "إنقاذ الطفل"، فإن 43 % من الأطفال لا يعرفون إلى من يلجؤون عندما يتعرضون للمضايقة، و17 % منهم يشعرون بالقلق من إيذاء أنفسهم.

ويرى الأطفال أن للمعلمين الدور الأهم في الحد من التنمر والاستقواء؛ إذ ترى 78 % من الفتيات أن المعلمين قادرون على إيقاف التنمر مقابل 74 % من الفتيان. ووفقا للتقرير فإن 13 % أقروا بتعرضهم لـ"التنمر" خلال آخر فصل دراسي انتظموا به في المدرسة، بينما أفاد نسبة من الذكور بأنهم تلقوا فيها رسائل بها تهديد وشتائم من أطفال بالغين آخرين. وقال التقرير إن 4 % تعرضوا للاستغلال على الانترنت من شخص بالغ.

ويشمل التنمر اللفظي السخرية والاستفزاز والتعليقات غير اللائقة والتهديد، في حين أن التنمر الجسدي يشمل الضرب والعنف والصفع والطعن، ويأتي التنمر العاطفي من خلال الإحراج الدائم للمتنمر عليه ونشر الإشاعات حوله.

وبحسب خبراء، يتصرف المتنمر بهذه الطريقة من أجل لفت الانتباه وفرض السيطرة على من يرى أنه أضعف منه، ويمكن أن يقوم بذلك بدافع الغيرة أو لأنه تعرض لمثل هذه الأفعال في طفولته، وبالتالي يمارس الظاهرة نفسها على من هو أقل عمرا أو قوة.

ولم يعد سلوك التنمر المتعارف عليه، مقتصرا على مجتمع الطلبة ليكون دلالة على السلوك العداوني؛ إذ إن العديد من الحالات تشير لوجود هذه الظاهرة بين مجتمع المعلمين والإدارات المدرسية، فيحاول المعلم فرض سيطرته على زميله لغايات عديدة مثل الحفاظ على مكتسبات وظيفية، كذلك التنمر على الإدارات المدرسية، وأحياناً حشد الطلاب والمعلمين ضدهم.

ويمتد التنمر ليصل أيضا ليشمل ذوي الإعاقة من خلال اتباع السلوكيات العدوانية ضدهم، تحديدا في المدارس، مما يضاعف من المشكلات النفسية والدراسية لديهم ويمنعهم بالتأكيد من أن يتخطوا أعباء الحياة ويندمجوا فيها.

وفي الملف الذي تنشره "الغد" يتم تسليط الضوء على مختلف أنواع التنمر سواء النفسي وداخل مجتمع الطلبة في المدارس وما بين المعلمين والإدارات المدرسية، كذلك في الشارع والحي، والاستقواء الإلكتروني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، مرورا بالأعمال الدرامية والسينمائية التي سلطت على هذه الظاهرة. ويحاول الخبراء بهذا التقرير التركيز على التنمر بأشكاله وأسبابه وطرق علاجه كافة.